تصاعدت حدة التوتر بين الحكومة الفيدرالية برئاسة آبي أحمد و الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي خلال الـ (48) ساعة الماضية في ظل وجود تقدم سريع لجبهة تحرير تيجراي نحو العاصمة ( أديس أبابا ) ، حيث أعلنت الجبهة عن السيطرة على مدينتي ( كوبولشا / ديسي ) الاستراتيجيتين بإقليم ( أمهرة ) واللتين تبعدان نحو (300) كم عن العاصمة أديس أبابا .. مما دفع رئيس الوزراء ” آبي أحمد ” إلى اتخاذ عدد من الإجراءات في محاولة لوقف تقدم الجبهة ، تمثلت في إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد اعتباراً من أمس و مطالبة المواطنين باستخراج تراخيص بحمل السلاح خلال الفترة المقبلة و مطالبة المواطنين بالالتزام بحالة الطوارئ والتعاون مع أجهزة إنفاذ القانون ، كما أكد المتحدث باسم جيش تحرير أورومو المتحالف مع قوات جبهة تحرير تيجراي منذ أغسطس الماضي أنهم قادرون على الوصول للعاصمة أديس أبابا خلال أشهر أو أسابيع .. يأتي ذلك في ظل نفي الحكومة صحة إعلان الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بسط قواتها السيطرة على مدينتي ( كوبولشا / ديسي ) بإقليم أمهرة ، والتأكيد على أن هذه المدن لا تزال تحت سيطرة القوات الإثيوبية.
تطورات الوضع الأمني والميداني:
أعلن الجيش الإثيوبي في بيان له اليوم عن شن غارة استهدفت مركزاً لتدريب عناصر ( جبهة تحرير تيجراي ) بمنطقة ( عدي هغاراي ) شمال البلاد ، كانت تستخدمه الجبهة لتدريب أعداد كبيرة من عناصرها لتنفيذ مهام إرهابية داخل البلاد .
كما أعلن مجلس الوزراء حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد اعتباراً من أمس بسبب التطورات الجارية في الإقليم .. يُشار إلى أنه وفقاً للحكومة فإن حالة الطوارئ المُعلنة تسمح بإقامة حواجز في الطرق ووقف خدمات النقل وفرض حظر التجوال وسيطرة الجيش على مناطق معينة ، إضافةً لإمكانية اعتقال أي شخص يُشتبه في أن له علاقات بجماعات إرهابية دون مذكرة اعتقال .
كما ذكرت العديد من وسائل الإعلام بأن قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي أصبحت على نحو (300) كم فقط من العاصمة أديس أبابا .
وأعلنت الحكومة أول نوفمبر أن قوات تيجراي قتلت نحو 100 شاب في مدينة كوبولشا بإقليم أمهرة .
موقف حكومة أثيوبيا من الأزمة :
طالب رئيس الوزراء ” آبي أحمد “ عبر تدوينة بموقع تويتر أمس المواطنين بالالتزام بحالة الطوارئ والتعاون مع أجهزة إنفاذ القانون ، كما تعهد باستمرار القتال لتحقيق النصر في الحرب المستمرة منذ عام في شمال البلاد .. وفي تصريحات منفصلة اليوم خلال كلمة جاءت بمناسبة الذكرى الأولى لمرور عام على اعتداء ( جبهة تحرير تيجراي ) على القيادة الشمالية للجيش الإثيوبي بإقليم ( تيجراي ) في نوفمبر الماضي أكد ” آبي أحمد “ أن محاولات جعل إثيوبيا مثل ( ليبيا / سوريا ) لن تنجح ، وأضاف ( ستنتصر البلاد على الإرهاب .. إثيوبيا بحاجة إلى معرفة أن الجهود القاسية الحالية لتشويه سمعة بلدنا هي حيلة لتسهيل مسار مصير البلاد ليكون مثل ليبيا وسوريا ، فهي محاولات لن تنجح ) ، موضحاً أن ( جبهة تحرير تيجراي / جماعة أونق شني ) الإرهابيتين تعملان على زعزعة استقرار البلاد وتحشدان قوات أخرى بدعم من عملائهما في الداخل والخارج ، وتستخدمان كل قدراتهما لتدمير إثيوبيا .
