رصدت وزارة الخارجية خلال الأيام الماضية العديد من التعليقات حول التحقيقات الجارية بشأن ممارسات فردية لعدد من القائمين على شئون منظمات المجتمع المدنى فى مصر، ومن الملفت للانتباه أن تصدر مثل تلك التعليقات من دوائر رسمية أجنبية تتهم من خلالها الحكومة المصرية بالتضييق على حرية عمل منظمات المجتمع المدنى فى مصر مستخدمة عبارات تتسم بالتعميم المخل، ولا تستند إلى دلائل مادية تدعم تلك الادعاءات، الأمر الذى يوحى بأنها مستقاة من مصادر لها مصالح مباشرة فى الترويج لمثل هذا الانطباع.
وقال بيان صادر عن الخارجية، منذ قليل، جدير بالذكر أنه فى الوقت الذى تشير فيه هذه التصريحات إلى وجود مناخ من التضييق على عمل منظمات المجتمع المدنى فى مصر، يتم إغفال حقيقة وجود أكثر من 47 ألف جمعية أهلية، وما يقرب من 100 منظمة غير حكومية أجنبية، تعمل فى مصر بكل حرية فى العديد من المجالات ذات المنفعة للمجتمع المصرى، كما يتم إغفال أن المنظمات التى يخضع الأفراد المتصلين بها للتحقيق لا تمثل إلا عدد محدود للغاية، ومن ثم فإن التقدير المنصف وفقاً لمبدأ النسبة والتناسب، يدحض كل الادعاءات الواردة فى تلك التصريحات، التى تحاول ترسيخ الانطباع بوجود مناخ غير موات لعمل منظمات المجتمع المدنى فى مصر. وترى وزارة الخارجية أنه كان من المتصور أن تظهر الدوائر الحكومية التى أصدرت تلك التعليقات، وغيرها ممن تصدر للتعليق على نفس الموضوع، اهتماماً بوضع ضمانات للاستخدام الأمثل لأموال دافعى الضرائب لدى الدول الممولة لتلك المنظمات لضمان توجيه نشاطاتها لأداء المهام المخصصة لها، ودون تربح شخصى أو انتهاك للقوانين الحاكمة لعمل تلك المنظمات، لاسيما أن تلك الحكومات تطبق معاير وقواعد لعمل منظمات المجتمع المدنى بها، وسبق وأن أصدرت أحكاماً قضائية نافذة فى حق المتلاعبين بالموارد المالية من العاملين فى بعض تلك المنظمات.
وتجدر الإشارة إلى أن البيانات الصادرة عن الحكومات والمنظمات الدولية وبعض وسائل الإعلام تعقيباً على مناخ عمل منظمات المجتمع المدنى فى مصر، تعد محاولة لتكريس انطباعات خاطئة حول منهج الحكومة المصرية إزاء مسألة التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، فقد أغفل أصحاب تلك البيانات حقيقة أن نسبة رفض الحكومة المصرية لتوفير تمويل أجنبى لمنظمات المجتمع المدنى خلال عام 2015، اقتصرت على ما يقرب من 7% فقط منها، وأن البعض الآخر من المنظمات تلقى ما يقرب من 100 مليون دولار أمريكى بشكل قانونى خلال عام 2015، وهو ما لا يمكن معه بأى شكل من الأشكال الادعاء بوجود تضييق على عمل منظمات المجتمع المدنى فى مصر.
إن التنظيم القانونى لعمل الجمعيات والمنظمات غير الحكومية أمر متبع فى كل الدول، ويكفله الدستور المصرى الجديد بموجب المادة 75، والقانون رقم 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية، والمادة 22 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، ويتعين محاسبة أى من الكيانات التى يثبت ممارستها للعمل الأهلى خارج نطاق القانون، أو تتلقى تمويلاً أجنبياً عبر طرق غير شرعية.
وقال بيان الوزراة إن وزارة الخارجية تؤكد مجدداً، التزام مصر الكامل بدعم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية والمنظمات الأجنبية غير الحكومية التى تعمل بشكل قانونى فى البلاد وفقا لقانون 84 لسنة 2002، وتؤكد على دورها كشريك فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتجدد مصر حرصها على الوفاء بتعهداتها الدولية بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية والإقليمية ذات الصلة، وتطالب كل الدول والمنظمات الدولية باحترام القوانين الوطنية وعدم التدخل فى الشئون الداخلية أو التأثير على حسن سير العدالة.
وأضافت الخارجية المصرية أن هذه الادعاءات تثير علامات استفهام حول مغزى اتباع هذا الأسلوب، وما إذا كان يستهدف بالفعل حماية الحقوق والحريات أم توفير الحماية لأشخاص أو فئات بعينها تعمل لتحقيق مصالح دول تستفيد من عمل تلك الجمعيات والمنظمات بما لا يتسق مع إرادة الشعب المصرى ومؤسساته المنتخبة التى تضطلع بدورها الرقابى على أداء الحكومة، بل يهدف إلى الانقضاض على الإرادة الشعبية فى محاولة لتقويضها وزعزعة الاستقرار فى البلاد.