أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بما وصلت إليه العلاقات الثنائية بين مصر وقبرص، وما جرى إنجازه على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية؛ مشيرًا إلي أن الاجتماع الأول لتدشين اللجنة الحكومية العليا بين مصر وقبرص -الذي ترأسه الرئيس ونظيره القبرصي – “خطوة مهمة في العلاقة بين البلدين”.
وأضاف الرئيس السيسي- في كلمته خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نيكوس أناستاسياديس رئيس الجمهورية القبرصية- أن اللجنة ستصبح إطارا للتعاون الثنائي بين البلدين، وستحقق نقلة نوعية بين البلدين؛ لمواجهة التحديات وستكون خطوة ملموسة في التعاون على كافة الأصعدة.
وإلي نص الكلمة..
فخامة السيد/ نيكوس أناستاسياديس
رئيس جمهورية قبرص الصديقة،
إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أرحب بكم اليوم في القاهرة ضيفاً عزيزاً على مصر وشعبها، في إطار حرصنا المستمر على التشاور وتبادل الرؤى ووجهات النظر حول مختلف الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وكذا العمل على مزيد من تعزيز علاقات التعاون بين مصر وقبرص، وبما يحقق مصالحنا المشتركة ويعضد من جهودنا لمواجهة التحديات الماثلة في منطقتنا، ويسهم في تحقيق الاستقرار والأمن والرفاهية لشعوبنا.
فخامة الرئيس،
لا يخفى عليكم مدى تثميننا للعلاقات الخاصة التي تربط بلدينا، والتي تقوم على أرضية صلبة من التمازج الحضاري الذي ميز علاقات الشعبين المصري والقبرصي تاريخياً. كما إنني فخور بالعمل الذي قمنا به سوياً على مدى السنوات الماضية نحو تدعيم وتطوير صداقتنا التقليدية، إذ شهدت تلك الفترة بلا شك تنامياً ملحوظاً في حجم التعاون والتنسيق بين بلدينا حيال العديد من الملفات والقضايا وعلى مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، سواءً كان ذلك على المستوى الثنائي أو في إطار آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، على نحو جعل من هذا التعاون الفريد نموذجاً يُحتذى به في كيفية تحقيق التكامل على المستوى الإقليمي.
وفي إطار التزامنا بالاستمرار على هذا النهج في تقوية أواصر صداقتنا، يسعدني أن أعلن عن اتخاذنا لخطوة مهمة وأكثر تقدما على صعيد توليد مزيد من الزخم في علاقاتنا الثنائية، حيث ترأست اليوم مع فخامة الرئيس الاجتماع الأول لتدشين اللجنة الحكومية العليا بين البلدين، لتصبح إطارا لمتابعة مسارات التعاون الثنائي على أعلى مستوى في البلدين في توقيت مفصلي ومهم، إذ نسعى لتحقيق نقلة نوعية في وتيرة هذا التعاون في خضم تحديات إقليمية ودولية هائلة لا تخفى على أي منا، وإنني على ثقة في أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاس إيجابي ملموس على مجمل العلاقات بين البلدين من حيث تعميق وتكثيف مسارات العمل المشترك في مختلف المجالات؛ السياسية والاقتصادية والتجارية والزراعية والسياحية، فضلاً عن أن اللجنة العليا ستكون محفلاً هاماً لتبادل وجهات النظر تجاه القضايا الإقليمية بشكل دوري ومستمر.
السادة الحضور،
إن الشراكة الاستراتيجية التي قمنا بتأسيسها في شرق المتوسط تستوجب تنسيقا دائماً يهدف إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي، والالتزام بالدعم المتبادل إزاء كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وفي هذا الإطار فقد أجريت اليوم على هامش الاجتماع الأول لتدشين اللجنة العليا للتعاون بين مصر وقبرص، مباحثات مثمرة وبناءة مع فخامة الرئيس القبرصي، شهدت توافقاً ملحوظاً في وجهات النظر حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك التي ناقشناها؛ حيث أكدت لفخامة الرئيس خلال المباحثات على الموقف المصري الثابت إزاء الوضع في منطقة شرق المتوسط والقضية القبرصية، والمستند إلى ضرورة التزام كافة الدول باحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، خاصة مبادئ عدم التدخل في الشئون الداخلية واحترام السيادة والمياه الإقليمية للدول، وأهمية احترام الحقوق السيادية لدول المنطقة اتصالاً بمسألة التنقيب عن الغاز الطبيعي والثروات الهيدروكربونية في مناطقها الاقتصادية الخالصة طبقاً للقانون الدولي واتفاقيات تعيين الحدود البحرية ذات الصلة. كما أكدت لفخامة الرئيس على موقف مصر الثابت من مساعي تسوية القضية القبرصية وفق مقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشدداً على تضامننا مع قبرص حيال أية ممارسات من شأنها المساس بالسيادة القبرصية أو محاولات فرض أمر واقع مستحدث بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن، وبما يقوض فرص التوصل لتسوية القضية القبرصية على أساس وحدة الجزيرة والأطر التي توافق المجتمع الدولي عليها لحل القضية.
واستمراراً لخطنا الثابت في تعزيز العلاقات مع شركائنا في إقليم المتوسط، فقد توافقتُ وفخامة الرئيس القبرصي حول أهمية تعزيز الآلية القائمة للتعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان لمواصلة التنسيق السياسي والتعاون الفني بين الدول الثلاث، وضرورة العمل على تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الآلية التي تجمع دولنا الثلاث تحديداً بحكم تفرُد تلك العلاقة. وفي هذا السياق فقد اتفقنا على أهمية التحضير الجيد للقمة الثلاثية القادمة والمقرر أن تنعقد في اليونان في أكتوبر 2021.
وعلى الصعيد الإقليمي، تناولت مباحثتنا اليوم آخر التطورات ذات الصلة بالملف الليبي، فاتقفت رؤانا على ضرورة عقد الانتخابات الليبية في الموعد المحدد لها في ديسمبر القادم، مع التشديد على أهمية خروج كافة القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، وعودة ليبيا إلى أيدي أبنائها ليصونوا مقدراتها ويبنوا مستقبلها بإرادتهم الوطنية المستقلة دون تدخلات خارجية.
وفي هذا السياق، تناولت مباحثاتنا كذلك آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أكدتُ لفخامة الرئيس القبرصي على ضرورة تضافر الجهود الدولية لتقديم الدعم اللازم لقطاع غزة المتضرر بشدة من جراء الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، وكذا العمل على عودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مجدداً إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى تسوية نهائية تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية.
وفي هذا الصدد أطلعت فخامة الرئيس القبرصي على جهودنا المستمر للتوصل إلى حل عادل لأزمة سد النهضة، وجهودنا لاستئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق قانوني وملزم لملء وتشغيل السد، مؤكداً أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بدور جاد في هذا الملف حفاظاً على استقرار المنطقة.
فخامة الرئيس،
اسمحوا لي ختاماً أن أرحب بكم مجدداً في القاهرة، معرباً عن تطلعي لأن تشهد الفترة القادمة مزيداً من التعاون والتنسيق بين مصر وقبرص، بما يحقق الرخاء والازدهار لشعبينا الصديقين، ويولد مزيداً من الزخم لشراكتنا الاستراتيجية وللصداقة التقليدية التي تجمع بين شعبينا وبلدينا.
وشكراً.