نشر موقع اليوم السابع مقالاً للكاتب أكرم القصاص بعنوان ( حل نصف مشكلات مصر فى المحليات ) ، وفيما يلي نصه :
تظل المحليات هى النقطة المركزية لأى تقدم تحدثه مصر، ولا يعقل أن تبنى الدولة كل هذه المدن والمشروعات فى كل مكان بمصر جنوبا وشمالا، بينما يظل الأداء الإدارى الحكومى عموما، والمحلى على وجه الخصوص متأخرا عن خطوات الدولة، وقد تحدث الرئيس السيسى مرات عن أن العاصمة الإدارية ليست بديلا للقاهرة، وتدل خطوات تطوير القاهرة التاريخية على هذا الاتجاه، فالقاهرة هى النموذج الذى ينعكس ما يجرى فيه على ما يجرى فى باقى مصر.
ثم إن تطوير المحليات وإنهاء الاعتماد على الحكومة فى القرارات الخاصة بالمحافظات يحمل الحكومة والبرلمان الكثير من الأعباء، لأنه ينقل كل هموم الناس فى المحافظات والمدن والقرى إلى المركز، ويتحول عضو مجلس النواب مع الوقت إلى عضو مجلس محلى يحمل طلبات ومشكلات المواطنين فى دائرته للقاهرة حتى يحظى برضا الناخبين، بينما الطبيعى أن يتم حل مشكلات المواطنين فورا وفى أماكنها.
لقد كان تأخير إصدار قانون الحكم المحلى واحدا من أكثر المشكلات المثيرة، فقد طرح للمناقشة منذ عام 1997، وظل يراوح مكانه ولو راجعنا تصريحات كل وزراء الحكم المحلى طوال هذه الفترة، نكتشف أن الوزير يظل يصرح حول القانون ويخرج ليبقى الأمر معلقا، يضاف لذلك أن الحزب الوطنى ظل مسيطرا لأسباب سياسية على المجالس الشعبية، بينما تفشى الفساد والإهمال وتكدس الموظفون ليتحولوا إلى أدوات تعطيل.
لكن واضح من كلام الرئيس فى أكثر من مناسبة، عن النية فى إنهاء قانون المحليات وإنجاز الانتخابات بشكل يؤدى إلى وجود مجالس من الشباب تكون قادرة على مناقشة ومراقبة الأوضاع وطرح المشكلات المحلية بشكل يسهل من حلها، لأن ما يجرى الآن أن العنكبوت عشش فى المدن والأحياء بشكل جعلها عاجزة، فضلا عن كونها غارقة فى الفساد والتسيب، وهو ما أشار إليه الرئيس بشكل واضح أكثر من مرة.
وفى مؤتمر الشباب الأخير قال الرئيس: «إن حجم التعدى على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة يعكس الدور الخطير والمهم للمحليات، هناك غياب كامل للمحليات والنتائج صعبة جدًا»، وتساءل: هل ما نراه فى مصر يعكس دورا وأداء جيدا ومنضبطا وكفئا؟.. وأجاب: «لا طبعا، إحنا شايفين حجم التجاوز.. أى مبنى يتم بناؤه خارج الإطار من شغل المحليات، وأى تعديات هو شغل محليات، عندنا فى مصر مشكلة كبيرة فى هذا الأمر».
ولم يتردد الرئيس قى الإشارة إلى الخارج قائلا: «فى دول أخرى لا يستطيع مواطن زراعة أو يشيل شجرة أمام بيته إلا وكان هناك تصديق من المحليات. كان يشير إلى ما نردده جميعا ويردده من يسافرون للخارج ويشاهدوا الحسم والقانون الواضح الذى يمنع التجاوز أو التعدى أو الإشغال.
ربما يرى البعض أن مجرد إصدار قانون المحليات لا يكفى طالما ظلت الإدارة فى أيدى موظفين وإدارات هندسية غارقة فى الإهمال والفساد، لكن إجراء انتخابات محلية تنتج مجالس شعبية يفترض أن تكون مقدمة لإعادة بناء الحكم المحلى، وإنهاء المركزية وفصل الإدارة عن السياسة بحيث تكون الإدارة قائمة على الخدمات الإلكترونية والمباشرة، بحيث يقل الاحتكاك مع العنصر البشرى الذى يقف وراء أغلب المشكلات المحلية ويفتح باب الفساد.
ولهذا فإن حل نصف مشكلات مصر يكمن فى المحليات فى الأحياء والمدن والقرى.