قال السفير أحمد ايهاب جمال الدين مساعد وزير الخارجية لشؤون حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية إن مصر تؤمن إيماناً راسخاً بأهمية حقوق الإنسان، ونسابق الزمن لتحقيق آمال الشعب المصري التي جسدها هذا الدستور وللوفاء بالتزاماتنا التعاهدية الدولية، مشيرا إلى الجهود الحثيثة التى تبذلها الدولة لتطوير منظومتها الوطنية لحقوق الإنسان بكافة مكوناتها الحكومية وغير الحكومية وصولاً لتحقيق النقلة النوعية التي تليق بالشعب المصري.
وأكد السفير أحمد جمال الدين فى كلمة له بمؤتمر التشريعات والآليات اللازمة لمناهضة التعذيب أن الارتقاء بحقوق الإنسان في كافة دول العالم عملية مستمرة ومتواصلة، لم تحقق فيها أي دولة الكمال. فجميع الدول، بلا استثناء، لديها تحديات من نوع أو أخر، وجميعها يخضع لعملية المراجعة الدورية الشاملة، وجميعها يخضع لمناقشة اللجان التعاهدية للاتفاقيات الدولية لتقاريرها الوطنية.
وبدأ السفير أحمد إيهاب جمال الدين، مساعد وزير الخارجية لشؤون حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية، في مؤتمر “التشريعات والآليات اللازمة لمناهضة التعذيب” بالترحيب برئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان محمد فايق، قائلاً : “يسرني أن أمثل وزارة الخارجية اليوم في هذا المؤتمر الذي يعقده المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حول موضوع “التشريعات والآليات اللازمة لمناهضة التعذيب”. ويطيب لي بهذه المناسبة أن أرحب بضيوف مصر الكرام، والسيدات والسادة ممثلي الهيئات الحكومية والتشريعية والقضائية المعنية بحقوق الإنسان، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني وأساتذة القانون ورجال الإعلام، متمنيًا أن تكلل مساعيهم الحميدة في مؤتمرهم هذا بالتوفيق والنجاح”.
وأضاف : “اسمحوا لي أن أعرب عن خالص تقدير الدولة المصرية للمجلس القومي لحقوق الإنسان ولرئيسه وأعضائه، والتزامها التام بالتعاون مع المجلس، باعتباره، ومؤسسات المجتمع المدني، شركاء أساسيين في التوجه المصري للارتقاء بحقوق الإنسان. وكم نسعد بما يحظى به المجلس من وضعية “أ” في تصنيف التجمع الدولي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، نظرا لما يتمتع به من اتساق مع مبادئ باريس التي تنص ضمن أمور أخرى على الاستقلالية التامة. وغنى عن البيان ما تضمنه دستور البلاد الصادر عام 2014 لأول مرة من صلاحيات واختصاصات واسعة للمجلس كفيلة بأن يقوم بدوره على أفضل وجه. وسيجد المجلس من الدولة كل تعاون في إنجاز مهامه، وهي مهتمة بدراسة التقارير السنوية الصادرة عنه، وكذا بما يصدر عن المجلس من أراء وبيانات تؤخذ دائما في الاعتبار حتى وإن انتقدت أمور يريد المجلس أن يبدى رأيه بشأنها”.
وتابع جمال الدين : “فنحن في مصر نؤمن إيماناً راسخاً بأهمية حقوق الإنسان، ونسابق الزمن لتحقيق آمال الشعب المصري التي جسدها هذا الدستور وللوفاء بالتزاماتنا التعاهدية الدولية. كما تبذل الدولة جهوداً حثيثة لتطوير منظومتها الوطنية لحقوق الإنسان بكافة مكوناتها الحكومية وغير الحكومية وصولاً لتحقيق النقلة النوعية التي تليق بالشعب المصري. وقد كان من أهم المنجزات التي تحققت خلال المرحلة الأخيرة صدور قانون الجمعيات الأهلية الأخير بعد عملية تشاورية واسعة، بالإضافة إلى إنشاء لجنة عليا دائمة لحقوق الإنسان برئاسة السيد وزير الخارجية ستبدأ مهمتها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وأسندت إليها مهمة وضع استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، وتطوير الأداء وتعزيز كفاءة المؤسسات ذات الصلة والتدريب وبناء القدرات للكوادر المختلفة في الأجهزة الحكومية المختلفة، جنبا إلى جنب مع نشر ثقافة حقوق الإنسان وإدماج مبادئها في التعليم واقتراح أي تعديلات تشريعية مطلوبة. كما أن مصر ستقدم في 13 نوفمبر المقبل تقريرها الوطني لعملية المراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، وهي مناسبة للحوار مع مختلف شركائنا الدوليين لإبراز ما حققناه وما نتطلع لإنجازه في المرحلة المقبلة.
واستطرد : “الارتقاء بحقوق الإنسان في كافة دول العالم عملية مستمرة ومتواصلة، لم تحقق فيها أي دولة الكمال. فجميع الدول، بلا استثناء، لديها تحديات من نوع أو أخر، وجميعها يخضع لعملية المراجعة الدورية الشاملة، وجميعها يخضع لمناقشة اللجان التعاهدية للاتفاقيات الدولية لتقاريرها الوطنية، وبالتالي جميعهم لديهم سلبيات مازالت تحتاج إلى تصويب. الفيصل هو وجود توجه عام للدولة في الاتجاه السليم وإرادة سياسية للبناء على الإيجابيات وللتغلب على أي سلبيات. ورسالتنا في هذا المؤتمر هي أن مصر جزء من هذا التوجه الدولي العام، وإننا نتحدث اللغة الدولية لحقوق الإنسان، ونقوم من تلقاء أنفسنا، وبقناعة ذاتية، باتخاذ الإجراءات المطلوبة للارتقاء بها، باعتبار أن ذلك جزءا من عملية التنمية الشاملة التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية”.
