تحقيقات و تقاريرعاجل

حول قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام .. والتأثيرات المترتبة على القرار

أعلن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ” جيروم باول ” خلال مؤتمر صحفي يوم (30) أكتوبر عن خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام ، مؤكداً أن الهدف من ذلك هو الحفاظ على قوة الاقتصاد الأمريكي ، مشيراً إلى أن لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي وافقت خلال اجتماعها على خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في المائة (25 .0 %) لتتراوح بين (1.5٪ – 1.75٪ ) .

يأتي القرار نتيجة لتصويت ( لجنة السوق المفتوحة ) بالمجلس ، وهو ما يتوافق مع توقعات الأسواق المالية ، ويحدد هذا السعر ما تفرضه البنوك على بعضها البعض مقابل الإقراض ، كما تؤثر الفائدة على ( تكلفة القروض العقارية / بطاقات الائتمان / سائر أنواع القروض) ، ويأتي ذلك مع استمرار تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وسط النزاعات ( الحرب ) التجارية المتواصلة وضعف مستوى النمو العالمي .. كما  أنه ليس واضحاً ما إذا كانت هذه الخطوة ستكون كافية لتفادي إجراء خفض آخر لسعر الفائدة في ديسمبر المقبل أم لا. 

أسباب لجوء الاحتياطي الفيدرالي لخفض سعر الفائدة:

يرتبط قرار خفض سعر الفائدة بشكل مباشر بأن تكون حالة الاقتصاد في الدولة ضعيفة فتلجأ الحكومة إلى خفض الفائدة حتى تنعش اقتصادها ، ولكن في الحالة الأمريكية الأمر مختلف ، حيث إن اقتصاد الولايات المتحدة في الأساس اقتصاد قوي ، لكنها تلجأ لخفض أسعار الفائدة للأسباب الآتية :

1 – الاعتقاد بأن معدلات الفائدة المنخفضة ستساعد في الفوز بالحرب التجارية ضد الصين .

2 – رغبة الولايات المتحدة في أن يكون الدولار أضعف ، فعندما تكون معدلات الفائدة منخفضة فإن النظريات الاقتصادية تشير إلى أن الأموال تميل للخروج من الولايات المتحدة لأماكن تقدم معدلات عوائد أفضل ، وتتطلب التدفقات الرأسمالية الخارجة بيع العملة الأمريكية ، الأمر الذي يدفع قيمة الدولار للهبوط وبالتالي يتسبب في جعل صادرات الولايات المتحدة أرخص والواردات أكثر تكلفة .

3 – مكافحة الضرر الاقتصادي الناجم عن الحرب التجارية ، حيث إنه من المتوقع أن يعاني المصنعون الأمريكيون من الرسوم على الصلب والمدخلات الأخرى ، في حين سيتأثر مزارعو الولايات المتحدة سلباً من الردود الانتقاميــــة من جانب الصيــن والدول الأخـــرى الغاضبة من سياســـات ” ترامب ” ، ويترتب على ذلك حدوث تباطؤ في الاقتصاد أو حالة من الركود .

4 – من بين العوامل أيضاً التي تقف وراء القرار ، الإشارة إلى تعليق الآمال على توقيع الولايات المتحدة والصين اتفاقاً مبدئياً والدعوة لهدنة في حربهما التجارية .

النتائج التي ترتبت على قرار خفض الفائدة:

1 – هبوط الدولار مقابل سلة العملات الرئيسية ، مع الإشارة إلى توقف محتمل في دورة التيسير النقدي – هي إحدى الآليات التي تلجأ إليها البنوك المركزية من ضمن السياسات النقدية بهدف تحفيز النمو الاقتصادي ، وهذه العملية تقضي بضخ الأموال وزيادة السيولة في الأسواق خلال فترات الركود من أجل تحريك عجلة الاقتصاد ، ولتحقيق ذلك يقوم البنك المركزي بطباعة النقود ، ثم يشتري الأصول وسندات الخزانة من المؤسسات الحكومية والبنوك ، وبالتالي زيادة المعروض المالي ، الأمر الذي يؤدي لانخفاض معدلات الفائدة وتزايد الاقتراض والاستثمار والإنفاق ، ومن الآثار السلبية لذلك إمكانية زيادة التضخم بوتيرة سريعة ، فقد تكون الظروف الاقتصادية غير قادرة على التأقلم مع المعطيات المالية الجديدة – .

2 – ارتفاع أسعار الذهب مع تراجع الدولار ، وذلك لانخفاض تكلفة تمويله مع انخفاض أسعار الفائدة ، لكن مع الإشارة إلى توقف دورة التيسير النقدي ، حيث ارتفع الذهب في المعاملات الفورية ( 0.1% ) إلى (1496.94 ) دولار للأونصة ، وصعدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب (0.2% ) إلى (1499.7 ) للأونصة .

3 – ارتفاع أسعار المعادن النفيسة الأخرى ، حيث ارتفع البلاديوم (0.4 % ) ، وزادت الفضة (0.3 % ) ، والبلاتين (0.2% ) .

