اقتصاد وأعمالعاجل

تأثير العولمة على التكنولوجيا.. تقرير حديث لصندوق النقد الدولى

كشف تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولى عن انتشار التكنولوجيا فى العالم وانتقالها سريعا من دولة لأخرى ، فأنتجت الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة (مجموعة الخمسة) فى الفترة 1995-2014 ثلاثة أرباع المجموع الكلى للابتكارات المسجلة كبراءات اختراع على مستوى العالم.

ووفقا للتقرير هناك بلدان كبيرة – من أبرزها الصين وكوريا – بدأت تقدم مساهمات مهمة فى رصيد المعرفة العالمى خلال السنوات الأخيرة ، حيث انضمت إلى الخمسة بلدان الرائدة فى عدد من المجالات. وبينما يشير هذا إلى أن هذه البلدان ستصبح مصادر مهمة للتكنولوجيا الجديدة فى المستقبل ، فإن مجموعة الخمسة ساهمت بالنصيب الأكبر فى أحدث التكنولوجيات خلال الفترة التى تغطيها الدراسة.

العولمة تدفع التطور التكنولوجى             

 

وتشير الكثافة المتزايدة للتدفقات المعرفية العالمية إلى المزايا المهمة التى تحققها العولمة ، فرغم الانتقادات الكثيرة التى توَجه إلى العولمة بسبب آثارها السلبية المحتملة، تشير الدراسة إلى أنها حققت زيادة فى انتشار التكنولوجيا عبر الحدود بطريقتين ، أولا أتاحت العولمة للبلدان الحصول على المعرفة الأجنبية بسهولة أكبر. ثانيا تعمل العولمة على تعزيز المنافسة الدولية ، بما فى ذلك ما تحقق من زيادة فى المنافسة نتيجة صعود نجم شركات الأسواق الصاعدة ، الأمر الذى يعزز الحوافز الدافعة للشركات كى تبتكر وتعتمد التكنولوجيات الأجنبية. 

وكان التأثير الإيجابى كبيرا على اقتصادات الأسواق الصاعدة بشكل خاص ، وهى الاقتصادات التى تزايد استخدامها للمعرفة والتكنولوجيا الأجنبية المتاحة لدعم قدراتها الابتكارية ونمو إنتاجية عمالتها. التدفقات المعرفية من رواد التكنولوجيا قد ولَّدت نموا سنويا فى إنتاجية العمالة يقدر بحوالى 0.7 نقطة مئوية على مدار الفترة 2004-2014 فى متوسط قطاعات هذه البلدان.

ويعادل هذا حوالى 40% من متوسط نمو الإنتاجية المشاهَد على مدار الفترة 2004-2014. ونخلص إلى أن أحد العوامل المهمة التى ساعدت على تراكم القدرات الابتكارية فى اقتصادات الأسواق الصاعدة هو مشاركتها المتنامية فى سلاسل العرض العالمية مع الشركات متعددة الجنسيات ، وإن كانت الشركات لم تستفد كلها من هذا التطور لأن الشركات متعددة الجنسيات تقوم فى بعض الأحيان بإعادة توزيع بعض النشاط الابتكارى على أجزاء أخرى من سلسلة القيمة العالمية. 

العولمة والأسواق

وجاءت زيادة نقل المعرفة والتكنولوجيا إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة لتعوض جانبا من آثار التباطؤ الذى حدث مؤخرا فى النشاط الابتكارى على صعيد التكنولوجيا الحديثة ولتساعد فى الدفع نحو تقارب مستويات الدخل بالنسبة لكثير من الاقتصادات الصاعدة. وفى المقابل ، كانت الاقتصادات المتقدمة أكثر تأثرا بتباطؤ وتيرة الابتكارات التكنولوجية الحديثة.

وخلص التقرير إلى وجود أدلة تفيد بأن رواد التكنولوجيا أنفسهم يستفيد كل منهم من ابتكارات الآخر. ويشير هذا إلى أنه ، مع تزايد مساهمة الصين وكوريا فى توسيع حدود التكنولوجيا الحديثة ، قد يكون هناك مجال فى الفترة المقبلة لانتقال تداعيات إيجابية من هؤلاء المبتكرين الجدد إلى المبتكرين التقليديين ،فالمعرفة والتكنولوجيا لا تتدفقان فى اتجاه واحد فقط.

العولمة وتحفيز التكنولوجيا

تجلب العولمة فائدة أساسية هى أنها تحفز انتشار المعرفة والتكنولوجيا ،مما يساعد على نشر إمكانات النمو عبر البلدان. لكن الترابط المتبادل لا يكفى بمفرده. فغالبا ما تكون الدراية العلمية والهندسية مطلوبة لاستيعاب المعرفة الأجنبية وامتلاك القدرة على البناء عليها. ولذلك يمثل الاستثمار فى التعليم ورأس المال البشرى وأنشطة البحث والتطوير المحلية أمرا ضروريا لبناء القدرة على استيعاب المعرفة الأجنبية واستخدامها بكفاءة. ويتطلب ذلك أيضا درجة ملائمة من الحماية والاحترام لحقوق الملكية الفكرية – سواء محليا أو دوليا – من أجل الحفاظ على قدرة المبتكرين على استرداد التكاليف مع ضمان دعم المعرفة الجديدة للنمو على مستوى العالم.

ويجب على صناع السياسات أيضا التأكد من وصول منافع النمو الإيجابى المترتبة على العولمة والابتكارات التكنولوجية إلى السكان على نطاق واسع ، وهو ما يشمل التأكد من ألا تستغل الشركات المبتكِرة التكنولوجيا التى حصلت عليها حديثا لممارسة سيطرة مفرطة على السوق بما يلحق الضرر بالمستهلكين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى