تحقيقات و تقاريرعاجل

365يوما من الاخفاقات الدبلوماسية لـ”ترامب”..الإدارة الأمريكية الجديدة تنتهج مبدأ الانسحاب من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية

بعد عام على وصوله إلى البيت الأبيض، تحت ظلال شعار “أمريكا أولًا”، أكد الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بسلسلة قرارات رغبته فى التخلى عن التعددية على الساحة الدولية، وفى نهايته السنة الأولى من ولايته الرئاسية، تبدو صورة الرئيس الأمريكى اسوأ بكثير مما كانت عليه صورتى الرئيسين السابقين باراك اوباما.

وكشف استطلاع للرأى اجراه معهد جالوب، ونشرت نتائجه الخميس، حيث أوضح أن 30% فقط من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع فى 134 بلدًا يؤيدون عمل الرئيس الجمهورى، والأشد قسوة فى مواقفهم هم بين الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة فى أوروبا الغربية وكندا والمكسيك، فيما قال معهد جالوب، إن “تحالفات عديدة كانت تعتبرها إدارة ترامب قوة كبيرة باتت مهددة فى الواقع”.

ويقول جيمس ليندساى، عضو مجلس العلاقات الخارجية، والحزب الديمقراطى الأمريكى، أن بعض أقرب حلفاء الولايات المتحدة يخشون انتهاء العهد الذى كانت تمارس فيه الولايات المتحدة زعامة عالمية، مضيفًا إذا حدث ذلك فإن العواقب يمكن أن تكون رهيبة.

فيما قلل الباحث لدى معهد واشنطن والدبلوماسى السابق فى ظل إدارات جمهورية جيم جيفرى، قلل من أهمية ذلك، وقال “لدينا مشكلة مع الأوروبيين، لكن بقية العالم لا يشعر بالصدمة”، وأضاف أن ترامب لم يلحق اضرارا كبيرة بالنظام العالمى حتى الآن، مشيدا بإستراتيجيته حول كوريا الشمالية وإيران وسوريا.

وفى هذا الصدد، وبعد مرور العام الأول للرئيس ترامب، داخل البيت الأبيض، وجب القيام بجولة فى أروقة الدبلوماسية الأمريكية خلال تلك الحقبة الجديدة، والتى شهدت تطورات غير معهودة على الأنظمة الحاكمة المتتالية للولايات المتحدة.

الإدارة الأمريكية تنتهج مبدأ الانسحاب من الاتفاقات الدولية

واتسم عهد ترامب، بأنه فترة الانسحاب من الاتفاقات الدولية لأسلافه، وذلك لكثرة انسحابات واشنطن من معاهدات واتفاقيات بشكل متتالى ومتسارع، حيث أعلنت الولايات المتحدة فى يونيو، انسحابها من اتفاق باريس حول المناخ الذى يتعارض – بحسب ترامب” – مع المصالح الاقتصادية الأمريكية، وإن كان ذلك لن يتحقق فعليا سوى عند نهاية ولايته، ويأتى هذا بينما يريد نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون – الذى يعول على العلاقة الجيدة بينهما – اقناعه بالتراجع عن قراره.

ولم اتفاقية المناخ، الوحيدة التى تنسحب منها واشنطن، بل أدارت ظهرها لاتفاقات أخرى ومنظمات متعددة الأطراف مثل معاهدة التبادل الحر لآسيا والمحيط الهادئ، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، والمعاهدة الدولية حول الهجرة، كما توجه انتقادات متكررة للكلفة المرتفعة لتمويل الأمم المتحدة، وفى المقابل، تندد حتى الأوساط الجمهورية فى الداخل الأمريكى بـ”مبدأ الانسحاب”.

إيران تؤكد أن “ترامب” يسبح ضد التيار

ولم يكن الانسحاب من الاتفاقات الدولية هو التصعيد الوحيد فى سياسة الرئيس ترامب، بل هناك أيضًا تهديد آخر بالانسحاب من الاتفاق الدولى الموقع فى 2015، والذى يحول دون تطوير إيران لبرنامجها النووى، وذلك رغم تأييد الدول الأخرى الموقعة (إيران والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا)، بينما أمهل ترامب، الأوروبيين حتى الربيع لمساعدته على وقف النشاطات المزعزعة للاستقرار التى تقوم بها إيران قبل أن ينتقل إلى التنفيذ.

قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس يصدم العالم

كما كان للرئيس الأمريكى، حديث العهد بالسياسية، قرار هو الأكثر صدمة فى تاريخ حكمه القصير، وهو قراره أحادى الجانب، فى مطلع ديسمبر الماضى، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ما أثار استنكارا عالميًا، وإذا كانت إسرائيل رحبت بالأمر، إلا أن الفلسطينيين كان لهم موقف آخر، وأصبحوا يرفضون الوساطة الأمريكية فى عملية السلام التى يريد الرئيس الأمريكى تحريكها، لكنها تبدو عالقة أكثر من أى وقت مضى، لاعتبار الجانب الفلسطينى، واشنطن، وسيط غير محايد.

