تحقيقات و تقاريرعاجل

الأوروبيون.. من الهدنة إلى المواجهة مع إيران

لم يبقى في جعبة الأوروبيين المزيد من الوقت أو الصبر على التصرفات الإيرانية، وضاقوا ضرعاً من اتباع أسلوب المهادنة الذي يخضع للابتزاز في كل مناسبة من قبل النظام الإيراني.

الأحداث في أوروبا وتحديداً بريطانيا وفرنسا تحمل رياح تغير قادمة والرهان الإيراني على المصالح والتجارة مع الأوروبيين بدأت ملامحه تتلاشى فيما وصلت الجهود لإنقاذ الاتفاق النووي إلى طريق مسدود.

أخطاء مميتة
في حديث خاص لصحيفة “عكاظ” أكد محامي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رودي جولياني، أن استمرار النظام الإيراني في تدخلاته الحالية في دول المنطقة يرتكب “خطأً مميتاً”.

وأشار جولياني إلى أن التعنت الإيراني ومحاولة تجاهلها العقوبات يعرض أثر الضربة القوية التي تعرضت لها جراء العقوبات عليها، حيث بات الداخل الإيراني والشعارات التي يطلقها المواطنون، توضح تعرض الإيران لحالة من الفوضى لأن الوضع الاقتصادي منهار وهنا يظهر الفرق بأن العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لم تكن قوية بما فيه الكفاية لتحقق هذا الأثر.

وشدد جولياني على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينوي فرض المزيد من العقوبات وتشديد الخناق الاقتصادي على إيران والدول الأوروبية التي تسمح لمواطنيها خوض التجارة والصفقة مع إيران، هي تدعم الإرهاب والاغتيالات بشكل غير مباشر.

وأوضح أن المهادنات الأوروبية مع النظام الإيراني هي مجرد “ورقة مصالح” لا أكثر وليس هناك أي خطة لمقاربات جديدة في منطقة الشرق الأوسط.

المعطيات البريطانية
اختارت المملكة المتحدة بوريس جونسون زعيماً لحزب المحافظين ورئيساً للوزراء الذي أوضح منذ قدومه تغيير بعض المعطيات واتضح أن الرئيس الجديد (جونسون) يتحلى بصمود وقدرة على تقويض النظام الايراني المستبد الذي ينشر إرهابه في المنطقة وامتد حتى إلى أوروبا.

رئيس الوزراء البريطاني الجديد لم يبد أي قلق تجاه العلاقات التجارية الإيرانية وكيف سيتأثر الاقتصاد البريطاني حيال قطع العلاقات التجارية مع النظام الإيراني، وهذا في حد ذاته يبشر بمرحلة مهمة في علاقات البلدين، ويوضح أن رئيس الحكومة البريطانية الجديد ليس حريصاً على توقيع اتفاقات التجارة وكسب الأموال عن طريق إيران.

وأدلى جونسون بتصريحاته في وقت تشهد فيه العلاقة بين بريطانيا وإيران توتراً حاداً إثر محاولة طهران السيطرة على ناقلة نفط بريطانية، بعد احتجاز السلطات البريطانية في جبل طارق سفينة إيرانية كانت متجهة نحو سوريا في انتهاك للعقوبات الأوروبية المفروضة.

وقال الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إيلي غيرانماياه، لصحيفة (نيويورك تايمز): إن “أزمة الناقلات ستكون المحور الأبرز في الأسبوع الأول من العمل بالنسبة لجونسون”، وأضاف “على الرغم من أنه قال إنه يريد تجنب المواجهة، إلا أنه لا يمكن التنبؤ بما سيفعله لاحقاً”.

واعتبرت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، أن مهمة رئيس الوزراء البريطاني الجديد تتمثل في اتخاذ قرارات سريعة لإعادة تأكيد الزعامة البريطانية أمام تصرفات طهران الاستفزازية.

فرنسا.. الورقة المحروقة
الانتهاكات التي دأبت إيران على تنفيذها في الأراضي الفرنسية يضعها أمام “ورطة حقيقية” لا ينفع معها خطاب النفي أو الانكار وعندما يكشف مصدر دبلوماسي فرنسي أن وزارة الاستخبارات الإيرانية “أمرت” بالتخطيط لاعتداءات داخل فرنسا تستهدف تجمعات للمعارضة الإيرانية لا يكون الأمر مناورة أو رسالة مبطنة، بل هو إعلان لوقائع مثبتة حكماً ما يجعل من لعب النظام الإيراني على ورقة التأييد الفرنسي الدعم للحوار مع طهران بشأن برنامجها النووي ضرباً من الخيال.

وعلق قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في أكثر من مناسبة بأن “الاعتداءات الذي أحبطت في فرنسا يؤكد الحاجة إلى نهج متشدد في العلاقة مع إيران” وأضافت بيانات رسمية فرنسية أن السلطات “بعيداً عن التأثير على نتائج الإجراءات الجنائية المتخذة ضد المحرضين والمنفذين والمتورطين في مشروع الاعتداء هذا، اتخذت فرنسا تدابير وقائية هادفة ومتوازنة على شكل تبني تدابير وطنية بتجميد أصول الإيرانيين منهم أسد الله أسدي وسعيد هاشمي مقدم وإدارة الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية”، ولعل تجميد فرنسا العلاقات الدبلوماسية بعدم إرسال سفير جديد لطهران يوضح خطورة الدبلوماسية العميقة الدلالة على علاقات شبه مقطوعة عملياً بين الجانبيين.

والواقع أننا اليوم شهد إطباقاً فرنسياً حاسماً على بنى تحتية أمنية لإيران على الأراضي الفرنسية، وأفادت الشرطة أنها داهمت وفتشت أبرز المواقع التي تتلقى دعماً إيرانياً على أراضيها وفرضت رقابة على مسؤولين إيرانيين مشيرة إلى إن عملياتها الأمنية “تندرج في إطار التصدي للإرهاب”.

لا يكاد يمر يوم دون أن تهدد طهران المجتمع الدولي بشن هجمات على الملاحة البحرية، أو اتخاذ إجراءات مشبوهة يضاف ذلك إلى سياسات طهران المزعزعة للاستقرار في سوريا واليمن والعراق من الجلي أن النظام الإيراني تخطى كل الحدود ولم يعد يجدي معه سياسة الاسترضاء أو الصبر، تارة تستفز الاتحاد الأوروبي بشكل غريب ومفاجئ، وتارة أخرى تحرك أذرعها في اليمن ولبنان وسوريا لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وكلها معطيات تُعجل بانسحاب الأوروبيين من المهادنات مع إيران وتقوض ما تبقى من فرص للإبقاء على الاتفاق النووي. 

زر الذهاب إلى الأعلى