تحقيقات و تقارير

“الأمية” سرطان ينهش في جسد الدولة

“الأمية” سرطان ينهش في جسد الدولة و تعوق التنمية والتطور.. محافظات الصعيد تتصدر القائمة بسبب العادات والتقاليد

تعتبر الأمية من أكثر الأسباب التي تعوق التطور والتنمية، وتقف سدًا منيعًا أمام التطورات التي يشهدها المجتمع بشكل عام في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

وكانت مصر في مقدمة الدول التي واجهت مشكلة الأمية باعتبارها قضية يترتب عليها مصير أجيالًا متتالية، وتراكمت على مدار السنين أعداد كبيرة من الأميين وتزايدت خاصة بين المرأة في البيئات الريفية والمناطق النائية المحرومة من فرص التعليم.
وبذلت الدولة جهودًا مُكثّفة في مجال محو الأمية خلال الحقبة الماضية إلا أنها لم تنته حتى الآن لكبر حجم المشكلة.
عرفت مصر الأمية منذ عام 1886، واستمرت المجهودات قائمة لمحاربة الأمية في مصر، وصدر أول قانون لــ”محو الأمية” عام 1944، وتبنت آنذاك برامج محو الأمية عام 1976.
ووفقًا للتقارير والإحصاءات الرسمية فإن نسبة الأمية في مصر تنتشر بين الإناث أكثر من الرجال، حيث تعتبر المناطق الريفية حاضنة لأكبر نسبة من الأميين عنها في المدن الحضارية، وتعد محافظات الصعيد من أكثر المناطق التي يرتفع بها نسبة الأمية، وبحسب التقارير الرسمية فبلغت نسبة الأمية ما يعادل 42% من عدد سكان محافظات الصعيد.
وبحسب تقارير أصدرتها وزارة القوى العاملة، فإن عدد الأميين عام 2015 بلغ حوالى 14.5 مليون نسمة، من بينهم 3.9 مليون من الإناث، ما يعنى أنه يوجد فرد أمي من كل 5 أفراد.
ووفقا لتقارير سابقة صادرة من الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء، فإن معدل الأمية بين الشباب يصل إلى 7.6%، وبين كِبار السن 58%، ومعدل الأمية للمقيمين في مناطق الحضر والمدينة بلغ 13% مقابل 27% لسكان المناطق الريفية.

وأثبتت آخر التقارير التي صدرت من قبل جهاز التعبئة العامة والإحصاء أن نسبة الأمية تراجعت إلي 25.9% من تعداد السكان عام2017، بالرغم من وصول عدد الأميين في مصر إلى حوالي 18 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.4 مليون نسمة مقارنة بعام 2006.
تفسر هبة السعيد، أخصائية اجتماعية، لـ”البوابة نيوز” انتشار نسبة الأمية والجهل في مصر بأنها مؤشر خطر داخل الأسر والمجتمع، مضيفة أن الأبوين اللذين لم يحصلا على قسط من التعليم يجهلون أهمية حصول أبنائهم على التعليم والشهادة الجامعية، مما ينتج عنه تركهم للمدارس والتعليم في مرحلة عمرية مبكرة، ما يؤثر أيضًا على سلوكهم وفكرهم في المستقبل، وأن الأبوين الأميين يشغلهم فكرة “تشغيل أبنائهم” لجلب الأموال فقط.
وتحذر هبة سعيد، من ارتفاع نسبة الأميين لأنهم يجهلون القوانين والتعاليم الصحيحة مما يساهم في ارتفاع نسبة الجرائم لأنهم “دولة داخل الدولة”، على حد قولها، يجهلون الحقوق والواجبات وبالتالي أفعالهم ليست ذات مرجعية أو خلفية توعوية، ويعانون من ضعف الثقة بالنفس لأنهم فى مستوى أقل فكريًا وثقافيًا وتوعويًا بين أفراد المجتمع.
وتابعت: “من نتائج الأمية انتشار الجرائم كاغتصاب الأطفال وغيرها من الجرائم غير الأخلاقية، وللحد من ارتفاع معدلات الأمية فيجب القضاء على العادات والتقاليد الرجعية وتوظيف الإعلام كوسيلة لمنابر التنوير والعلم والثقافة، وتطوير وسائل ومناهج التعليم، وتنظيم حملات توعية تتهدف الأمهات لعدم السماح لأبنائها بالتسرب من التعليم.

زر الذهاب إلى الأعلى