روبرت فيسك: لماذا اتفقت السعودية وإسرائيل على غلق «الجزيرة»؟
بعد أن أدرجت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب غلق قناة "الجزيرة" على قائمة شروطها للمصالحة مع قطر، أعلنت إسرائيل في السادس من أغسطس الجاري اعتزامها إغلاق مكتب القناة القطرية بتهمة "دعم الإرهاب".
ونشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، مقالًا للكاتب روبرت فيسك، يشرح فيه السر وراء اتفاق كل من السعودية وإسرائيل على إغلاق قناة "الجزيرة" القطرية.
حيث أكد "فيسك" أن اتفاق كل من السعودية وإسرائيل على غلق قناة الجزيرة القطرية، يعني التأكيد أنها تقوم بأمر جيد، مضيفًا أن التحالف بين السعودية وإسرائيل في النهاية يعد بطريقة أو بأخرى إنجازًا.
وأشار إلى أن هذا الاتفاق "السعودي الإسرائيلي" ليس جديدا، فعندما يقع أغنياء السعودية فريسة للمرض، فغالبًا ما يسافرون بطائراتهم الخاصة إلى تل أبيب للعلاج في أفضل مستشفياتها، مضيفًا أنه عندما تقلع المقاتلات السعودية والإسرائيلية في الجو، فإنها تستهدف الشيعة فقط سواء كانوا في اليمن أو سوريا.
وتابع "كذا عندما يشير الملك سلمان إلى إيران باعتبارها التهديد الأكبر لأمن الخليج، بالتأكيد سنرى نتنياهو يفعل المثل، ولكن يبدل (أمن الخليج) بـ(أمن إسرائيل)، إلا أنه من الغريب أن تدعم بلد الحريات ومنارة الديمقراطية وحقوق الإنسان المزعومة "إسرائيل"، محاولات السعودية لقمع حرية الإعلام".
ولفت الكاتب إلى أن أيوب كارا وزير الاتصالات الإسرائيلي، يرى في قرار غلق مكتب الجزيرة بإسرائيل "كفرصة لزيادة موضوعية القنوات الموجودة في إسرائيل" أو بمعنى آخر إخضاع تلك القنوات للسلطات الإسرائيلية".
كان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، اتهم "الجزيرة" بالتحريض على العنف في القدس، إلا أن هذا الأمر معتاد من قبل إسرائيل، حيث تتهم أي صحفي أجنبي تجرأ على انتقادها بالعداء للسامية والتحريض وغيرها من الأكاذيب.
ويرى "فيسك" أن تغطية الجزيرة للأوضاع في إسرائيل مثيرة للشفقة، وتدور حول تملق وتودد الدولة العبرية، الأمر الذي ظهر جليًا بعد أن أبدت مذيعة في القناة القطرية تعازيها للمتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية على الهواء مباشرة، عقب وفاة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون والمتسبب في قتل نحو ألف و700 فلسطيني في مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982.
ومع ذلك استقى "كارا" أسبابه الجدلية لإغلاق "الجزيرة" من العرب، حيث أكد أنه يجب اتخاذ خطوات لمواجهة "وسائل الإعلام التي صنفتها العديد من الدول العربية بالداعمة للإرهاب".
وأبدى "الكاتب" تعجبه من تلك الأسباب متسائلًا "هل أصبحت إسرائيل تأخذ دروسًا في حرية الإعلام من الدول العربية؟"، مؤكدًا أنه من الممكن أن يحدث هذا، ففي حالة وجود تحالف غير مكتوب بين السعودية وإسرائيل، فإن كل الخيارات متاحة.
ونوه بأنه بعد اتهام إسرائيل للجزيرة بدعم الإرهاب، يجب أن نتساءل أولاً، لماذا صدرت دول الخليج السنية مقاتليها وأموالها لأكثر الجماعات الإسلامية السنية شراسة في المنطقة؟ ولماذا لا توجه إسرائيل مدافعها لتلك الجماعات.. بل إنها فتحت مستشفياتها لاستقبال مقاتلي جبهة النصرة أو يمكن تسميتها "تنظيم القاعدة"، وفي الوقت نفسه تهاجم حزب الله؟
الكاتب أضاف "لا يجب أن ننسى أن أمريكا ورئيسها (المخبول) وإدارته الغريبة، جزء من هذا التحالف السعودي الإسرائيلي المضاد للشيعة، فصفقة الأسلحة الأمريكية للسعودية بقيمة 350 مليار دولار، وعدائه لإيران، وكراهيته الواضحة للصحف العالمية والقنوات التلفزيونية تجعله جزءًا لا يتجزأ من هذا التحالف".
ويرجع هذا التحالف الأمريكي السعودي الإسرائيلي لعهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، والذي كان يكره إيران أيضًا، وتودد للسعودية، كما تحدث مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عن قصف مقر قناة الجزيرة في قطر، إضافة إلى مساعدته لعائلة "بن لادن" للهرب من أمريكا بعد هجمات 11 سبتمبر.
وأكد "فيسك" أن تلك الكراهية للحقيقة ومحاولة إخفائها لا علاقة لها بالشعوب، ولكنها مرتبطة بحكومات تلك الدول، فنتنياهو يريد إغلاق مكتب الجزيرة في القدس، وولي العهد السعودي يرغب في إغلاق مكاتب الجزيرة في قطر، وجورج بوش هو من قصف مكاتب الجزيرة في العراق وأفغانستان.
وحسب الكاتب "قررت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية إخفاء تقارير حكومية عن تمويل الإرهاب، إرضاءً للسعوديين، كما فعل توني بلير منذ عشر سنوات عندما أمر بإيقاف تحقيقات الشرطة عن رشوة السعودية شركة بريطانية متخصصة في إنتاج السلاح".