ما الذي يدور في عقل الفريق ؟
سؤال طرحناه في نوفمبر من العام الماضي، عندما تضاربت الآراء حول عودة الفريق أحمد شفيق، رئيس وزراء مصر الأسبق، الذي خاض نزالا محموما ضد الإخوان بانتخابات الرئاسة التي جرت عام 2012، في معركة ستظل بخلفياتها ونتائجها، وما قيل عنها من كافة الأطراف، محل دراسة وبحث في التاريخ المصري الحديث، ليقطع الرجل فجأة غموض الأشهر الماضية، معلنا عودته لمصر، وترشحه في الانتخابات الرئاسية منافسا للرئيس عبد الفتاح السيسي.
قبل عام من الآن، اتسعت رئتا شفيق، واستطاع التنفس سياسيا بشكل جيد، بعدما قضت الدائرة السادسة جنايات شمال القاهرة، برفع اسم «الفريق» من قوائم ترقب الوصول؛ كان الحكم نهاية لمرحلة غاضبة للفريق، لمز فيها كثيرا، وأكثر من الحديث حول وجود أياد سياسية اعتبرها وراء استمرار وضعه من الأساس على هذه القوائم، منذ عزل الإخوان عن الحكم.
مَارس «شفيق» هوايته في الطيران بعيدا عن توقعات الجميع، وعلى مدار أشهر طويلة، كان رجالات حزبه يؤكدون أنه يعد حقائبه استعدادا للعودة، بينما اكتفى الفريق بترديد بضع كلمات لا يفهم منها إلا انغماسه في عمل تقدير موقف، مفاده، متى تحديدا يكون الوقت المناسب لعودته، وما الذي سيفعله بعد مجيئه؟
المتاهات التي فرضها شفيق وحزبه حول عودته النهائية طوال الفترات الماضية، لم تكن مجرد تصريحات صحفية تلقى للاستهلاك الإعلامي، فمثل «الفريق» كل إشارة منه، تحتاج إلى إلقاء كل ما في جعبتك من تساؤلات، خاصة وأن التوقف الطويل في الترانزيت الخليجي كان يؤكد أن الرجل كان يدرس خياراته دون البوح عنها، حتى يغلق البواكي والثغرات القانونية، التي ربما تذهب به لمتاهات المحاصرة مرة أخرى.
كان الانتظار الطويل يؤكد أنه لايزال يشغل باله بطموحات سياسية، أكبر من مجرد قيادة حزب في الشارع السياسي، ومنه يودع السياسة تدريجيا للأبد، ورغم ذلك لم تفدِ الاتصالات التي أجرتها «فيتو» على وجه الخصوص خلال عام تقريبا في معرفة التكهنات السياسية حول عودة شفيق، وهل تعني أنها «إعلان مدفوع الأجر» لطرح نفسه من جديد في الانتخابات الرئاسية القادمة، أم يدير الرجل حربا تكتيكية خلفها خيارًا آخر.
لم ترّ المصادر حتى تلك المقربة من آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، من سوابق تصرفات الفريق، ما يشير إلى قراءة واقعية يفهم منها مآلاته القادمة، ورغم ذلك أكدنا أن إجابة هؤلاء لا توارب باب الفريق، بالعكس فتحته على مصراعيه؛ خصوصا وأنها تتطابق مع تصريحات قيادات حزب شفيق، التي تتنافى تماما مع «تميمة غامضة» اختارها عنوانا لتصريحاته التي ينطق بها كلما سُئل عن موعد وماهية خياراته القادمة.
كان الفريق يؤكد دائما أن الوقت غير مناسب للحديث عن أي شيء يتعدى ساعات يومه، ليفاجئ الجميع اليوم بإعلان ترشحه لرئاسة مصر، وعودته خلال أيام، ليصبح السؤال الأصلح والأكثر ملائمة من ذلك الذي طرحناه العام الماضي للفترة الحالية: ما الذي يستطيع شفيق تقديمه لمصر في هذه الظروف الصعبة، وهل لديه ما يقدمه حقا، أم تجاوزه الوقت والزمن ومتطلبات المرحلة ؟