هناك مؤشرات على نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، تنعكس فى تقدم الجنيه وارتفاع نسبة النمو، واستقرار فى الأسعار، وتوقعات بمزيد من الخطوات التى ترفع ثمار الإصلاح خاصة للموظفين ومحدودى الدخل فى صورة رفع للرواتب، وهى إشارة وردت فى حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء لقائه مع الإعلاميين على هامش افتتاح مشروعات بالفيوم، فقد لفت الرئيس النظر إلى «أن الأسعار بدأت تنخفض لكن لايزال هناك طبقة من الشعب تعانى وهى طبقة محدودى الدخل».
ونظن أن ما ذكره الرئيس يفترض أن ينعكس على برامج وتحركات الحكومة خلال الفترة حسب خطاب تكليف الحكومة، لأن الأغلبية التى تحملت تأثيرات وآلام الإصلاح الاقتصادى باعتباره ضرورة، يفترض أن تشعر بثمار الإصلاح وهو ما يشير إليه الرئيس بشكل واضح. ونظن أن تحقيق هذا يقع على عاتق البرلمان والحكومة من خلال تشريعات وتوصيات تساهم فى هذه الخطوة، وعليهما أيضا البدء فى فتح الباب لتوسيع المشاركة السياسية وإنجاز إصلاح سياسى أصبح مناسبا بعد استقرار أمنى واقتصادى واضح.
وأصبحت هناك ضرورة لأن تأخذ الحكومة والبرلمان خطوات نحو توسيع المشاركة السياسية، وأن توضع خريطة طريق بأولويات الاستحقاقات الانتخابية، ففى العام الجديد تحل ثلاثة انتخابات برلمانية وأيضا محلية وانتخابات مجلس الشيوخ، وإذا كانت الانتخابات البرلمانية مهمة باعتبار وجود مجلس تشريعى، تأتى الانتخابات المحلية فى المرحلة التالية مباشرة.
ومع الاعتراف بأهمية مجلس الشيوخ ضمن الاستحقاقات الدستورية فإن إنهاء قانون الإدارة المحلية الجديدة هو الآخر يفترض أن يتم الانتهاء منه وأن يتم تخصيص مساحة له ضمن المناقشات والحوارات السياسية والمجتمعية، لأن المحليات لم تعد تتحمل تأخيرا أكثر من هذا، وهناك تأخر فى إقرار القانون طوال شهور بالرغم من أن الرئيس قبل 6 أشهر وفى أكثر من مناسبة طالب مجلس النواب بالانتهاء من قانون الإدارة المحلية الجديد، ومرت الشهور من دون أن يحدث شىء.
تجدد الحديث، أمس الأول، فى لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الإعلاميين على هامش افتتاح مشروعات بالفيوم، وتحدث الرئيس عن أننا أمام ثلاثة استحقاقات انتخابية، ودعا الى حوار مجتمعى لتحديد أولويات هذه الانتخابات، كما تناول علاقة الدولة بالأحزاب السياسية، وقال عن المسألة ليست الدعم المادى «أنا مش طرف ضد، ومعنديش حزب حاكم، حتى أنجح من ضعف الآخرين.. والإصلاح السياسى مرتبط بحركة الجماهير والأحزاب وقدرتها على التأثير»، لافتاً إلى أن تعيين شباب من تنسيقية الأحزاب نوابا للمحافظين، بهدف إثراء الحياة السياسية.
هناك مؤشرات فى حديث الرئيس عن الإصلاح السياسى، تمثل نقاطا يمكن البناء عليها ولا نعرف ما إذا كانت الأحزاب القائمة لديها أى تصورات يمكن أن تقدمها أو قدرة على الدخول فى حوارات تنتهى إلى تحالفات سياسية أو كتل تمثل قاعدة للبناء عليها، لأن وجود حياة سياسية تتحمل التنوع والحوار من شأنها أن تسد أى فراغات يمكن أن تعانى منها الحياة السياسية فى مصر.
كل هذه عناوين يفترض أن تبدأ مؤسسات التشريع والحكومة إنجازها أو فتح حوار حولها مع القوى السياسية، وبالرغم من أن المشهد الحزبى غائم ومرتبك، وهناك أعداد للأحزاب ليست منعكسة على الواقع، فهناك فرصة لدى الأحزاب التقليدية مثل الوفد والتجمع والناصرى والأحزاب الجديدة أن تجتمع وتحاول وضع خارطة طريق يمكن من خلالها الالتقاء حول مطالب تكون قاعدة للعمل، بحيث يكون هناك فرصة لملء فراغ سياسى، لم يعد مناسبا استمراره.