تحقيقات و تقاريرعاجل

«العائدون».. قنابل الإرهاب المنتظر

مع قرب انتهاء الصراع الدينى والسياسى والطائفى بين الجيش السورى والجماعات والتنظيمات الإسلامية والسياسية، وعودة سيطرة النظام السورى على مفاصل الدولة، ووضع حد لنفوذ المقاتلين بعد هزائمهم المتتالية التى شارفت على الانتهاء، بدءاً من معركة حلب الشهيرة قبل أسابيع، لاح فى الأفق نشوء ظاهرة «العائدين»..

آلاف المصريين يقاتلون فى صفوف التنظيمات المسلحة بسوريا.. بعضهم عاد.. والبعض الآخر فى الطريق

والعائدون هم القوام الرئيسى للجماعات الإسلامية المتطرفة، التى دخلت سوريا طوال السنوات السبع الماضية، قادمين من بلدانهم العربية؛ على رأسها مصر وتونس واليمن والمغرب والجزائر والسودان والعراق وليبيا، ومن بريطانيا وفرنسا وكندا وأمريكا والسويد وبلجيكا والنمسا وألمانيا والدنمارك وبلاد أوروبية أخرى، فضلاً عن عناصر وكوادر من بلاد الشيشان وطاجيكستان وأوزبكستان، الموصوفة بالحديقة الخلفية لروسيا والإمبراطورية السوفيتية السابقة.. الأمر الذى يعطى تفسيراً جانبياً لدخول روسيا على خط المواجهة فى القضاء على هذه الجماعات، إضافة إلى تحالفها الاستراتيجى والتاريخى مع النظام السورى ورئيسه بشار الأسد.

السنوات السبع الأخيرة، ومع التقلبات السياسية والمجتمعية الحادة، التى شهدتها المنطقة العربية، وما يُعرف بثورات الربيع العربى، لا سيما التردى الكبير الذى شهده عدد من الأنظمة، وعلى رأسها مصر جراء ثورة ٢٥ يناير وصعود تنظيم الإخوان لرأس السلطة، إضافة إلى ليبيا واليمن وتونس، نشبت الأزمة السورية، ومع تحويل الصراع فى سوريا من سياسى إلى دينى، نشطت ظاهرة السفر إلى سوريا من جانب تيار الإسلام السياسى وجماعاته القتالية للمشاركة فى الحرب ضد الجيش السورى تحت عناوين الحرب الدينية والطائفية المستعرة.. كانت عمليات السفر والتمويل والتسليح والإقامة والإعاشة والتدريب تتم تحت سمع وبصر عدد واسع من الأنظمة، الأمر الذى سهّل عمليات تكوين التنظيمات الإسلامية المقاتلة، وكان لمصر فى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى نصيب الأسد من سفر هؤلاء المقاتلين الراديكاليين، وسافر الآلاف من جماعات «الإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد»، ومنتسبى «القاعدة»، وأرباب الفكر الداعشى إلى هناك، وكان على رأس هؤلاء القيادى بجبهة النصرة «القاعدة»، أحمد سلامة مبروك، أحد أبرز قيادات تنظيم الجهاد المصرى، الذى قضى فى السجون نحو ٢٠ عاماً، حتى خرج بعد ثورة يناير بعفو رئاسى، ليظهر على يمين زعيم تنظيم النصرة، أبومحمد الجولانى، فى مؤتمر تغيير اسم «النصرة» إلى «جبهة فتح الشام».

 

كان ذلك قبل شهور بعد أن أعلن تنظيم الإخوان، أثناء حكم «مرسى»، مقتل شقيق المتحدث باسم حزب «الحرية والعدالة»، حزب الجماعة فى مصر، لتكشف هاتان الواقعتان عن أعداد بآلاف المصريين المقاتلين فى سوريا.

 

والآن وبعد استتباب الأوضاع فى مصر مع حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وجراء قرب سيطرة الدولة السورية على الأوضاع وهزيمة الجماعات الإسلامية، تبدأ ظاهرة عودة هؤلاء المقاتلين إلى بلادهم، خاصة مصر، وهو ما يعيد إلى الأذهان عودة أزمات العائدين من أفغانستان والبوسنة والهرسك وألبانيا والعراق إلى مصر، وهو ما شكّل أزمات كبيرة للأمن والمجتمع المصرى آنذاك، جراء دخولهم فى مواجهات دموية مع وزارة الداخلية فى التسعينات.. والآن تستعد الدولة المصرية لعودة هؤلاء الذين تتراوح التقديرات الرسمية وغير الرسمية لهم بأرقام بين ٣ آلاف و٢٢ ألف إرهابى عائد، بعضهم تسلمته «القاهرة» فى سرية تامة، وبعضهم تتفاوض حول عودته، وآخرون تنتظرهم الأيام والسنون لعودتهم..

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى