هي بالتأكيد ليست “زيارة بروتوكولية” والرجل لم يأت للاستمتاع بدفء شمس الأقصر الساحرة، فالرئيس الصيني شي جين بينج يمتلك رؤية استراتيجية واضحة، ومنذ صعوده لسدة الحكم قبل عامين تقريباً استطاع أن يقود سفينة بلاده دون ضجيج وسط عالم مضطرب.
“الأمير الأحمر” كما يلقب في بلاده زار القاهرة ضمن جولة “شرق أوسطية” شملت إيران والسعودية، ويراهن المراقبون على أن تغير الزيارة من خرائط التحالفات في المنطقة، وكذا طرق التجارة ومناطق الالتهاب والمواجهات، التي تدور فيها منذ سنوات.
أهداف الزيارة تتجاوز العبارات الإنشائية الطيبة التي جاءت في البيانات الرسمية، وتتقاطع السياسة فيها مع الاقتصاد، وإعادة بناء المحاور الإقليمية مع “الحلم الصيني” الذي أطلقه بينج قبل أسابيع وأهم ملامحه إحياء “طريق الحرير”، الذي كان شاهداً على العصر الذهبي للامبراطورية الصينية.
مصادر مطلعة كشفت عن محاولة جادة قام بها الرئيس الصيني لتجسير الخلاف السعودي الإيراني، وتفعيل الدور المصري في الأزمة وفي المنطقة عموماً، فضلاً عن “إعلان غير مباشر” بتراجع النفوذ الغربي والأمريكي تحديداً، من خلال شراكة استراتيجية مع مصر، التي أعلنت عن انضمامها لمشروع طريق الحرير رسمياً، في حين قدمت الصين منحة قيمتها مليار دولار توضع كوديعة في البنك المركزي، ووقع رئيسها على اتفاقيات تتضمن ضخ استثمارات تقدر بخمسة عشر مليار دولار، الأمر الذي يجعل من مصر بوابة للعملاق الأصفر على القارة السمراء بالكامل.
وأضافت المصادر “بكين أبلغت القاهرة عن تدخل حاسم لها في أزمة “سد النهضة” الأمر الذي يؤشر لانفراجة قريبة، كون الصين من أكبر المستثمرين في إثيوبيا، ووجودها هناك فعال ومؤثر”.
التفاهمات الاقتصادية بين مصر والصين شملت إنشاء منطقة صناعية بمحور قناة السويس، وكذا الكهرباء والطاقة والبنية التحتية، فيما يغلف الغموض الجزء الأكبر من التفاهمات السياسية، ولكن من المؤكد ــ حسب المصادر ــ أن تشهد الأيام القليلة المقبلة، وضوحاً في الانحيازات الجديدة للقاهرة، وربما “إعادة تموضع” كامل تعود فيه مصر لـ”اتجاه الشرق”.