نشر معهد (واشنطن لدراسات الشرق الأدنى) تقرير حول نظرة المنظمات الإرهابية (القاعدة / داعش) لتفشي فيروس الكورونا وطرق الاستفادة منه تحت عنوان الإرهاب والكورونا .. مبالغة ومثالية وتجاهل :-
- الـمقدمة
نشر المعهد تقريراً حول موقف الجماعات الإرهابية من أزمة فيروس كورونا ، حيث أكد أنه على الرغم من محاولة كل من تنظيمي ( داعش / القاعدة ) استغلال وباء فيروس كورونا والأوضاع العالمية الحالية ، إلا أنهما يختلفان فيما بينهما في طريقة استغلال تلك الأزمة ، فقد أدى تحول تركيز العالم على مكافحة تفشي وباء كورونا ، إلى توفير مساحات جديدة لتنظيمي ( داعش / القاعدة ) للاستفادة من تفشي الوباء وعمل دعاية ولفت الأنظار وكسب مجندين جدد أو تنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية ، حيث وجه تنظيم داعش رسالة لأعضائه مفادها أن حربهم الشاملة ستستمر ، وأنه في ظل انتشار وباء كورونا فان أنظمة الأمن الوطنية والدولية التي تكتلت لمواجهة التنظيم ستتراجع ، ومن ثم يجب أن يعمل التنظيم على تعظيم استفادته من تلك الظروف.
ذكر المعهد أنه على عكس الخطاب العنيف الذي تبناه تنظيم داعش ، تبنى تنظيم القاعدة خطاباً دينياً يهدف إلى كسب تعاطف المسلمين ، فلم يدعو تنظيم القاعدة أتباعه للقيام بعمليات إرهابية ، وإنما انتقل لتصوير أحوال أتباعه بالأحوال الحالية للشعوب ، من زاوية عدم القدرة على الصلاة بالمساجد أو الحج أو العمرة ، وسوء الأوضاع الاقتصادية ، والترويج أنه تنظيم يهدف لنشر الفكر الإسلامي حول العالم ، ليطالب بعدها رجال الأعمال بالتبرع للتنظيم وأتباعه.
أكد المعهد أنه في حين تبنت القاعدة وداعش استراتيجيات تحمل رسائل مختلفة ، فمن الواضح أن كلا التنظيمين يعملان وفقاً لمبدأ ” استغلال الظروف ” ، فمنهما من يرى أن كسب المتعاطفين يأتي بصورة أكبر بتجنب القيام بعمليات إرهابية وتبني خطاب مثالي ، وبرز هذا في موقف تنظيم القاعدة وسعيه فقط للحصول على تمويل والتأكيد على أنه تنظيم هدفه نشر الدين الإسلامي ، ومنهما من رأى أنه فرصة لمهاجمة السجون والإفراج عن أتباعه والعودة إلى طريق الجهاد مثل موقف تنظيم داعش.
أضاف المعهد أنه في جميع الأحوال ، فإن تلك الجهود المبذولة من قبل الجماعات المتطرفة للاستفادة من تفشي الوباء لاستعادة قوتها ، يجب ألا تمر مرور الكرام دون ردود من قبل المجتمع الدولي حتى في تلك اللحظة الحاسمة ، وأنه في حين يركز المجتمع الدولي على مواجهة تفشي خطر كورونا وإعلان بعض الدول في التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش عن انسحابها من العراق أو إعادة تمركز قواتها ، إلا أنه ينبغي على تلك الدول أن تعمل على توفير مساعدات عسكرية ولوجيستية للقوات والحكومات المحلية التي لعبت دوراً كبيراً في دحر التنظيم وهزيمته في العراق وسوريا ، كما يجب أيضاً على الخصوم مثل الولايات المتحدة وإيران الذين تجمعهم عداوة مع تلك التنظيمات المتطرفة أن ينحوا خلافاتهم جانباً ، وأن يستمروا في التعاون لمواجهة خطر عودة تلك التنظيمات التي لا تمثل تهديداً فقط على أمن المنطقة بل على العالم أجمع.. وفيما يلي تفاصيل ما ذكره المعهد :- - ذكر المعهد أنه ما بين المثالية والمبالغة والتجاهل ، تلخصت نظرة الجماعات المتطرفة والإرهابية لوباء كورونا ، والتحضير لاستغلاله عالمياً ، في محاولة لعمل مزيد من الدعاية وكسب مجندين جدد ، أو تنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية ، أو الحصول على مساحة سياسية جديدة ، ومع ذلك ، يتخذ كل من تنظيم داعش وتنظيم القاعدة مسارات مختلفة في مقاربتهما لما يرونه على أنه دروس مستفادة من تفشي وباء فيروس كورونا ، ففي حين يتفق الطرفان على أن الفيروس هو بمثابة عقاب من الله ، فإن مسألة الاستفادة من نظريات المؤامرة وتمجيد انتشار الوباء يشير إلى وجود اختلاف في الرسائل التي يحاول بثها كلا الطرفين.