و دعت الحكومة المواطنين لاستخراج تراخيص بحمل السلاح خلال الفترة المقبلة .
كما أكد وزير العدل ” جيديون تيموثيوس “ أن سبب إعلان حالة الطوارئ في البلاد هو ما تمر به البلاد من تهديد أمني من ( جبهة تحرير تيجراي ) ومن يساعدونها من الخارج .
فيما ذكرت إذاعة ( فانا ) التابعة للحكومة الإثيوبية – نقلاً عن مصادر حكومية – بأن حالة الطوارئ تهدف إلى حماية المدنيين من الجرائم التي ترتكبها ( جبهة تحرير تيجراي ) في مناطق كثيرة من البلاد ، وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يوافق مجلس النواب على إعلان حالة الطوارئ في غضون (24) ساعة ، كما أشارت أيضاً إلى أنه من المتوقع أن تمتد حالة الطوارئ لمدة أسبوعين على الأقل .
الموقف الدولي من الأزمة:
(( الموقف المصري ))
أهابت السفارة المصرية بأديس أبابا عبر صفحاتها على مواقع التواصل اليوم بأعضاء الجالية اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر في ظل الظروف التي تشهدها إثيوبيا طبقاً للبيانات الرسمية الصادرة .. ودعت السفارة أبناء الجالية إلى ضرورة الالتزام بالإجراءات والتعليمات المحلية وحصر تحركات الأفراد والأسر في أضيق الحدود ، مصحوبة بأوراق تحقيق الشخصية في كافة التحركات ، فضلاً عن الابتعاد عن أماكن التجمعات أو التوجه إلى المناطق النائية .
(( الموقف الأمريكي ))
أعلن الرئيس ” بايدن “ أنه ألغى تفضيلات تجارية ممنوحة لإثيوبيا بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في حملتها العسكرية في الإقليم ، وأوضح أنه تم إلغاء التفضيلات التجارية لـ ( غينيا / مالي ) أيضاً ، وأشار إلى أن القرار سيدخل حيز التنفيذ اعتباراً من (1) يناير 2022 بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.. من جانبها أعربت الخارجية الإثيوبية عن أسفها بسبب ذلك القرار ، وطالبت بضرورة التراجع عنه .
و أبدى وزير الخارجية الأمريكي ” بلينكن “ قلقه حيال تقارير بشأن سيطرة قوات ( إقليم تيجراي ) على بلدتي ( ديسي / كوبولشا ) ، وأكد أن استمرار القتال يترتب عليه استمرار الأزمة الإنسانية المؤلمة في شمال إثيوبيا ، وأضاف : ( على جميع الأطراف وقف العمليات العسكرية والبدء في مفاوضات لوقف إطلاق النار دون شروط مسبقة ) .
كما حذرت السفارة الأمريكية في أديس أبابا في تدوينة عبر موقع تويتر رعاياها من السفر إلى إثيوبيا بسبب ما وصفته بـالصراع المسلح والجريمة واحتمالات حدوث عمليات خطف وعمليات إرهابية في المناطق الحدودية ، وأضافت أن الوضع الأمني تدهور بصورة كبيرة خلال الأيام الماضية في ظل التصعيد الذي تشهده البلاد بسبب الصراع المسلح والاضطرابات في مناطق ( أمهرة / عفر / تيجراي ) ، وأضافت : ( نشدد على المواطنين الأمريكيين إعادة النظر في قرار السفر إلى إثيوبيا ، بينما ندعو الموجودين للاستعداد لمغادرة البلاد ) ، وأرفقت السفارة بياناً خاصاً يحذر الأمريكيين من السفر إلى إثيوبيا عبر موقعها الرسمي ، أكدت فيه إمكانية تفاقم الأوضاع بصورة كبيرة في المستقبل مع احتمال حدوث جرائم عرقية دون تحذيرات .
و أكدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ” ليندا توماس “ في تدوينة عبر موقع تويتر ، قائلةً : ( على جميع الأطراف البدء في مفاوضات وقف إطلاق النار بدون شروط مسبقة ) .
(( موقف المنظمات الدولية ))
أكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ” موسى فكي “ إنه يتابع بقلق عميق تصاعد المواجهة العسكرية في إثيوبيا ويحث مرة أخرى جميع الأطراف على حماية وحدة أراضي وسيادتها الوطنية ، وجدد مطالبته الأطراف بالدخول في حوار سعياً لإيجاد حل سلمي لمصالح البلاد ، داعياً إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية والاحترام الكامل لأرواح وممتلكات المدنيين فضلاً عن البنية التحتية للدولة ، داعياً الأطراف إلى حث مؤيديهم على عدم القيام بأعمال انتقامية ضد أي مجتمع والامتناع عن خطاب الكراهية والتحريض على العنف والانقسام ، وأضاف أنه يذكر الأطراف بالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بالامتثال للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان ، مؤكداً التزام الاتحاد الأفريقي المستمر بالعمل مع الأطراف لدعم عملية سياسية توافقية .
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة ” أنطونيو جوتيريش “ أنه يشعر بقلق عميق إزاء تصاعد العنف في إثيوبيا وإعلان حالة الطوارئ ، داعياً إلى وقف فوري للأعمال العدائية ووصول المساعدات الإنسانية دون قيود وإجراء حوار وطني شامل لحل الأزمة .
كما أعربت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية ” روزماري ديكارلو “ في تصريحات عبر موقع تويتر عن قلقها العميق إزاء تصعيد العنف في إقليم تيجراي ، قائلة : ( العواقب المحتملة لتصاعد الصراع في إثيوبيا والمنطقة تبعث على الخوف لكن لم يفت الأوان بعد لاختيار الحوار ) .
و نددت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ” ميشال باشليه “ خلال عرضها تقرير حول نتائج التحقيق الذي أجري بشكل مشترك مع المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان بوحشية قصوى تطغى على النزاع في إقليم تيجراي ، وأكدت أن خطورة الانتهاكات التي تم رصدها تؤكد ضرورة محاسبة المسئولين عنها مهما كان انتماؤهم .. من جانبه أكد كبير المفوضين في المفوضية الإثيوبية ” دانيال بيكيلي “ أن التقرير المشترك يشكل فرصة لكل الأطراف للاعتراف بمسئوليتهم والالتزام باتخاذ خطوات ملموسة فيما يتعلق بالتعويض على الضحايا وإيجاد حل دائم لإنهاء معاناة ملايين الأشخاص .. جدير بالذكر أنه تم اجراء تحقيق بشكل مشترك بين ( مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان / المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان التابعة للحكومة الإثيوبية ) ، وفيما يلي أبرز ما تضمنه التقرير الذي يغطي الفترة من (3) نوفمبر 2020 حتى (28) يونيو 2021 ، حين أعلنت أديس أبابا وقف إطلاق النار من جانب واحد : ( هناك أسباب معقولة تدفع للاعتقاد بأن كل أطراف النزاع في تيجراي ارتكبوا بدرجات متفاوتة انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وقانون اللاجئين الدولي ، وقد يشكل بعضها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ) .
و أعرب الاتحاد الأوروبي في بيان له عن قلقه حيال إعلان حالة الطوارئ في إثيوبيا ، وأكد : ( نرفض أي تحرك من قبل قوات تيجراي و أورومو لمهاجمة أديس أبابا .. حشد الحكومة الإثيوبية لن يؤدي إلا لجر البلاد نحو مزيد من الصراع الأهلي ) .. من جانبه دعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي ” جوزيب بوريل “ كافة الأطراف الإثيوبية لوقف القتال ورفع الحصار عن المساعدات الإنسانية والامتناع عن كل خطاب يحض على الكراهية في الإقليم .
و كشفت مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن العاملين في المجال الإنساني لا يزالون ممنوعين من تقديم المساعدات الضرورية في إقليم ( تيجراي ) رغم تعرض (900) ألف شخص لخطر المجاعة ، مطالبة بضرورة وقف الاشتباكات بين الأطراف الإثيوبية .