وتابع السفير : “إن مؤتمر اليوم يمثل فرصة سانحة للتبادل الحر للآراء والأفكار، ولعرض الممارسات الفضلى التشريعية والمؤسسية والإدارية والسياسات التي تطبقها الدول المختلفة في معرض التصدي لجريمة التعذيب التي تعد واحدة من أهم التحديات التي تعترض سبيل تعزيز حقوق الإنسان، وأحد أخطر الانتهاكات التي تمس سلامة الفرد النفسية والجسدية، بل وحقه في الحياة في بعض الأحيان. ولعل مما يتعين توضيحه ابتداء أن التعذيب لا يقتصر فقط على ما قد يتبادر إلى الذهن من أفعال تهدف إلى إحداث آلام مبرحة لنفس الضحية أو جسدها، وإنما تتسع دائرته بحيث تشمل ضروباً أخرى من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وصولاً إلى الأفعال العنيفة التي تؤدي إلى إيقاع الآلام المبرحة والإصابات الجسيمة بالفرد”.
وكانت مصر من أوائل الدول التي جرمت التعذيب منذ عام 1883. ويجرم القانون المصري كافة صور التعذيب وأشكاله، سواء ارتكب بقصد الحصول على معلومات أو اعتراف، أو بقصد المعاقبة على عمل، أو بقصد التخويف أو الإرغام، أو كان قائمًا على التمييز، وذلك بالعقاب على تلك الأفعال بالمواد (126، 129، 375، 375 مكرر) من قانون العقوبات. وفي معرض تصدي القضاء المصري لتلك الجريمة؛ لم يشترط القضاء لانطباق حكم المادة (126) عقوبات حصول الاعتراف فعلاً، أو أن يكون التعذيب قد أدى إلى إصابة المجني عليه، وإنما اكتفى في هذا الصدد بوقوع التعذيب بغرض الحمل على الاعتراف. كما تناول المشرع بالتجريم جميع صور المعاملة غير الإنسانية أو المهينة الصادرة عن موظف عام ضد المواطنين، بداية من التعدي المادي أياً كانت طبيعته حتى التعدي اللفظي والإيحائي. وقد تراوحت العقوبات التي قررها القانون في تلك الصور السابقة بين السجن والسجن المشدد والسجن المؤبد إذا كانت تلك الممارسة مسبوقة بإصرار أو ترصد، وجعل العقوبة الإعدام إذا اقترنت أو ارتبطت بها أو تلتها جناية القتل العمد، وذلك في صورة متدرجة تؤدي إلى تحقيق العدالة المنشودة. هذا، وتقديرًا من المشرع المصري لخطورة جريمة التعذيب والآثار النفسية والجسدية الجسيمة المترتبة عليها، فقد نص في المادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية على عدم انقضاء الدعوى الجنائية الناشئة عن ارتكاب ممارسات التعذيب والمعاملة غير الإنسانية بمضي المدة. والدولة من جانبها، حريصة كل الحرص على وضع هذه النصوص التشريعية موضع التنفيذ من خلال سياسات وإجراءات تبادر بتنفيذها كل من وزارة الداخلية والنيابة العامة في معرض تعاملهما مع أي انتهاكات فردية قد تحدث.
وأضاف السفير فى كلمته : “هذا المؤتمر بما يضمه من مشاركين متميزين يمثلون نظمًا قانونية مختلفة، من شأنه إثراء الخبرات الحقوقية وتعزيز الأطر التشريعية والمؤسسات الوطنية بصورة تكفل التصدي الفعال لممارسات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، والإسهام في صيانة كرامة الفرد والمجتمع بأسره، بصورة تؤدي في النهاية الى تحقيق هدفنا المشترك المتمثل في القضاء بلا رجعة على هذه الآفة البغيضة؛ آفة التعذيب”.
واستطرد : “إنني وإذ أشيد بمبادرة المجلس القومي لحقوق الإنسان بعقد مؤتمر اليوم، والتي تأتي مستهدفة تطوير تعامل دولنا مع هذه القضية من حيث التشريع والتطبيق، فإنني أود أن أنوه بالدور المهم الذي تضطلع به المؤسسات الوطنية لحقوق الأنسان في الدفع بها على سلم الأولويات الوطنية رسميًا ومجتمعيًا، وفي إذكاء وعي الأفراد والمجتمعات بأهمية تعزيز احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وبلورة الرؤى والتصورات في هذا الشأن. ومن ناحية أخرى، تؤكد تلك المبادرة بما لا يدع مجالاً للشك أن إيماننا بأهمية تعزيز احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية كمكون أصيل للشخصية العربية، وجزء لا يتجزأ من تراثنا ومن آمالنا بالنسبة للمستقبل، وهو ما يعني أننا لا نقل إسهامًا عن أمم العالم الأخرى في إثراء منظومة القيم والمبادئ الحاكمة التي تجسدت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية المختلفة لحقوق الإنسان. وأود بهذه المناسبة أن أدعو المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن تقوم بدورها في دعم جهود المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بما يساعدهم على الاضطلاع بدورهم الرائد والمقدر في الدفع بأجندة حقوق الإنسان إلى الأمام”.