- أضاف المعهد أنه بعد الهزائم المتكررة التي لحقت بتنظيم داعش في (سوريا / العراق) وما تلاها من تخبط داخل التنظيم عقب مقتل زعيم التنظيم ” أبو بكر البغدادي ” أدى تحول تركيز العالم على مكافحة تفشي وباء كورونا ، إلى توفير مساحات جديدة لتنظيم داعش للاستفادة من تفشي الوباء ، فعلى الرغم من أن التنظيم لم يهزم بشكل كامل واضطُر أعضائه في معظم المناطق للاختباء ، إلا أنه عاد مرة أخرى مستغلاً تفشي الوباء ، لعمل دعاية له ولفت الأنظار ، فمنذ بداية تفشي الوباء ، أظهرت منشورات داعش اهتماماً كبيراً به وبالتطورات الناتجة عنها.
- أوضح المعهد أنه في مقال افتتاحي في جريدة النبأ ، وجه تنظيم الدولة رسالة لأعضائه مفادها أن حربهم الشاملة ستستمر ، حتى مع انتشار الفيروس ، علاوة على ذلك ، أفاد التنظيم أنه في ظل انتشار وباء كورونا فان أنظمة الأمن الوطنية والدولية التي تكتلت لمواجهة التنظيم ستتراجع ، ومن ثم يجب أن يعمل التنظيم على تعظيم استفادته من تلك الظروف ، وبالفعل ، دفع انتشار فيروس كورونا إلى إعلان التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الذي تقوده الولايات المتحدة في مارس الماضي إلى سحب بعض من قواته في العراق وإعادة تمركزها خوفاً من تفشي فيروس كورونا ، وقد فسر التنظيم انتشار وباء كورونا على أنه غضب من الله ، حيث نشر التنظيم في العدد (220) من الصحيفة مقالاً حمل الآية الثانية عشر من سورة البروج بالقرآن الكريم ((إن بطش ربك لشديد)) وفي العنوان دلالة على أن انتشار الوباء هو عقاب من الله لمن خالفوا النبي وتعاليمه ، وبرر المقال انتشار الوباء بالصين على أنه عقوبة إلهية على ما ارتكبته الصين بحق المسلمين من الإيغور ، ونحو دفع الأتباع والتأكيد أن الوباء هو ابتلاء ومعاونة من الله ، انكر التنظيم في افتتاحية العدد (227) من صحيفة النبأ ، أن يكون الفيروس مختلق ومصنع من دولة ضد أخرى.
- أضاف المعهد أنه في افتتاحية العدد (228) لصحيفة النبأ ، نشر التنظيم مقال بعنوان ” أسوء كوابيس الصليبيين ” ، ناقش فيه حظر التجوال في الدول الغربية وبقاء المواطنين بالمنازل ما يعرض تلك البلدان لخسائر اقتصادية ، مؤكداً على أن الدول الغربية الصليبية ، تأمل في أن يتوقف أتباع التنظيم ونظراءهم عن القيام بعمليات تستهدفهم أو تستهدف حلفاءهم بالخارج ، كما دعا التنظيم إلى إطلاق سراح السجناء من التنظيم القابعين في سجون المشركين ومخيمات الذل ، وبالفعل بدأ تنظيم داعش في تنفيذ تهديداته وشرع في شن هجمات أكثر لتوسيع نفوذه ، لا سيما في المناطق المتنازع عليها في العراق وسوريا.
- اشار المعهد إلى أنه نظراً لأن العراق وسوريا يمثلان المعقل التاريخي للتنظيم ونقاط قوته ، فان ذلك يدفع التنظيم بصورة أكبر لاستمرار تركيزه في المستقبل القريب على هاتان الدولتان ، إلا أن تركيزها على العراق سيكون أكبر ، خاصة في ظل تخفيض القوات الدولية من ناحية ، وفي ظل تجدد الصراع السياسي والعقائدي من ناحية أخرى ، وهو ما يمثل أرضاً خصبة للتنظيم لاستعادة قواعده هناك ، وقد يتجه التنظيم نحو استهداف الدول الغربية من خلال استغلال موقف مجموعات اليمين المتطرف من المهاجرين والأقليات ، خاصة في (فرنسا / ألمانيا / الولايات المتحدة ) ، وإن كان متوقع أن تكون عمليات محدودة الأثر ، ومع ذلك ، قد يمثل الإغلاق الحالي للكثير من المدن الغربية بسبب انتشار فيروس كورونا واختفاء التجمعات العامة التي غالباً ما يستهدفها التنظيم عائقاً أمام تلك العمليات والتي قد تكون ذات تأثير محدود.
- ذكر المعهد أنه على عكس الخطاب العنيف الذي تنباه تنظيم داعش ، تبنى تنظيم القاعدة خطاباً دينياً يهدف إلى كسب تعاطف المسلمين ، حيث أصدر التنظيم بيان بعنوان ” السبيل لخروج البشرية من بطن الحوت .. وصايا ومكاشفات بشأن وباء كورونا ” ، أظهر الخطاب الاستغلالي للتنظيم لمرحلة ما بعد كورونا ، وفى حين أقر الخطاب الانتهازي للقاعدة بالتحديات التي يواجهها المسلمون خلال هذه الفترة ، إلا أنه أشار أيضاً إلى رؤية التنظيم لمرحلة ما بعد كورونا ، وعلى عكس نظيره “داعش ” ، لم يدعو تنظيم القاعدة أتباعه للقيام بعمليات إرهابية ، وإنما انتقل لتصوير أحوال أتباعه بالأحوال الحالية للشعوب ، من زاوية عدم القدرة على الصلاة بالمساجد أو الحج أو العمرة ، وسوء الأوضاع الاقتصادية ، ليطالب بعدها رجال الأعمال بالتبرع للتنظيم وأتباعه.
- أضاف المعهد أنه على خطى داعش ، يرى خطاب تنظيم القاعدة أن انتشار وباء كورونا هو غضب من الله ، ودعا الدول الغربية إلى التحول إلى الإسلام ، وبرر ذلك على سبيل المثال بالقول أن الأثار الاقتصادية الحالية هي نتيجة لاستحلال الربا ، مشيراً إلى أن إجراءات المكافحة الحالية هي الإجراءات التي دعا لها نبي الإسلام من قبل وقت انتشار الوباء ، مضيفاً أن موقف تنظيم القاعدة ، يمكن قراءته من زاويتين ، الأولى أن التنظيم ليس لديه قدرة فعلية في تلك الأوقات على إحداث فارق والقيام بعملية تتناسب مع حجم عمليات التنظيم في الغرب ، والثانية أن التنظيم يحاول كسب أكبر قدر من المتعاطفين في مرحلة ما بعد كورونا ، بتوجيه خطاب تسامحي مقابل خطابات كراهية من بعض مجموعات اليمين المتطرف ، مما يسهل عملية التجنيد ، ويبدو أن هذا الخطاب امتداد للنهج الذي اتبعه ” بن لادن ” قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، والذي كان يركز في المقام الأول على كسب التعاطف بين المجندين المحتملين والمجتمعات المحلية ، ومع ذلك ، أصبحت تلك الاستراتيجية غير ملائمة وفقدت مصداقيتها بشكل أساسي خاصة بعد أن قامت القاعدة بتنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
- أكد المعهد أنه في حين تبنت القاعدة وداعش استراتيجيات تحمل رسائل مختلفة ، فمن الواضح أن كلا التنظيمين يعملان وفقاً لمبدأ ” استغلال الظروف ” ، وهو مبدأ مرهون بأفكار التنظيم والفئة التي يخاطبها ويسعى لتجنيدها ، أي أن استغلال الظرف لدى التنظيمات مرتبط دون انفصال بقاعدة توزان المصالح ، فمنهم من يرى أن كسب المتعاطفين يأتي بصورة أكبر بتجنب القيام بعمليات إرهابية وتبني خطاب مثالي ، وبرز هذا في موقف تنظيم القاعدة وسعيه فقط للحصول على تمويل والتأكيد على أنه تنظيم هدفه نشر الدين الإسلامي ، ومنهم من رأى أنه فرصة لمهاجمة السجون والإفراج عن أتباعه والعودة إلى طريق الجهاد مثل موقف تنظيم داعش.
- أضاف المعهد أنه في جميع الأحوال ، فإن تلك الجهود المبذولة من قبل المجموعات المتطرفة للاستفادة من تفشي الوباء لاستعادة قوتها ، يجب ألا تمر مرور الكرام دون ردود من قبل المجتمع الدولي حتى في تلك اللحظة الحاسمة ، مضيفاً أن الخطاب الإعلامي القاعدي الذي يحاول التحلي بالمثالية وكسب التعاطف بهدف تجنيد لمزيد من المتطرفين في التنظيم ، يجب أن يتم مواجهته بخطاب إعلامي موازي يبرز التناقض ما بين المثاليات التي تحتويها بيانات التنظيم وبين تصرفاته على الأرض ، فمثلاً ، لم تبرز بيانات القاعدة موقف التنظيمات الموالية لها والتي تبنت خطاباً عنيفاً يتناقض مع الخطاب المثالي للتنظيم ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك إعلان حركة الشباب المجاهدين الصومالية استمرار عملها وتكثيف هجماتها ، ومن ثم ، وفي مواجهة خطاب القاعدة ، يجب أن يكون هناك خطاب إعلامي متماسك يدعو إلى نبذ العنف ويساهم في مناهضة الخطاب العنيف الذي يستهدف استقطاب واستمالة المزيد من الأفراد نحو التنظيم.
- ذكر المعهد أنه في حين يركز المجتمع الدولي على مواجهة تفشي خطر كورونا وإعلان بعض الدول في التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش عن انسحابها من العراق أو إعادة تمركز قواتها ، إلا أنه ينبغي على تلك الدول أن تعمل على توفير مساعدات عسكرية ولوجيستية للقوات والحكومات المحلية التي لعبت دوراً كبيراً في دحر التنظيم وهزيمته في العراق وسوريا ، كما يجب أيضاً على الخصوم مثل الولايات المتحدة وإيران الذين تجمعهم عداوة مع تلك التنظيمات المتطرفة أن ينحوا خلافاتهم جانباً ، وأن يستمروا في التعاون لمواجهة خطر عودة تلك التنظيمات التي لا تمثل تهديداً فقط على أمن المنطقة بل على العالم أجمع ، وغير ذلك ، قد يتمكن التنظيم من إعادة تنظيم صفوفه واستغلال الأزمة الحالية لاجتذاب العديد من المتطوعين خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي سيشهدها العالم في الفترة المقبلة والناتجة عن تفشي وباء كورونا.