قضت المحكمة الدستورية العليا ،المنعقدة اليوم السبت ،برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بعدم قبول الدعوى التى تطالب بعدم دستورية نص المواد 296، 297، 298 من قانون العقوبات.
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أنها لا تزن بنفسها – ومن خلال مناهجها الذاتية – ما إذا كان التنظيم التشريعى المعروض عليها لازمًا، وما إذا كان إقراره فى مناسبة بعينها ملائماً، إذ ليس لها إلا أن ترد النصوص التشريعية المطعون عليها لأحكام الدستور، ذلك أن الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح غايتها التحقق من توافقها مع أحكام الدستور، وإحاطتها بحقوق وحريات المواطنين من كافة جوانبها على الوجه الأوفى، ودون قصور ينال من جوهرها أو فى بعض عناصرها بما يعد عدوانًا عليها وامتهانًا لها، غير أن تلك الرقابة لا تمتد بحال إلى مجال عمل السلطة التشريعية بتعديل قوانين أقرتها، كما لا شأن لها بالسياسة التشريعية التى ينتهجها المشرع لتنظيم أوضاع معينة.
وحيث إن مؤدى ذلك ولازمه، أن التجريم ليس عملاً قضائيًا، وإنما هو عمل تشريعى أصيل، يتولاه المشرع، طبقًا لنص المادة (101) من الدستور، فيحدد ملاءمته، ونطاقه، ملتزمًا الضوابط الدستورية السالف ذكرها، ويبين – على نحو جلى، لا غموض فيه – النموذج القانونى، الذى يتلبس الفعل المادى، والركن المعنوى لهذا النموذج، وكافة شرائط هذا النموذج ومتطلباته، ثم يحدد العقوبة المقررة لذلك النموذج، وذلك كله إعمالاً لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، المنصوص عليه فى المادة (95) من الدستور، التى تقضى بأنه “لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون”؛ وإذ أحالت محكمة الموضوع النصوص المطعون فيها، بغية أن يمتد العقاب، المقرر فيها، على شهادة الزور، التى يُدلى بها أمام المحاكم، والتى تثبت فى محاضرها، ليشمل تلك التى تثبت فى غير هذه المحاضر، مثل محاضر الشرطة، ومحاضر التصديقات فى الشهر العقارى، وغيرها، فإن ذلك لا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا ويظل تدخل المشرع حتمًا مقضيًا، ليعمل سلطته التقديرية فى هذا الشأن، بما يملكه من بدائل وملاءمات، مما يتعين معه عدم قبول الدعوى المعروضة.