على الأباء أن يكونوا قدوة ومثلا يُحتذى به دائمًا بالنسبة لأبنائهم، لأنه إذا لم يكن للصبي أنموذج يُحتذى به من الذكور، سيتخذ قرارات هوجاء شديدة السوء عندما يكون غاضبًا أو مُكتئبًا أو عندما يشعر بالوحدة.
يقول ريان بيرجلوند، أخصائي المسالك البولية في معهد جليكمان للمسالك البولية والكلى في كليفلاند كلينك: إن الكثير من الأسر يتجنب فيها الآباء مناقشة أبنائهم في الأمور الصحية. ويُشير إلى أنه عندما تتحدث مع أحد الرجال عن تاريخهم الصحي، فتجده يُخبرك: “مات أبي في سن الـ75، كان يعاني من مشكلة في البروستاتا، أعتقد أن هذا سبب موته، لكنني لست مُتأكدًا”.
وفقًا للعديد من الأبحاث، فإن الإلمام بتاريخ العائلة الصحي والطبي يساعد على علاج الكثير من الأمراض، واكتشافها مُبكرًا مثل أمراض السرطان والقلب وغيرها من الأمراض المزمنة.
غموض الرجال
حسب بيرجلوند فإن الرجال غالبًا ما يكونون غامضين بشأن تاريخ صحتهم الأسرية، رغم أهمية هذه المعلومات بالنسبة للأطباء، ويقول: “علم الوراثة المشترك هو عبارة عن مجموعة من البيانات المُهمة، وجود أب مُصاب بسرطان البروستاتا يضاعف خطر إصابة ابنه به، وبمجرد أن يعلم الطبيب ذلك، فإنه يبدأ في فحص البروستاتا للمرض المُحتمل في سن مبكرة”.
وحسب استطلاع رأي أجراه بيرجلوند وزملاؤه عام 2017 لمعرفة عدد الآباء الذين يتحدثون حول الصحة مع أبنائهم، وجدت أن 70 % من الآباء تحدثوا مع أبنائهم عن بعض الأمور المتعلقة بالصحة ، ولكنهم تجنبوا التحدث معهم في أي مواضيع مُتعلقة بالعلاقات الحميمية أو النظام الغذائي، أو صحة المسالك البولية، أو ضرورة إجراء فحوصات سنوية، وأظهرت النتائج أن قرابة نصف الأعداد المُشاركة في الاستطلاع لم يكونوا على دراية بتاريخ صحتهم العائلية.
الشعور بعدم الارتياح
أكد داريل ديفيدسون، مدير مبادرة ميلووكي للأبوة، أن من أهم الأمور التي يجب على الآباء القيام بها رفقة أطفالهم هي معرفة كيفية اصطحابهم إلى الطبيب، ومعرفة كم مرة يجب أن يذهبوا، وما هي الأسئلة الضرورية التي عليهم طرحها خلال الزيارة، ومعرفة معلومات عن مواعيد التطعيم والعناية بالأسنان وكل ذلك.
ربما يشعر الآباء بعدم الارتياح أثناء تحدثهم مع أبنائهم عن هذه الأمور، ويقول بيرجلوند إنهم قد يجدون صعوبة في العثور على الكلمات المناسبة للتحدث عن الصحة الجنسية أو أهمية وضرورة الاعتناء بالجسد، وينصح الآباء بتوجيه أبنائهم بمعرفة كيفية إجراء فحص شهري للخصية أثناء الاستحمام للتأكد من أنهم ليسوا مُصابين بأي أمراض.
يؤكد الأطباء أن الآباء يجب أن يكونوا المصدر الرئيسي الذي يحصل منه الأطفال على المعلومات الدقيقة التي تساعدهم على الاعتناء بأنفسهم، كي لا يتوجهوا إلى الإنترنت أو يحصلوا على معلومات غير دقيقة وغير موثوقة تضرهم.
الانفتاح بين الأب والابن
بحكم طبيعة المجتمع الذكورية فإن بعض الآباء ينقلون إلى أبنائهم شعورًا بأنه من الضروري كتم مشاعرهم، وعدم الإفصاح عما يمرون به، أو إخفاء أنهم يحسون بأي ألم، حتى لا يظهروا في مظهر الضعفاء، وكي يتجنبوا سخرية الآخرين منهم، فيما يؤكد الأطباء والباحثون والخبراء النفسيون أنه من الضروري أن يُعلم الآباء أبناءهم ثقافة الشعور بالألم، و يخبروهم أنه من الطبيعي أن يشعروا بالألم أو أن يكون هناك خطب ما بهم، وأن طلب المساعدة أمر طبيعي ولا يوجد فيه أي عيب ولا مشكلة.
ووجد الباحثون أن أطباء الألفية الجديدة أصبحوا يستعملون هذا النهج في التعامل مع أبنائهم، أصبحوا أكثر انفتاحاً معهم، وباتوا يتحدثون معهم بخصوص العديد من المسائل والمواضيع التي كان يخشى أي أب في الأجيال السابقة التطرق إليها مع نجله.