«حيوان غريب يُشبه القطة»، هي صفات المومياء التي أعلن عنها مؤخرًا الدكتور خالد العناني وزير الآثار، منوهًا إلى أنه سيكشف في نوفمبر الجاري عن نتائج استخدام التصوير المقطعي واختبار الحمض النووي لدراسة الحيوان الغريب المعثور على بقاياه.
ورجح المتابعون أن تكون المومياء لأسد أو لبؤة، فيما ذهبت صحيفة «دايلي إكسبريس» البريطانية لتقول إن هذه المومياء هي أصل تشكيل هيئة تمثال أبوالهول.
وعلى الفور، تناقلت وسائل الإعلام النبأ بشكل سريع، مع التركيز على نقطة كشف المومياء للغز أبوالهول، ما دفع البعض للاعتقاد بأن هيئة التمثال عبارة عن رأس إنسان، لكن جسمه ربما يعود إلى ذلك الحيوان الغريب المكتشف، وهو ما أظهر حقيقته 3 من علماء الآثار.
فيكشف الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار، أن المعثور عليه هو عبارة عن مومياء حيوانية ترجع إلى العصر المتأخر، ولم يتعرف الباحثون على نوعها حتى الآن.
وينفي «حواس» كل ما قيل فيما يخص أن هذه المومياء ستفك لغز تمثال أبوالهول، فليس له أساس من الصحة إطلاقًا حسب قوله: «هي مومياء سواءً لأسد أو لقطة أو لبؤة، هي أمر عادي، اللي اتقال كله هجس».
فيما نوه المؤرخ بسام الشماع، أستاذ علم المصريات، إلى أن الوزير لم يتحدث في شأن أبوالهول مطلقًا، فالصحيفة البريطانية «جوّدت الخبر» حسب تعبيره، فهي كلمة جذابة مثلها كالأهرامات وتوت عنخ آمون ورمسيس ووادي الملوك، جميعها
ويعتبر «الشماع»، أن فكرة القطة الكبيرة لها وقفة، فالأسد كان يُعبد في مصر القديمة، واُستخدم في النصوص المقدسة، ويؤخذ في أكثر من نص ويُنظر إليه في مواضع عدة، وفي بعض الأحيان نجد عمل عبارة عن أسدين رابضين متصلين ببعضهما البعض، وظهرهما في ظهر بعض.
ويوضح «الشماع» أن الأسد ظهر ضمن الرسومات وكان يجري بجوار الملك، وهو ما يطرح التساؤل حول فكرة ترويضه إذا صح الأمر، وعلى الجانب الآخر ألمح إلى أن بعض الباحثين الأجانب يظنون أن جسد أبوالهول ليس لأسد، لكن لم يثبتوا هذا.
ويشير «الشماع» إلى أن فكرة الأسد متواجدة قبل بناء أبوالهول، فكان الحيوان مستعمل في الديانة المصرية القديمة وأوجدها الكهنة، في صور مزج بين الحيوانات، كما هو في معبد الكرنك بوضع رأس الكبش على جسد الأسد، كما سبقه وضع رأس الحيوان على جسد الإنسان.
والبحث في عما إذا كان جسد أبوالهول ليس لأسد يحتاج لمجهود كبير حسب قول «الشماع»، خاصةً وأن أغلب التماثيل وُجدت لفكرة أبوالهول، فكانت غالبيتها حيوانات تنتمي للعائلة القططية، فنرى الفهد مرسومًا في بعض الأعمال.
ويرى «الشماع» أن تمثال أبوالهول جاء متفردًا، فهو رأس إنسان على جسد حيوان وليس العكس، وهو النمط الذي لم يكن شائعًا آنذاك: «المعبود سوبك كان عبارة عن جسم إنسان ورأس تمساح»، وهو لغز غير معروف حله إلى الآن.
من جانبها، تقول الدكتورة سامية الميرغني، خبيرة صيانة المومياوات ومدير عام بوزارة الآثار سابقًا، إن تحديد نوع الحيوان أو فصيلته ما زال في مرحلة البحث، لأنه يتطلب دخول الأشعة مقطعية وتحليل الحامض النووي في الأمر.
وتضيف «الميرغني»، لـ« »، أن الأمر تظهر حقائقه من خلال التعرف على زمن المقبرة المكتشفة، حتى يتسنى العلم بأسبقية الحجر أو المومياء المُحنطة، شارحةً: «مثلًا لو وجدنا بقرة وطفل في وضع الرضاعة من ضرع البقرة في جبانة مما قبل التاريخ، وقبل ظهور الآلهة حتحور برأس البقرة، يعني الدفنة تجسد الأسطورة قبل تمثال تحتمس الثالث وتمثال بسماتيك الأول الموجودين بالمتحف المصري، وفي كليهما الملك يرضع من الآلهة حتحور».
وترجح «الميرغني» أن يرجع تحنيط مومياء أسد أو لبؤة أو فهد أو نمر في مقبرة لهدف ديني في الغالب، فالبؤة هي رمز الآلهة سخمت، والأسد أحد الرموز المقدسة للملك، والفهد رمز مقدس للكهنة الذين ارتدوا جلده، مع التعرف على وظيفة صاحب المدفن ليربطوا بينه وبين وجود هذا الكائن معه، معتبرةً أن إرفاق الصحيفة البريطانية الخبر بتمثال أبوالهول مجرد دعاية.