آراء أخرى

تكلفة‭ ‬حزمة‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ومرونة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬عالمية

أكرم القصاص يكتب

بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬القرارات‭ ‬التى‭ ‬وجه‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى،‭ ‬برفع‭ ‬الأجور‭ ‬للموظفين،‭ ‬والحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للأجور‭ ‬والمعاشات،‭ ‬و«تكافل‭ ‬وكرامة»‭ ‬والإعفاءات‭ ‬الضريبية،‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬تأتى‭ ‬ضمن‭ ‬حزمة‭ ‬قرارات‭ ‬تمت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬شهور‭ ‬الحرب‭ ‬التى‭ ‬أكملت‭ ‬عامها‭ ‬الأول‭ ‬نهاية‭ ‬فبراير‭ ‬الماضى،‭ ‬وسبقتها‭ ‬عمليات‭ ‬زيادة‭ ‬للرواتب‭ ‬والمعاشات‭ ‬العام‭ ‬الماضى، ‬بجانب‭ ‬إجراءات‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وهذه‭ ‬القرارات‭ ‬تمثل‭ ‬إدراكا‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬بحجم‭ ‬ارتفاعات‭ ‬الأسعار‭ ‬وانعكاسات‭ ‬التضخم‭ ‬نتيجة‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭.‬

‭ ‬وحسب‭ ‬ما‭ ‬أعلنه‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬معيط،‭ ‬وزير‭ ‬المالية،‭ ‬للزميل‭ ‬أحمد‭ ‬يعقوب‭ ‬فى ‬‮«‬اليوم‭ ‬السابع»‬‭ ‬فإن‭ ‬حزمة‭ ‬تحسين‭ ‬أجور‭ ‬العاملين‭ ‬بالدولة‭ ‬وأصحاب‭ ‬الكوادر‭ ‬الخاصة،‭ ‬والمعاشات،‭ ‬تكلفتها‭ ‬التقديرية‭ ‬نحو‭ ‬150‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬سنويا،‭ ‬وأن‭ ‬توجيهات‭ ‬الرئيس‭ ‬جاءت‭ ‬لاحتواء‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الموجة‭ ‬التضخمية‭ ‬العالمية،‭ ‬وتخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬عن‭ ‬المواطنين‭ ‬وأن‭ ‬التكلفة‭ ‬التقديرية‭ ‬السنوية‭ ‬لزيادة‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للعاملين‭ ‬بالدولة‭ ‬وأصحاب‭ ‬الكوادر‭ ‬الخاصة‭ ‬تبلغ‭ ‬14‭ ‬مليار‭ ‬جنيه،‭ ‬وأن‭ ‬الخزانة‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬تتحمل‭ ‬نحو‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬جنيه‭ ‬لرفع‭ ‬حد‭ ‬الإعفاء‭ ‬الضريبى‭ ‬على‭ ‬الدخل‭ ‬السنوى،‭ ‬وأن‭ ‬زيادة‭ ‬الفئات‭ ‬المالية‭ ‬الممنوحة‭ ‬للمستفيدين‭ ‬من‭ ‬برامج ‬‮«‬تكافل‭ ‬وكرامة»‬‭ ‬بنسبة ‭ ‬25% ‭ ‬شهريا‭ ‬اعتبارا‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬إبريل‭ ‬المقبل،‭ ‬بتكلفة‭ ‬تقديرية‭ ‬سنوية ‭ ‬6‭٫‬5‭ ‬مليار‭ ‬جنيه،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحزمة‭ ‬تتضمن‭ ‬55‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬سنويا‭ ‬لزيادة‭ ‬المعاشات‭ ‬المنصرفة‭ ‬لأصحابها‭ ‬والمستفيدين‭ ‬عنهم‭ ‬بنسبة‭ ‬15%‭ ‬بحد‭ ‬أدنى‭ ‬170‭ ‬جنيها‭ ‬وحد‭ ‬أقصى‭ ‬1635‭ ‬جنيها. ‬

‭ ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬القرارات‭ ‬التى‭ ‬أعلنها ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى،‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وزيادة‭ ‬الرواتب،‭ ‬مستمرة‭ ‬للعام‭ ‬الثانى‭ ‬على‭ ‬التوالى،‭ ‬حيث‭ ‬سبق‭ ‬وتم‭ ‬إقرار‭ ‬حزمة‭ ‬تكلفت‭ ‬60‭ ‬مليار‭ ‬جنيه،‭ ‬تضاف‭ ‬إليها‭ ‬150‭ ‬مليارا‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬هى‭ ‬الزيادة‭ ‬الرابعة‭ ‬للحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للأجور‭ ‬من‭ ‬1200‭ ‬جنيه عام ‭ ‬2014عدة‭ ‬مرات،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬3500‭ ‬جنيه‭ ‬حتى‭ ‬7000‭ ‬جنيه،‭ ‬بجانب‭ ‬الكوادر‭ ‬الخاصة‭ ‬والتعليم‭ ‬والتمريض‭ ‬والأطباء‭.‬

