تحقيقات و تقاريرعاجل

معركة القمح الروسي والخبز المصري.. عزوف من موسكو عن التصدير للقاهرة.. “التموين”: الاحتياطي يكفي حتى مايو.. وخبير زراعي: علينا اتخاذ موقف حاسم

أثار عزوف عدد من موردي القمح الروسي إلى مصر مخاوف من احتمالية تأثر مستقبل ورادات القمح، الأمر الذي يؤثر بالطبع على رغيف الخبز الذي يحظى بنصيب الأسد من واردات القمح، حيث تستورد الحكومة حوالى ٦ ملايين طن سنويًا تخصص بالكامل لـ”رغيف العيش”.
ويبدو أن قرار هيئة السلع التموينية بفرض رسم تأخير على موردي القمح كان السبب وراء عزوف بعد الموردين عن التصدير إلى مصر، بحسب ما ذكر رئيس معهد دراسات السوق الزراعية الروسية ديمتري ريلكو، في خضم تعليقه على عزوف الموردين الروس عن تصدير القمح.
وقال ريلكو: إن “مصر تلقت سبعة عروض في مناقصة القمح التي طرحتها الأسبوع الماضي والتي تعد الأولى خلال العام الجاري، بعد مفاوضات مع الموردين لحل بعض المشاكل في التعاقدات وتعهدها بتصحيح الموقف” على حد تعبيره.
وأضاف: “الصعوبات نشأت بعد محاولة مصر البدء في تطبيق قاعدة قليلة الاستخدام، ووضعت هيئة السلع التموينية مؤخرا بندًا، يعطي لها الحق في تطبيق رسوم تأخير على الموردين، وجرى إبلاغ الموردين بهذا الأمر قبل يومين، وهذه الرسوم كان من المقرر أن يتم تطبيقها على جميع الشحنات المتأخرة بأثر رجعي بداية من العام الزراعي الحالي أي منذ يوليو 2017”.
وتابع: “كان هناك الكثير جدًا من حالات التأخير”، وذكر أن تقارير إعلامية أشارت إلى أن مصر لم تتلق أي عطاءات في بداية الطرح، ولكن بعد حل المشكلة، تقدمت 7 شركات بعطاءاتها.

الاحتياطي متوافر
واشترت مصر خلال الأيام الأخيرة 115 ألف طن قمح روسي في مناقصة بعد عزوف الموردين في البداية، وأعلنت وزارة التموين أن احتياطي البلاد الاستراتيجي من القمح يكفي حتى منتصف مايو المقبل، وهو ما يتوازى مع موسم حصاد وتوريد القمح المحلي من المزارعين.
وشدد ممدوح رمضان، المتحدث باسم وزارة التموين، على أن الحكومة ماضية في الوفاء بتوفير متطلبات مصر من السلع الاستراتيجية.
في السياق ذاته، قال الدكتور حامد عبدالدايم، المتحدث باسم وزارة الزراعة، إن مساحة زراعات القمح حتى مطلع شهر ينار الجاري تجاوزت الـ 2.8 مليون فدان، مرجحا الوصول لـ 3 ملايين و53 ألف فدان خلال العام الجاري.
ولفت متحدث الزراعة إلى أن زيادة الإنتاجية من القمح يستلزم التوسع الأفقي باستصلاح أراض جديدة، أو بالتوسع الرأسي باستنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية بما يقلل من الفجوة الاقتصادية من هذا المحصول، لافتًا إلى أن المتبع من قبل الوزارة هو التوسع الرأسي في زراعة القمح.

بدائل وعروض
وتعليقا على العزوف الروسي عن توريد القمح إلى مصر، قلل الخبير الزراعي الدكتور نادر نورالدين محمد، مستشار وزير التموين الأسبق بهيئة السلع التموينية، من توابع امتناع الموردين الروس عن تصدير القمح إلى مصر، مشددا على أن هناك 7 مناشئ عالمية تتمنى أن تصدر أقماحها غلى مصر.
وأضاف نور الدين لـ”البوابة نيوز”، أن روسيا ليست المورد الوحيد لمصر وهناك 7 مناشئ كبرى في العالم لتوريد القمح وهي: “روسيا- أوكرانيا- كازخستان- فرنسا- أمريكا- كندا- الأرجنتين وأستراليا”، لافتا إلى أن القمح العالمي هذا العام حقق وفرة قياسية لم تحقق من قبل عالميا، حيث بلغ إجمالي الإنتاج العالمي 10050 بليون طن، بفارق كبير عن العام الماضي حيث بلغ 860 بليون طن، وبالتالي هناك وفرة وكل دول العالم تتمنى أن تورد أقماح إلى مصر.
وتابع: “لدينا عروض من فرنسا بالتوريد وكذلك الأرجنتين بتوريد مليون طن خال من الإرجوت”.
وشدد الخبير الزراعي على أن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم حيث نستورد ما يزيد على 12 مليون طن سنويا، والكثير من الدول تريد من مصر أن تشتري قمحها، وسبق أن هددت أمريكا بتخفيض المعونة الامريكية حال لم تستورد مصر منها القمح.
وأوضح نور الدين أن مصر تستورد من روسيا ما يوازى 4 مليار دولار قمح وحبوب مثل الذرة الصفراء، ونحن نصدر لروسيا ما يوازي 250 مليون دولار خضروات وفواكه، لذلك فهم الخاسرين حال عدم توريد القمح إلى مصر”.

مصر الذراع الأقوى
واستنكر الخبير الزراعي التهديدات الروسية بالعزوف عن توريد القمح المصري، مؤكدا أنه ليس لهم مبرر في ذلك، وأشار إلى أنه “في كل بلدان العالم تضع الدول غرامات للتأخير عن توريد المنتجات، وضمن شروط التعاقد لابد أن يوجد بند عن التأخير وكذلك مكافأة لسرعة التفريغ “بونص”، وهو ما تقوم به مصر.
وأردف قائلا: “جرت العادة في مصر على أن يكون هناك أسبوعان للتعاقد، وأسبوعان للوصول وأسبوعان للشحن، وأسبوعان للوصول”، من أجل ضمان وصول القمح في مواعيده حتى لا يتسبب نقصانه في عجز وأزمة في المنتجات المعتمدة عليه وأهمها رغيف الخبز.
وضرب الخبير الزراعي مثالا في حال التعاقد على توريد القمح في مارس وتأخر وصوله، ما يؤدي إلى عجز في رغيف الخبز وبالتالي تتفاقم أزمة داخلية كبرى، مجددا تأكيده على أن كل العقود العالمية بها غرامة للتأخير سواء كانت حبوبًا أو خضروات وفاكهة.
واختتم نور الدين تصريحاته قائلا: “التهديد الروسي لا يهمنا ولا يوجد خطر علينا في حال عدم توريد الروس للقمح فلدينا مناشئ أخرى، ووخاصة الأرجنتين وكذلك إستراليا التي تمتلك أجود أنواع القمح في العالم وأفضل من القمح الروسي بمراحل”، داعيًا الدولة المصرية لاتخاذ موقف حاسم مع الموردين الروس من أجل التوقف عن تهديداتهم والتي وصلت أن هددوا مصر العام الماضي في حال عدم استيراد أقماح مصابة بالإرجوت بوقف تصدير القمح.. “نحن الذراع الاقوى ويجب أن نحسم موقفنا من التهديدات المتكررة من الروس”.

زر الذهاب إلى الأعلى