التواجد الأمريكى فى سوريا والانتصار على “داعش”

وفى الشرق الأوسط أيضًا، كان هناك مواصلة لإدارة ترامب، فى العمل داخل الأراضى السورية، والعراقية، حيث كثفت – على حد تعبيرها – الحرب على تنظيم “داعش”، حتى تحقيق النصر، والآن وبعدما مالت الكفة لصالح النظام السورى المدعوم من إيران وروسيا، تحاول واشنطن، اعتماد استراتيجية تقوم على وجود عسكرى مستمر فى سوريا لتفادى أى عودة للإرهابيين، وفى نفس الوقت، تمكنها من التصدى لطهران والتوصل فى نهاية المطاف إلى رحيل الرئيس السورى بشار الأسد.

واشنطن تتبع إستراتيجية أحادية الجانب فى ملف كوريا الشمالية

وفيما يتعلق بأزمة أخرى لا تقل خطورة عن سابقتها، وهى الطموحات النووية الكورية الشمالية، التى تمثل التحدى الدولى الأساسى بالنسبة إلى واشنطن، فإن الأخيرة تتبع إستراتيجية أحادية الجانب، وتعمل على اقناع الأسرة الدولية بدفع “بيونج يانج”، إلى الحوار عبر فرض عقوبات متشددة، ورغم عدم احرازها أى تقدم فى ظل تزايد التجارب الباليستية والنووية لكوريا الشمالية، إلا أنها حققت بعض النجاح مع تصويت بكين وموسكو لصالح القرارات الأخيرة فى مجلس الأمن الدولى.

وكان للرئيس ترامب، ساحة معركة آسيوية أخرى، هى تهديده بحرب تجارية ضد الصين، منذ أن كان مرشحًا للرئاسة الأمريكية، ولكنه ما لبث أن بات يشيد بجهود بكين، بعد تأييدها قرارات مجلس الأمن الدولى ضد “بيونج يانج”، ولكن تغريدات “ترامب”، وتصريحاته العدائية التى توعد فيها كوريا الشمالية بـ”النار والغضب”، وبتدميرها التام، مازالت تثير القلق من أن تتحول الحرب الكلامية إلى نووية، خاصة وأنه لا يمكن التكهن بما سيقوم به.

مصالحة مستحيلة بين واشنطن وموسكو

وحول العلاقات الدبلوماسية بين البيت الأبيض، والكرملين، كان ترامب، ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، يأملان بمصالحة بين بلديهما، اللتان تعيشان وسط علاقات متوترة على مدى سنوات طويلة، لكن التحقيق حول حصول تواطؤ محتمل بين الفريق الانتخابى لـ”ترامب”، والكرملين، بما أثر على نتيجة الانتخابات الأمريكية الأخيرة – حسب اتهامات واشنطن لموسكو – جعل أى تقارب مستحيلا، والنتيجة ان العلاقات بين البلدين أصبحت فى أدنى مستوى لها وهو ما يقر به الرئيسان، حيث تبادلا طرد الدبلوماسيين، وإغلاق مقرات السفارات والقنصيلات، فى حرب دبلوماسية عنيفة من الطرفين.

زعزعة العلاقة الخاصة مع بريطانيا

واستطردًا لسلسلة الاخفاقات الدبلوماسية فى عهد ترامب، فكانت الإجابة عن السؤال – هل استمرت العلاقة الخاصة للولايات المتحدة مع بريطانيا؟ – هى “لا”، وهو ما ينعكس سلبا على واشنطن.

ومن فصول التوتر بين زعيما البلدين، فإنه بعد أن تعرض ترامب، للانتقاد من رئيسة الحكومة تيريزا ماى، لأنه أعاد نشر تغريدات تتضمن تسجيلات فيديو لمجموعة من اليمين المتطرف، رد عليها بالمثل على “تويتر”، فى نوفمبر الماضى، قبل أن يلغى زيارته إلى لندن، بمناسبة تدشين السفارة الجديدة لبلاده فى العاصمة البريطانية.

إدارة ترامب تصر على بناء جدار على حدود المكسيك

وفى أخر قائمة الأزمات الدبلوماسية الأمريكية على مدار عام مضى، كان هناك أزمة مع المكسيك، حيث تعهد ترامب، ببناء جدار على الحدود مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين والمجرمين، ولا يزال يصر على مشروعه، مؤكدًا أنه سيحمل المكسيك كافة نفقات بناء ذلك الجدار.

ومن جهتها، شدد المكسيك على رفضها تحمل نفقات بناء الجدار الحدودى الأمريكى، الذى يبدو معقدًا، إلا أن كبير موظفى البيت الأبيض، جون كيلى، قال فى مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، إن هذا الأخير لم يكن مطلعا بشكل كاف حول الموضوع عندما تعهد بذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى