خلال ندوة نظمها أيام قرطاج المسرحية في إطار الدورة الثالثة والعشرين تحت عنوان نحو آفاق للإنتاج والتوزيع في البلدان العربية والأفريقية، ناقش عدد من المسرحيين من بلدان مختلفة آفاق الإنتاج والتوزيع في البلدان العربية والأفريقية،ومشاكل التمويل، وأبرز معوقات الإنتاج والتوزيع .
في البداية تحدثت مديرة الدورة نصاف بن حفصية و أشارت في كلمة افتتاح الندوة إلى هاجس التوزيع الذي يؤرق المسرحيين العرب والأفارقة لذلك اختارت الهيئة هذا الموضوع لأنه هاجس مشترك بين المسرحيين في المنطقة العربية والإفريقية وتمثل الندوة الفكرية تقليدا من تقاليد المهرجان لا يقل أهمية عن الورش والعروض وعروض الشارع.
وأشار الدكتور محمد مسعود إدريس مدير الندوة إلى الصعوبات التي تواجه المسرحيين في توزيع أعمالهم خاصة خارج حدود بلدانهم خاصة مع ضيق السوق المحلية واقتصار الدعم على ما تقدمه الدولة سواء في مستوى الإنتاج أو في مستوى العروض المدعومة وأكد على أن هذه الندوة تطمح إلى فتح الآفاق في سوق أكبروالاستفادة من وجود ملايين العرب والأفارقة في أوروبا الذين يمثلون سوقا مهمة للإنتاج المسرحي العربي والإفريقي فالسوق موجودة ولكن المسالك والسياسة الثقافية غائبة على حد قوله وما تطمح له الندوة هو الخروج باقتراحات عملية وبعث منصة افتراضية لتشجيع المسرحيين على توزيع أعمالهم .
وتحدث في الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور حمدي الحمايدي وقدم فيها المسرحي الفرنسي من أصول أفريقية (بوركينا فاسو ) حسّأن قاسي كواتي Hassan Kassi Kouyate شهادة حول تجربته في مدينة ليموج الفرنسية شهادة حول تجربته وكيف نجح في ترويج أول عمل مسرحي له سنة 1997في حوالي أربعين دولة .
حسّان قال أنه كان محظوظا لأنه التقي في حياته نساءا ورجالا ساعدوه كثيرا وأكد على أنه لا يمكن الحديث لا عن أنتاج ولا عن توزيع بدون سياسة ثقافية واعتبر أن المسألة لا تتعلق بالمال فقط بل في ضرورة توفر أرضية إدارية وقدرة على التصرف وأكد أن الفضاء الفرنكفوني الذي وزع فيه أعماله ليس الفرنكفونية بالمعنى السياسي كدول مستعمرة سابقا من فرنسا بل كفضاء ثقافي فكوريا الجنوبية مثلا اليوم هي بلد ضمن الفضاء الفرنكفوني ولم تكن مستعمرة فرنسية في حين أن الجزائر ليست جزءا من المجموعة الفرنكفونية كما أن لكل بلد فرنكفوني خصوصياته .
وأشار إلى ضرورة البحث عن “الخصوصية “في الإبداع المسرحي والفني ولابد من دراسة السوق قبل التفكير في الوصول إليه واعتبر أن الديكور وعدد الممثلين والسينوغرافيا كلها عناصر لابد من مراعاتها قبل التفكير في ترويج العمل خارج الحدود لأن هذه العناصر مرتبطة بتكلفة العرض وبالتالي أمكانيات ترويجه خارج الحدود، وتوقف عند عائق الفيزا الذي تعاني منه الفرق المسرحية والعربية وهو ما يحرم المسرحيين من السفر وتقديم أعمالهم خارج الحدود .
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور لسعد الجموسي قدّم سارج لمبفاني Serge Limbvani مدير مهرجان مالوبا الدولي للمسرح في الكونغو شهادة حول تجربته مؤكدا على أن العروض الحية منها المسرح يجب أن تخضع لمجموعة من الشروط والضوابط حتى تستطيع أن تتجاوز الحدود وقال أن أيام قرطاج المسرحية مكنته من متابعة عروض من فلسطين العراق والاردن لم يكن ليتمكن من متابعتها لولا أيام قرطاج المسرحية .
وأشار إلى أن العرض المسرحي يجب أن يكون فيه مردود مالي إلى جانب القيمة الفنية ويجب القطع مع ثقافة العروض المجانية لأن المسرح يحتاج إلى تمويل حتى يمكن أن يستمر الإنتاج .
وأكد على أن المسرح في المنطقة الإفريقية والصحراء يعاني من التمويل ففرنسا تقريبا هي الممول الوحيد وهي تمول أعمالا تتماشى مع رؤيتها ومصالحها والكثير من الأعمال تموت بمجرد ولادتها ولا تعرض وأخرى تعرض في فرنسا ولا تعرض في بلد الأنتاج !
مدير مهرجان مالوبا قال أن مشاكل النقل والفيزا من أبرز الصعوبات التي تواجه المسرحيين ولابد من صيغ تشاركية بين المهرجانات، وشهدت الندوة نقاشا وتبادل التجارب وشارك فيه عدد من المسرحيين والمهتمين بالمسرح مثل ربيعة بن عبد الله وعلي العليان مدير مهرجان المسرح الحر بالأردن وفتّاح ديوري (مغربي مقيم في ألمانيا )،والمخرج مازن غرباوي من مصر رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي ، وباتريسيا غوميز من السينغال والطاهر بن قيزة وغيرهم.
وقد أجمعت الآراء على ثلاث مسائل أساسية الأولى هي غياب السياسة الثقافية في معظم البلدان العربية والإفريقية التي تحفّز المسرحيين وتساعدهم على ترويج أعمالهم خارج الحدود المحلية والثانية غياب شبكة عربية وإفريقية تتكفّل بالتوزيع والإنتاج المشتركة والثالثة عائق الفيزا الذي أصبح عائقا حقيقيا أمام المبدعين ولابد من توفر إرادة عربية وأفريقية تقنع الجانب الأوروبي بضرورة تغيير معاملته للمبدعين وأحداث فيزا إبداعية لأنه لا يعقل حرمان المبدع من السفر لتقديم إنتاجه للجمهور العربي والأفريقي وحتى الأوروبي في أوروبا .