اتهام جديد يضاف إلى قائمة الاتهامات الطويلة التي يواجهها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والذي يعد المرشح الجمهوري الأبرز في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، لكن ذلك الاتهام الأخير الذي عرف بانتهاك قانون معروف في ولاية جورجيا الأمريكية يعرف باسم “ريكو” والذي يحظر الابتزاز ويعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 20 عامًا، وأقرته الولاية عام 1970، فبتلك الطريقة سيخوض ترامب السباق وهو يواجه ما يقرب من 100 تهمة جنائية في أربع قضايا في أربع ولايات، منها قضية تزوير سجلات تجارية، ودفع أموال لإسكات الممثلة الإباحية ستورمي دانيال في نيويورك، وقضية الاحتفاظ بوثائق سرية بشكل غير قانوني في فلوريدا، وقضية التآمر على الولايات المتحدة لإلغاء نتائج انتخابات 2020 في واشنطن العاصمة، وهو الأمر الذي يهدد مصير ترشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وتعليقا على مدى ترشح وخوض ترامب للانتخابات الرئاسية وكيفية القيام بذلك حال تم مقاضاته وسجنه قال الدكتور مهدي عفيفي عضو بالحزب الديمقراطي الأمريكي، إن قانون “ريكو” تعني النصب والاحتيال وأنها القانون الأمريكي يكون النصب في تلك الحالة مع مجموعة وليس بشكل فردي ويتم تطبيقها على الجرائم التي يشترك فيها مجموعات مختلفة حتى لو لم يقوموا هم بالجريمة نفسها بل قاموا بالمساعدة فقط، مشيرا إلى أن الجرائم الموجهة لترامب 4 جرائم 2 فيدراليين إحداهما في فلوريدا والمتهم فيها بسرقة المستندات والأخرى في واشنطن العاصمة والمتهم فيها بمحاولة قلب نظام الحكم والاستيلاء على الحكم عنوة، أما عن الجرائم الثانية خاصة بالولايات وآخرها قضية جورجيا، ولتلك القضية أهمية كبرى نظرًا لأنها تعد قضية ولاية وقضايا الولايات يتحكم بها قانون الولاية وليس القانون الأمريكي بشكل عام، فكل ولاية لها قانون خاص بها سواء الانتخابات أو غيرها وتطبيق قانون الولاية علي أي متهم لا يمكن إعفاؤه بقرار رئاسي وفي جورجيا تحديدًا حتي حاكم الولاية ليس بإمكانه إعفاء أي شخص وخاصة في قضايا النصب والاحتيال لأنها تتطلب ضرورة أن يقضي المتهم 5 سنوات في السجن قبل حتى أن يعرض على اللجنة التي تنظر في إعفاء أو تخفيف الحكم، لذا فتلك القضية مهمة جدًا، فالولايات المتحدة هي عبارة عن تجربة ديمقراطية مكونة من أشخاص منهم الفالح والطالح تتعامل مع البشرية وبها احتمالات للخطأ أو التصحيح ودائما ما يكون هناك تصحيح لتلك التجربة والدستور الأمريكي منذ القرن الـ17 والـ18 والـ19، وإصلاح ما يفسده البشر بسبب الفساد والعنصرية.
وتابع:” ما حدث في جورجيا وجعل تلك القضية ذات أهمية هو أن جورجيا ولاية تميل إلى الجمهوريين بشكل كبير جدًا، فحاكم الولاية ونائبه يتبعون الحزب الجمهوري وكذلك مجلس الولاية جمهوري، فترامب الجمهوري دائما ما يعتمد علي الجمهوريين لمساعدته في الاستيلاء على الحكم، لكن في جورجيا رفض حاكم الولاية ونائبة والمدعي العام، لكن ترامب لم يغلب علي الأمر وحاول الاستعانة بـ18 شخصا أخر من الولاية وأعضاء الحزب البارزين في الولاية وبعض أعضاء مجلس الولاية للوصول إلى هدفه، والأمر الذي جعل القضية ذو أهمية كبرى هو أن حاكم الولاية والأعضاء البارزة اعترفت ضد ترامب وكثيرًا من هؤلاء لديهم التسجيلات الحية التي يعترف فيها ترامب بمحاولته الاستيلاء على أصوات الولاية وتزوير هذه الأصوات والحصول على حوالي 12000 صوت وهي الفارق بينه وبين بايدن، ففي مكالمة مدتها قرابة الساعة حاول إقناع حاكم الولاية بالقيام بأي نوع من أنواع التزوير للحصول علي هذه الأصوات، فدائما ما نرى أن القيادات العامة سواء حاكم الولاية أو الرئيس أو غيره كل خطوة تجري تكون مسجلة بالصوت والصورة وحتى المراسلات النصية يتم الاحتفاظ بها إما للدفاع أو الإدانة في أي مواقف مستقبلية.
