تحقيقات و تقاريرعاجل

تقرير: أردوغان حوّل الجيش التركي أداة لسياسته

في ظل تسارع الخطوات في تركيا نحو مزيد من التسلط، تجرى الأحد انتخابات برلمانية ورئاسية تعتبر بمثابة نقطة تحول في العلاقات بين الجيش التركي والمدنيين، وهو تطور خطير في بلد عانى عدة انقلابات، وتدخلات عسكرية تكررت، منذ عام 1960، كل عشر سنوات تقريباً.

وأعطى الكاتب أوزغور أوزكان، زميل قسم لغات الشرق الأوسط والحضارة لدى جامعة واشنطن في سياتل، مثالاً على آخر انقلاب عسكري جرى في تركيا( في صيف عام 2016)، مشيراً في مجلة “فورين بوليسي”، للتداعيات الكبيرة التي خلفتها المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو 2016، على القوات العسكرية التركية. إذ فيما شهد القطاع الأمني التركي إصلاحات هامة في مرحلة ما بعد الانقلاب، حصلت أيضاً عملية تسييس ضمن صفوف قيادات الجيش.
تيميل يثني على أردوغان
ويلفت كاتب المقال لانخراط القيادة العسكرية العليا في الحملة الانتخابية الحالية، وهو ما أثار جدلاً في تركيا. فقد أثنى الجنرال إسماعيل متين تيميل، قائد الجيش الثاني الذي قاد العمليات العسكرية في سوريا، في بداية العام الجاري، على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حينما سخر من مرشح المعارضة الرئيسي، محرم إنجي. وانتقد إنجي تصرف تيميل، وتعهد، في حال فوزه بالرئاسة، بتجريده من رتبه العسكرية. ويرجح أن إنجي كان يحاول تذكير الناخبين بخطورة تسييس الجيش التركي، وأكد الحاجة إلى إبقاء الجيش بعيداً عن السياسة، وهو ما دعا إليه أردوغان نفسه بعد المحاولة الانقلابية الأخيرة.
استعراض الولاء
ولفت أوزكان إلى قيام قائد أركان الجيش التركي، الجنرال خلوصي آكار، باستعراض ولائه لأردوغان. فقد تحدثت تقارير صحفية عن زيارة قام بها، في نهاية أبريل بصحبة إبراهيم كالين، الناطق باسم الرئاسة التركية، إلى الرئيس السابق عبد الله غول، الذي اعتبر في حينه أقوى منافس محتمل لأردوغان، وتمت مطالبته بعدم الترشح.  
وحسب كاتب المقال، كسب آكار، عبر تدخله العسكري في العملية الديمقراطية، رضا أردوغان. لكن سلوكه انطوى على خرق فاضح للأعراف الديمقراطية، وهو سلوك خطر بالنظر للعلاقات التاريخية المضطربة بين الجيش والمدنيين في تركيا.
انحياز
وبرأي أوزكان، يعكس كلا الحدثين مدى صعوبة تأقلم القيادة العسكرية التركية مع النظام الرئاسي الجديد، والذي يحتفظ به رئيس الدولة بعضويته الحزبية، خلافاً للنظام القديم.
ولكن، بنظر الرأي العام، أكدت مواقف قيادة الجيش التركي الرأي القائل إن الجيش لم يعد يلتزم الحياد السياسي. وإن انخراط الجيش في الحملات الانتخابية يمثل ضربة قاصمة للديموقراطية، وخاصة في بلد مثل تركيا التي شهدت عدداً كبيراً من الانقلابات العسكرية.
سيناريو مخيف
وباعتقاد كاتب المقال، هناك سيناريو مخيف لاحتمال حدوث صراع اجتماعي وسياسي في حال خسر أردوغان الانتخابات، ولم يكن مستعداً للتخلي عن السلطة. فقد تشجع مثل تلك الحالة الضباط الأتراك على التدخل كما فعلوا في أعوام 1960 و 1971 و 1980. ويحتمل أن يقود ذلك إلى فصل آخر مضطرب في الشؤون التركية المدنية – العسكرية، والتي كما جرى بعد انتخابات عسكرية ماضية، قد تقوض الديمقراطية التركية لعشرات السنين القادمة.  
استياء
ويشير أوزكان لكون السياسات التركية ووجهة نظر الضباط الأتراك تختلف حالياً بشدة عما كانت عليه في ستينات وسبعينيات القرن الماضي. في ذلك الوقت، كان الجيش، الذي اعتاد على تعريف نفسه بصفة حامي القيم العلمانية وحارس الكمالية، لا يتردد في التدخل من أجل الحفاظ على النظام العلماني. ولكن ذلك الموقف تلاشى تدريجياً منذ بداية الألفية الجديدة. وعلى نقيض ذلك، بات معظم الضباط حالياً يتقبلون فكرة بقاء الجيش خارج العملية السياسية، ولذا يستبعد احتمال وقوع انقلاب. ولهذا السبب، أثارت تصريحات سياسية أدلى بها مؤخراً ضباط كبار في الجيش التركي، مثل آكار وتيميل، استياء وحفيظة ساسة ومراقبين للحملة الانتخابية في تركيا.   

زر الذهاب إلى الأعلى