«أهلنا بلا خبز».. الحكومة تناقض نفسها في أزمة جزيرة الوراق
تعيش جزيرة الوراق على صفيح ساخن، بين خوف وغضب أهالى الجزيرة، وقرارات إزالة رسمية لـ700 حالة تعد، واجبة النفاذ قانونًا وتعد فى حكم القرارات السيادية، لتزيد الاشتباكات التى وقعت خلال أول أيام تنفيذ تلك الحملات أمس الأحد من حدة الموقف، خاصة مع سقوط قتيل و19 مصابًا بين الأهالي، علاوة على إصابة 31 من ضباط وأفراد الأمن، وانسحاب القوات بعد تنفيذ 30 حالة إزالة، والقبض على عدد من المتهمين، لنرصد فى السطور التالية ثلاث تناقضات فى الروايات الرسمية تزيد الأمر سوءًا.
ثلاث روايات مختلفة لعدد المتهمين المقبوض عليهم
وبشأن عدد المتهمين المقبوض عليهم، طالعتنا الأجهزة الرسمية بثلاثة أرقام مختلفة، ففى يوم الإثنين أصدرت وزارة الداخلية بيانًا قالت فيه إنه تم القبض على 10 متهمين بالتعدى على الأمن وإثارة الشغب، فى حين أنه وحتى الساعة الثالثة عصر اليوم التالى "الإثنين" تبين خلال مباشرة فريق نيابة شمال الجيزة الكلية، التحقيق تحت إشراف مصطفى بركات رئيس النيابة الكلية، أن المتهمين الخاضعين للتحقيق 9 فقط، وفى ذلك الوقت خرج تصريح منشور للواء هشام العراقي مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، يقول إن الحملة التي شنتها أجهزة الأمن بالتعاون مع مسئولي محافظة الجيزة كانت في إطار تنفيذ القانون وقرارات الإزالة الصادرة مسبقًا لمخالفات وتعديات علي أراضي الدولة، وأن هناك "عناصر أججت الوضع"، وتم القبض على 13 من تلك العناصر وأُحيلوا إلى النيابة التى تولت التحقيق.
لا تهجير ونهدم المخالف وغير المرخص.. ولا يوجد تراخيص بالجزيرة من الأساس
وعلى ما يبدو فإن المبادرة التى أطلقلها اللواء كمال الدالي محافظ الجيزة، بعقد لقاء مفتوح مع أهالي الجزيرة، لطمأنتهم والرد على الشائعات التى تثير مخاوفهم لتوضيح الأمور، تعد ضرورة ملحة، ليس بسبب كثرة الشائعات فقط، ولا حتى بسبب تضارب المصالح واختلاف وجهات النظر بين الحكومة والمواطنين بالجزيرة، ولكن لوجود لبس داخل تصريح المسؤول الواحد رغم مجيئها فى سياق عام مطمئن.
ففى أكثر من بيان وتصريح نفى "الدالى" اعتزام تهجير سكان الجزيرة، وأن حملة إزالة التعديات تستهدف المخالفات فقط، مشددًا على أنه لم يتم الاقتراب من العقارات المأهولة بالسكان، على الرغم من أن بعضها مُقام على أملاك الدولة، ولم يتم إخراج ساكن من شقته، ولم تقترب القوات من الزراعات المثمرة.
وتضمنت تصريحات الدالي فى تصريحات تليفزيونية له: "هناك منازل خالية من السكان ومقامة دون ترخيص، ولا يوجد بها أسر، وجميع سكان جزيرة الوراق يقيمون فى منازل دون ترخيص، ولا يوجد ترخيص على الجزيرة أساسا"، وجاء الجزء الأخير من التصريح يستدعى وقفة لتوضيح حقيقة الموقف وبيان ما سيؤول إليه الأمر، إذا أخذنا فى الاعتبار أن كل منزل دون تصريح هو مخالف، فماذا سيكون مصير منازل السكان غير المرخصة مستقبلًا.
أهالي الجزيرة أهلنا.. وقطع المعديات لساعات ومنع حصص دقيق الخبز
وعلى الرغم من التصريحات المؤكدة على تقدير موقف أهالي جزيرة الوراق الذين يعيشون فيها منذ سنوات مديدة، ومنهم من يمتلكون الأراضى بأوراق رسمية تثبت ذلك، ومنهم أصحاب مواقف قانونية يتمتعون بأراض مؤجرة بنظام حق الانتفاع، وقول اللواء كمال الدالي محافظ الجيزة إنه واحد من أبناء الجيزة و"أهل الوراق أهالينا"، إلا أنه ومنذ أحداث الأزمة وحتى صباح اليوم التالى، اشتكى الأهالى بخلاف الروايات الرسمية من قطع المعديات بما شل حركة أهل الجزيرة وجعلهم يعيشون لساعات كأنهم محاصرون فيها، حتى تمت إعادة تشغيل المعديات قرابة الساعة الواحدة ظهرًا.
وفى ذلك السياق توقفت المخابز بجزيرة الوراق عن العمل صباح اليوم الإثنين، بسبب عدم حصول أصحابها على الحصة اليومية من الدقيق، مما تسبب فى تجمهر الأهالي أمام المخابز.
وأوضح أحد أصحاب المخابز بالجزيرة، فى خبر صحفى منشور عن ذلك الأمر، أنه لم يتمكن من الخروج من الجزيرة للحصول على حصته في الدقيق بعد غلق المعديات، وأنه لن يستطيع العمل إذا استمر الحال هكذا بغلق المعديات صباحا.
كانت منطقة جزيرة الوراق قد شهدت اشتباكات بين الأهالي ورجال الشرطة في أثناء تنفيذ حملة لإزالة التعديات على أراضي الدولة، أسفرت عن إصابة 31 شرطيا، ومصرع شخص وإصابة 19 من الأهالي.
وتقع جزيرة الوراق، فى منطقة الوراق بمحافظة الجيزة، وهي واحدة من 255 جزيرة في مصر، وتعتبر جزيرة الوراق أكبرها مساحة؛ حيث تبلغ مساحتها نحو 1,600 فدان تقريبا، تمتد بين ثلاث محافظات، إذ تحدها من الشمال محافظة القليوبية والقاهرة من الشرق والجيزة من الجنوب، ويبلغ عدد سكانها تقريبا نحو 90 ألف نسمة، حسب تصريحات أخيرة لمحافظ الجيزة.