أقلام حرة

مقال للكاتب محمود خليل بعنوان : ( أوقفوا هذه المهزلة )

نشرت صحيفة الوطن مقالاً للكاتب محمود خليل تحت عنوان : ( أوقفوا هذه المهزلة ) ، وفيما يلى أبرز ما تضمنه :

هل يُعقل أن تضع وزارة الأوقاف خطة لخطب الجمعة لخمس سنوات مقبلة؟! إذا كان هناك من يعقل ذلك، فهل بمقدوره أن يستوعب ما أعلنته وزارة الأوقاف من أن الخطة سوف تُعرض على رئاسة الجمهورية للموافقة عليها؟! بصراحة أجد هذا الكلام ضد العقل وعكس المنطق، ولا يصح أن يخرج عن جهة مسئولة، ولا أن يأتى على لسان مسئول.

  1. المفترض أن مناقشة القضايا والهموم الوقتية التى تواجه المسلم إحدى الوظائف الأساسية لخطبة الجمعة، بهدف تصحيح بعض الفهوم الاجتماعية الخاطئة للدين، بالإضافة إلى تفعيل دوره فى مجتمع يشكل الدين ركناً أساسياً من أركان ثقافته. فإذا واجه المجتمع موجة غلاء فلا بد أن يكون لخطبة الجمعة دور فى مواجهتها، وهو ما ينطبق على قضايا أخرى عديدة، مثل احتكار السلع، أو الغش، أو التطرف، وغير ذلك من موضوعات لا يستطيع عاقل أن يقول إن بإمكانه تحديدها على مدار 5 سنوات مقبلة .. فمن الطبيعى جداً أن تجدَّ قضايا وتظهر تحديات جديدة قد تفرض على أئمة المساجد معالجتها فى الخطبة، فلماذا تريد وزارة الأوقاف أن تضيّق واسعاً، وترى فى نفسها مؤسسة قادرة على استشراف الغيب وتوقع المقبل. وكيف لعاقل أن يتصور أن مؤسسة كالأوقاف بمقدورها وضع حسابات دقيقة للمستقبل وهى تائهة فى مواجهة مشكلات الحاضر، وخير مثال على ذلك عجزها عن محاربة الأفكار المتطرفة لبعض السلفيين، حيث لا ترى الوزارة وظيفة لها فى هذا السياق سوى استبعاد الخطباء الذين ينشرون أفكاراً متطرفة، لتحشر أنفها فى مسائل أمنية، ليست بموضوعها، لأن مسئوليتها تتحدد فى تصحيح المفاهيم الخاطئة التى ينسبها البعض للدين، والمساهمة بنشاط حقيقى -وليس دعائياً- فى تجديد الخطاب الدينى.
  2. الأمر الأخطر فى هذا السياق يتحدد فى موضوع عرض خطة الوزارة لخطب السنوات الخمس المقبلة على رئاسة الجمهورية. وهو أمر يسىء إلى الرئاسة لو يعلم شيخ الأوقاف، لعدة أسباب، من بينها أننى لا أفهم علاقة الرئاسة بهذا الأمر، ربما كان معقولاً بدرجة أكبر أن يقول وزير الأوقاف إنه سيعرض خطته على الأزهر أو حتى رئيس الوزراء، لكننى لا أجد علاقة للرئاسة بهذا الأمر، الأهم من ذلك أن مصر ستكون بصدد انتخابات رئاسية جديدة ستُجرى العام المقبل (2018)، إلا أن يكون لدى شيخ الأوقاف معلومات بغير ذلك! نتائج هذه الانتخابات (التى ستجرى عام 2018) هى بالضرورة ليست معلومة لأحد الآن، إلا إذا كانت النتيجة معروفة لدى وزير الأوقاف من «الكونترول»، حتى هذه اللحظة لا يعلم أحد أسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، ناهيك عن أن يعرف اسم رئيس الجمهورية لأربع سنوات (من 2018 إلى 2022)، هى من ضمن السنوات الخمس لخطة الوزارة.
  3. السؤال الذى يطرح نفسه: هل هذا النمط من الأداء يليق بدولة فى حجم مصر؟ إننى أتعجب أشد العجب من أشخاص ينصبون أنفسهم حراساً على محراب الوطنية المصرية، فيصفون هذا بالوطنية، ويطعنون فى وطنية ذاك، فى الوقت الذى يهينون فيه هذا الوطن أشد الإهانة، ولا أجد إهانة يمكن أن تلحق بهذا البلد أشد من هذا النوع من الأداء، لذلك أنصح بوقف هذا الهزل..!
زر الذهاب إلى الأعلى