الجواب : إن المنصوص عليه شرعا فى مذهب الحنفية كما جاء فى التنوير وشارحه الدر المختار أنه لا يحل ذو ناب يصيد بنابه أو مخلب يصيد بمخلبه من سبع أو طير ولا الحشرات والضبع والثعلب لآن لهما نابا والضب وما روى من أكله محمول على ابتداء الإسلام قبل نزول قوله تعالى { ويحرم عليهم الخبائث } الأعراف 157 ، وقال ابن عابدين فى حاشيته رد المختار والدليل عليه أنه صلى الله عليه وسلم – نهى عن أكل كل ذى ناب من السباع وكل ذى مخلب من الطير – رواه مسلم وأبو داود وجماعة .
والسر فيه أن طبيعة هذه الأشياء مذمومة شرعا، فيخشى أن يتولد من لحمها شىء من طباعها فيحرم إكراما لبنى آدم، كما أنه يحل ما أحل إكراما لهم، وفى الكفاية والمؤثر فى الحرمة الإيذاء، وهو طورا يكون بالناب وتارة يكون بالمخلب أو الخبث، وهو قد يكون خلقة كما فى الحشرات والهوام .
ثم قال بعد ذلك تعليقا على قول الدر والخبث ما تستخبثه الطباع السليمة أجمع العلماء على أن المستخبثات حرام بالنص وهو قوله تعالى ويحرم عليهم الخبائث وما استطابه العرب حلال لقوله تعالى { ويحل لهم الطيبات } ( 1 ) وما استخبثه العرب فهو حرام بالنص .
والذين يعتبر استطابتهم أهل الحجاز من أهل الأمصار، لأن الكتاب نزل عليهم وخوطبوا به، ولم يعتبر أهل البوادى لأنهم للضرورة والمجاعة يأكلون ما يجدون .
وذكر صاحب مجمع الأنهر الضب من المحرم أكله .
وعلل الحرمة بقوله لأنه من السباع خلافا للأئمة الثلاثة . وقال صاحب درر المنتقى حرمته لأنه من الخبائث .
هذا هو مذهب الحنفية .
وأما الأئمة الثلاثة فقد ذهبوا إلى حل أكله مستدلين بأحاديث رويت عن النبى صلى الله عليه وسلم كحديث ابن عمر رضى الله عنهما قال ( إن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن الضب فقال لم يكن من طعام قومى فأجد نفسى تعافه فلا أحلله ولا أحرمه ) وحديث ابن عباس رضى الله عنهما قال أكل الضب على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى الآكلين أبو بكر رضى الله عنه -وقد أجاب عنها صاحب العناية وغيره من الحنفية بأن الأصل أن الحاظر والمبيح إذا تعارضا يرجح الحاضر على أن المبيح فى هذا الأمر مؤول بما قبل التحريم والله أعلم .
* دار الإفتاء المصرية