نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان ” خائفون على الجيش.. أم على أردوغان؟! ” جاء على النحو الآتي :-
الدكتور نادر نور الدين أستاذ الأراضى وخبير الموارد المائية، بعث لى برسالة على «الماسنجر» تقول: «لماذا تشن بعض قنوات الإخوان التى تُبث من تركيا، حملة بحجة عدم توريط الجيش المصرى فى الحرب الدائرة فى ليبيا، فى حين أنهم لم يفعلوا الشىء نفسه مع تركيا، التى يعيشون فيها، رغم أنها ترسل قواتها عبر البحار، إلى ليبيا، وليست لها حدود مشتركة، معها مثل سوريا مثلا، حتى تتحجج بأنها تحمى حدودها؟!».
لا أشاهد هذه القنوات، لكن بعض الزملاء الذين يشاهدونها أحيانا، قالوا لى إنهم استمعوا فعلا إلى هذه الرسالة فى هذه القنوات بصورة مختلفة.
للوهلة الأولى فإن بعض البسطاء حينما يستمعون إلى هذه الرسالة، فسوف يتصورون أن هدفها هو الخوف فعلا على الجيش المصرى، حتى لا يتورط فى الحرب الليبية، لكن حينما تصدر هذه الرسالة من قنوات دولة صوّت مجلس نوابها على قرار بإرسال قوات لمساندة حكومة الميليشيات فى ليبيا، فهو أمر غريب لا يحتمل إلا معنى واحد فقط، وهو أن هذه القنوات، صارت تعمل كترس فى المجهود الحربى لدولة أجنبية، وضد المصالح القومية لبلدها الأصلى مصر.
لو أن هذه القنوات وجهت نفس الرسالة للقوات المسلحة التركية بعدم التورط فى الحرب الليبية، كنا سنفهم فعلا أنها لا تريد لمصر أو لتركيا التورط، لكن حينما تكون الرسالة للقوات المسلحة المصرية فقط، فهى واضحة ولا لبس فيها.
فى بقية الرسالة التى أرسلها لى الدكتور نادر نور الدين يقول: «المعنى الوحيد هو أن هذه الحملة موجهة من النظام التركى، لهذه القنوات، التى صارت تعمل فى خدمة هذا النظام المعادى لمصر بصورة منهجية. يكمل نور الدين بقوله: «ولاء هذه القنوات والتنظيمات التى ينطقون باسمها بعيد تماما عن الوطنية، ولاؤهم فقط لمن يأويهم».
ما يقوله الدكتور نادر نور، ليس رأيا شخصيا، لكنه رأى كثير من المصريين العاديين، الذين كان بعضهم يشاهد هذه القنوات، ويعتقد أنها فعلا حريصة على المصلحة الوطنية، وتتحدث عن هموم المواطنين المصريين خصوصا الغلابة منهم. لكن الأزمة الليبية كشفت الكثيرين الذين كانوا يخدعون المصريين باسم الوطنية تارة، وباسم الإسلام تارة أخرى.
تقديرى الدائم أن من حق أى مصرى مهما كانت أفكاره أو قناعاته، أن يتبنى ما يشاء من أفكار، وأن يختلف مع حكومته أو رئيسه، كما يشاء، طالما أن الأمر فى إطار القانون والدستور. لكن حينما يرفع السلاح أو يحرض على العنف أو يهاجم جيش بلده، فالموضوع هنا خرج عن إطار إبداء الرأى إلى أمر مختلف تماما.
سمعت بنفسى بعض هذه القنوات تهاجم الجيش المصرى نفسه وتسخر منه، وليس حتى بعض مسئوليه، وبالتالى، حينما يأتى البعض منها اليوم، ويطالب هذا الجيش بعدم التورط فى «الصحراء الليبية»، بحجة أنه يخشى أن يورطه، فهى دعوة ليست لوجه الله، أو للخوف على هذا الجيش، بقدر ما هى دعوة لإفساح المجال والأرض والأجواء للجيش التركى حتى يفعل ما يشاء فى ليبيا.
مرة أخرى لا أتحدث عن تأييد أو عدم تأييد إرسال جيشنا إلى ليبيا، فهذا أمر تقرره القيادة السياسية ومجلس الأمن القومى، طبقا للمصالح المصرية العليا، لكن أستغرب تماما أن يتحول بعض المصريين إلى خدم فى بلاط حاكم يريد أن ينقل قوات بلاده آلاف الأميال إلى ليبيا الشقيقة، لتهديد دولتهم التى يقولون إنهم ينتمون إليها. علما أن بعضهم استغنى عن جواز سفر بلده، وصار يحمل جواز سفر تركيا.
اختلفوا ما تشاءون مع الحكومة أو النظام المصرى، لكن أن يصل الأمر إلى هذا المستوى، فالأمر ليس خلافا مع الحكومة أو الرئيس، أو حتى مع الدولة بمفهومها الواسع. خلاف بعضكم صار مع الوطن نفسه للأسف الشديد. وهى جريمة لا يمكن نسيانها أو غفرانها أو حتى سقوطها بالتقادم.