تأثير القرار على الاقتصاد المصري:

لم يتم حتى الآن  اتخاذ أي إجراء رسمي تجاه قرار الاحتياطي الفيدرالي ، لكن من المتوقع أن يقوم البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة على الجنيه المصري ، واتخاذ سياسة نقدية تيسيرية تستهدف التحكم في استقرار معدل التضخم وفي نفس الوقت إعطاء الاقتصاد جرعة تنشيطية خوفاً من الانزلاق في منطقة ركود .. جدير بالذكر أن  لجنة السياسات بالبنك المركزي المصري أصدرت قراراً يوم الخميس (26) سبتمبر 2019  بخفض سعر الفائدة على ( الإيداع / الإقراض ) بنسبة (1%) في البنوك لتسجل (13.25% ) على الإيداع ، و (14.25% ) على الإقراض ، وذلك للمرة الثالثة منذ بداية العام الجاري ،  وذلك نظراً للأسباب التالية ( التراجع والانخفاض الكبير في معدلات التضخم / استمرار الارتفاع لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي / انخفاض معدل البطالة / خفض أسعار الفائدة في عدد من الأسواق العالمية الكبرى ) .

يذكر أن لجنة السياسات بالبنك المركزي المصري تعقد اجتماعاً شهرياً يوم الخميس الأخير من كل شهر ، من أجل إصدار قرار بتحديد سعر الفائدة على ( الإيداع / الإقراض ) ، سواء برفعه أو خفضه أو الإبقاء عليه كما هو  ، على أن تقوم جميع البنوك المصرية بتطبيق ذلك القرار بدءً من يوم الأحد التالي لصدور القرار .

ردود فعل عدد من الدول خاصة العربية والخليجية تجاه القرار

تفاعلت البنوك المركزية للدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي مع القرار ، وفيما يلي الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية لتلك الدول :

(( مصرف الإمارات المركزي ))

خفض سعر إعادة الشراء لاقتراض السيولة قصيرة الأجل بـ (25) نقطة أساس ، وخفض أيضاً سعر الفائدة على شهادات الإيداع بـ (25) نقطة أساس . 

(( مؤسسة النقد العربي السعودي ))

أعلنت أنها خفضت أسعار الفائدة الرئيسية عقب القرار ، حيث خفضت سعر إعادة الشراء المستخدم في إقراض البنوك إلى (225) نقطة أساس بدلاً من (250) نقطة أساس ، وسعر إعادة الشراء العكسي المستخدم في ودائع البنوك التجارية لدى البنك المركزي بالهامش ذاته إلى (175) نقطة أساس .

(( البنك المركزي الكويتي ))

قرر خفض سعر الفائدة إلى ( 2.75% ) بدلاً من (3%) ، وأعلن أن هدف القرار هو تخفيض تكلفة الاقتراض بالدينار الكويتي ، وتوفير بيئة داعمة للاستثمار .

(( مصرف قطر المركزي ))

خفض أسعار الفائدة الرئيسية (25) نقطة أساس ، وخفض سعر فائدة الإقراض إلى (4.25 %) ، وسعر إعادة الشراء إلى (2%) وسعر فائدة الإيداع إلى (2%) .

(( مصرف البحرين المركزي))

خفض جميع أسعار الفائدة الرئيسية لديه بنسبة (25) نقطة أساس ، حيث خفض سعر الفائدة الرئيسي على ودائع أسبوع واحد إلى (2.25%) ، وعلى ودائع ليلة إلى (2%) ، وعلى ودائع شهر إلى (2.6%) ، وقلص سعر الإقراض إلى (4%) بدلاً من (4.25%) .

(( البنك المركزي الأردني ))

خفض أسعار الفائدة بنسبة (0.25%) ، لتصبح (4%) ، وأوضح أن تلك الخطوة تهدف لتشجيع الاستهلاك المحلي والاستثمار الضروريين لتحفيز النمو الضعيف .

نبذة مختصرة عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي:

الاحتياطي الفيدرالي هو البنك المركزي للولايات المتحدة ، وهو ليس وكالة حكومية ، ولكنه يتكون من (12) مصرفاً إقليمياً مملوكين جميعاً للقطاع الخاص ، ويتولى مجلس الاحتياطي الفيدرالي تنظيم النظام النقدي والمالي في الولايات المتحدة ، ويتكون نظام الاحتياطي الفيدرالي من ( وكالة حكومية مركزية في واشنطن العاصمة / مجلس المحافظين / 12 بنك احتياطي اتحادي إقليمي في المدن الرئيسية في جميع أنحاء الولايات المتحدة ) .

يقوم نظام الاحتياطي الفيدرالي بـ (5) وظائف عامة هي ( تنفيذ السياسة النقدية للبلاد / تنظيم المؤسسات المصرفية / رصد وحماية حقوق الائتمان للمستهلكين / الحفاظ على استقرار النظام المالي / تقديم الخدمات المالية للحكومة الأمريكية ) ، وتم تأسيس الاحتياطي الفيدرالي من خلال قانون مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي وقع عليه الرئيس ” ودرو نيلسون ” في (23) ديسمبر 1913 ، ويتمتع الاحتياطي الفيدرالي بسلطة واسعة للعمل على ضمان الاستقرار المالي .

 

زر الذهاب إلى الأعلى