وأضاف عفيفي، أن قضية جورجيا من أخطر القضايا التي يواجهها ترامب، ويمكن أن نرى ترامب وهو يحاول الاستعانة بالمناصرين له دون أي فكر لتغيير مجريات الأمور، لكن كما رأينا في محاكمات كثيرة، حتى القضاة الذين تم تعيينهم من قبل جمهوريين دائما ما يحافظوا على مسألة استقلال القضاء فما يحاوله ترامب هو أن يقدم التماس للمحكمة الفيدرالية علي أساس أن يتم أخذ هذه القضية من الولاية وتقديمها للمحكمة الفيدرالية على حجج مختلفة منها أنه كان موظف فيدرالي، لكن من المتوقع أن لا يفلح هذا الموضوع لأن ترامب في أثناء قيامه بهذه الجريمة لم يكن موظف فيدرالي ولا هي من ضمن صلاحيات عمله، مشيرا إلى أن ترامب حاول نفس الشيء في نيويورك في قضية الاحتكاك والتحرش بالمرأة قبل أكثر من 30 عاما وحكم عليه بدفع 10 ملايين دولار كغرامة وبعدها بدأ يسيئ لتلك المرأة وحاول حينها استخدام الحكومة الفيدرالية للدفاع عنه لكن قرر أنه مدان ومسؤول عن أفعاله لذا مخططاته في القضية الأخيرة لن تفلح.
واستطرد قائلًا: الدستور الأمريكي لم يتخيل أنه يمكن بعد التصفية الكبيرة بين كل تلك الأشخاص أن يأتي شخص بهذا الفساد، بعد كم التصفيات التي تجري قبل الوصول للنتيجة النهائية للانتخابات واختيار أفضل الشخصيات، كما أنه لم يكن لدية أي شيء مخصص عن اتهام الرئيس إلا في بعض المواقف مثل الخيانة العظمى، لكن أن يقوم رئيس بتزوير انتخابات وغيره فذلك غير موجود لأنه لديه حصانة معينة منها القضائية والدستورية والتنفيذية والبيت الأبيض وكذلك سلطة الإعلام وهو المجال المفتوح لحرية التعبير، مشيرا إلى أن ترامب يحاول جاهدًا من خلال محاميه القول بأن ذلك حرية شخصية للتعبير وأن كلامه كان انتقادًا للعملية الانتخابية وأنه لا زال يشك أن هناك تزويرا وهذا الكلام غير صحيح نظرًا لاعتراف الكثير من المقربين منه وعلى رأسهم المسؤول الأول في البيت الأبيض، والذي يعتقد أنه يتعاون مع السلطات الفيدرالية كشاهد ضد ترامب، والمتهم أيضا في القضية الموجودة في جورجيا، ويمكن أن يكون مارك مادون المسؤول الأول في البيت الأبيض الوحيد الذي يمكن تحويل قضيته من الولاية إلى الحكومة الفيدرالية نظرًا لقوله بإنه كان يفعل ذلك تكرار لما يمليه عليه رئيسه المباشر في العمل ترامب في أثناء الحكومة الفيدرالية، متابعا: ما يحاول ترامب أن يصنعه هو تأجيل كل تلك القضايا المدان فيها ظنًا منه أنه يمكنه الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة وإرجاع ذلك إلى المنافسين له في عملية الترشح، فهو للأسف سيرشح من الحزب الجمهوري رغم هذا الكم من الجرائم ودعمه من قبل الجمهوريين سواء كان يسير على الطريق الصحيح أو الخطأ ظنًا منهم أن ذلك يحافظ على شعبية الحزب الجمهوري التي أنشأها ترامب مع حوالي 40% من أفراد الحزب الجمهوري، والغريب هنا أن أمريكا دومًا تشهد منافسات لكنها لم تشهد استمرار لأي حزب من الأحزاب أكثر من مدتين رئاسيتين، ولم يحدث ذلك في التاريخ الأمريكي إلى مرة واحدة ولكنها لم تصل أبدا إلى حد التزوير الذي قام به ترامب.
وفي حال تم توجيه عقوبة لترامب في أيًا من القضايا قبل الانتخابات أو بعد الانتخابات، فالبعض حذره من الاستمرار بإفشاء أسماء المحلفين والإهانة، فمن الممكن بالفعل أن يدخل السجن، ولم يحدث من قبل دخول رئيس أمريكي السجن فحسب الدستور الأمريكي لديه حماية خاصة مدي الحياة من دخول السجن طالما أصبح رئيس يومًا ما، لكن حال ثبوت الجناية عليها وفرض عليه عقوبة تبقي الحيرة هنا هل سيمارس سلطاته الرئاسية من داخل السجن أم خارجه، فالكثير من تلك القضايا سيتم عرضها علي المحكمة الدستورية العليا والتي بها 6 من المحافظين تحكم لصالح ترامب، ولكن ذلك مستبعد ولا بد أن يكون هناك محاكمة ضد ترامب.
ومن جانبه قال الدكتور عمرو عبد العاطي، الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إنه رغم تعدد الاتهامات الجنائية التي وجهت إلى الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب المرشح الجمهوري الأوفر حظًا للفوز ببطاقة الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة، وتلك التي يتوقع أن تُوجه إليه لاحقًا لتدخله لتغيير نتائج الانتخابات في ولاية جورجيا، فإنها تزيد من قوة إصرار ترامب على خوض الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث تعهد بالترشح للانتخابات القادمة بغض النظر عن إمكانية إدانته في أي من القضايا المرفوعة ضده، فهي تزيد من اصطفاف الحزب الجمهوري خلفه، وكذلك تزيد قاعدته الانتخابية.
وتابع:” ليس هناك نص دستوري يمنع ترشح ترامب للانتخابات إذا أدين جنائيًا، أو إدارة شؤون البلاد إذا فاز بها، فضلًا عن امتلاكه سلطة الإعفاء الرئاسية، التي قد يستخدمها للإعفاء عن نفسه إذا أدين في أيٍ من القضايا التي يواجهها، بجانب ثقته بأن المحكمة العليا، التي عين ثلاثة من أعضائها خلال رئاسته، ستُلغِي أي أحكام بإدانته”.