هذه‭ ‬الزيادات‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الدولة‭ ‬لتتناسب‭ ‬مع‭ ‬الموجة‭ ‬التضخمية‭ ‬انعكاسا‭ ‬للأزمة‭ ‬العالمية،‭ ‬بجانب‭ ‬تثبيت‭ ‬سعر‭ ‬الكهرباء‭ ‬للعام‭ ‬الثالث،‭ ‬وتثبيت‭ ‬سعر‭ ‬السولار‭ ‬للمرة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬لجنة‭ ‬التسعير،‭ ‬والفرق‭ ‬تتحمله‭ ‬الموازنة،‭ ‬لضمان‭ ‬عدم‭ ‬رفع‭ ‬أسعار‭ ‬النقل‭ ‬للأفراد‭ ‬والسلع،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬آليات‭ ‬لضمان‭ ‬توازن‭ ‬العرض‭ ‬والطلب،‭ ‬والاستيراد‭ ‬والصناعة‭ ‬المحلية. ‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬ورد‭ ‬فى‭ ‬كلمة‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى،‭ ‬من‭ ‬المنيا،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬يتابع‭ ‬مطالب‭ ‬المواطنين‭ ‬ومعاناتهم‭ ‬من‭ ‬الأسعار،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬عالمية،‭ ‬فإن‭ ‬الدولة‭ ‬تتعامل‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الفئات‭ ‬المختلفة،‭ ‬وحاجاتهم،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬لها‭ ‬تكلفة‭ ‬على‭ ‬الموازنة‭ ‬فإنها‭ ‬ذات‭ ‬أهمية،‭ ‬وأن‭ ‬الدولة‭ ‬تبذل‭ ‬كل‭ ‬جهدها‭ ‬لتخفيف‭ ‬آثار‭ ‬الأزمة. ‬

وعلى‭ ‬مدار‭ ‬عام‭ ‬الحرب،‭ ‬وعامين‭ ‬مع‭ ‬كورونا،‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬تقارير‭ ‬ودراسات‭ ‬لأوضاع‭ ‬السوق‭ ‬واحتياجات‭ ‬ومطالب‭ ‬المواطنين،‭ ‬وأنه‭ ‬يشعر‭ ‬بهم‭ ‬ويتابع‭ ‬ما‭ ‬ينشر‭ ‬فى‭ ‬الإعلام‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل،‭ ‬ويسعى‭ ‬إلى‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع،‭ ‬وحلها،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬منصات‭ ‬سوداء‭ ‬تنشر‭ ‬الكذب‭ ‬والشائعات،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬الإحباط،‭ ‬بينما‭ ‬الدولة‭ ‬لا‭ ‬تخفى‭ ‬أى‭ ‬معلومات،‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬الأزمة‭ ‬الى‭ ‬الآن‭.‬

وبالفعل‭ ‬هناك‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬الشعور‭ ‬بوطأة‭ ‬التضخم،‭ ‬والتعامل‭ ‬معه،‭ ‬وبين‭ ‬التهويل‭ ‬أو‭ ‬نشر‭ ‬الشائعات،‭ ‬ومن‭ ‬يتابع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬سوف‭ ‬يصل‭ ‬لنتيجة‭ ‬مفادها،‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ – ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أزمتين‭ ‬كبيرتين – ‬كان‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬حزم‭ ‬حماية‭ ‬اجتماعية‭ ‬متتالية،‭ ‬ولمرتين‭ ‬خلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عام،‭ ‬الأولى‭ ‬كانت‭ ‬فى‭ ‬إفطار‭ ‬الأسرة‭ ‬المصرية‭ ‬إبريل‭ ‬الماضى،‭ ‬والثانية‭ ‬فى‭ ‬المنيا‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع،‭ ‬وقبلها‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬حزم‭ ‬حماية‭ ‬وتخصيص‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬لمواجهة‭ ‬تداعيات‭ ‬كورونا،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬فى‭ ‬رفع‭ ‬الأجور‭ ‬والمعاشات‭ ‬مرتين،‭ ‬وفى‭ ‬هذا‭ ‬إجابة‭ ‬عن ‬سؤال‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬الذى‭ ‬يمتلك‭ ‬مرونة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أوضاع‭ ‬استثنائية،‭ ‬لها‭ ‬تأثيراتها‭ ‬الواضحة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بدرجات‭ ‬متفاوتة‭.‬

زر الذهاب إلى الأعلى