الذواقة يحتفلون بيوم الباستا العالمي
A A احتفل العالم في 25 أكتوبر (تشرين الأول) بيوم «الباستا العالمي»، وكانت إيطاليا في مقدمة هذه الدول، حيث بدأت التحضيرات والاحتفالات بهذا اليوم في الـ17 من الشهر الحالي.
يعتبر طبق «الباستا» أو المعكرونة في إيطاليا، الطبق اليومي الرئيس الذي يتناوله الشعب، بجميع طبقاته الاجتماعية ومختلف فئاته العمرية.
يطلق الإيطاليون اسم «باستا» على مختلف منتجاتهم التي تتكوّن من عجين قمح مخلوط بالماء أو البيض، ومن ثم تتفرع مسمياتها حسب الشكل.
توثق الجمعية الوطنية للباستا نحو 1300 صنف، تعتبر الأكثر انتشاراً ليس في إيطاليا وحسب بل حول العالم. أكثرها معرفة «السباغتي» و«اللازانيا» و«الروتيني» و«التورتيلني» و«الرافيولي» وأصناف أخرى بعضها يؤكل مع العسل والمكسرات، ونوع من جبن الراكوتا، لكن معظمها يؤكل مالحاً.
تنتشر أنواع «الباستا» الجافة، وتُباع في جميع الأسواق، لكن يتوفر منها ما هو طازج، وهذا هو النوع الذي يدخل البيض في مكوناته، ويحتفظون به مبرداً لأكثر من يوم.
تختلف المصادر بشأن الظهور الأوّل لـ«الباستا»؛ فهناك من يقول بأنّها انطلقت من صقلية، ويقول آخرون بأنّها خرجت من البندقية في العام 1154؛ مجمعين على أنّ صناعتها سابقاً كانت يدوياً، ثم ظهر أول مصنع لإنتاجها في العام 1740. وبدأت آليات تصنيعها تتطور مع الوقت لإنتاج الأنواع المختلفة منها، ولا تزال هذه الآلات تتطوّر لمزيد من الإبداع في أصناف «الباستا»، خصوصاً أنّ تشكيلها يخضع لقواعد صارمة جداّ، إذ يتحكم الشّكل في الاسم، وبالتالي نوع الطبق، وطريقة تحضيره والمواد التي تضاف إليه، وأنواع الجبن الإيطالية العديدة التي تضاف إلى الطبق بعد تحضيره، والخضار التي تختص في تحضير كل طبق، إلى اللحوم والبهارات، ويبقى زيت الزيتون الركيزة الوحيدة الثابتة التي لا تتغيّر في تحضير جميع أنواع «الباستا».
تحتل «الباستا» المركز الأول بين الأطباق الأشهر في إيطاليا، على الرّغم من أهمية البيتزا، ويبقى السؤال لماذا يحب الإيطاليون هذا الطبق إلى هذا الحد؟
تقول الغالبية من الإيطاليين، بأنّ طبق «الباستا» لذيذ ومغذ ورخيص وتتنوع طرق طهيه، وهو بالنسبة لهم يُعتبر طبقاً صحّياً لا يزيد من أوزانهم، ومقتنعون بأنّه من الأطباق التي تشفي من العديد من الأمراض، وأنّ من يكثر من أكلها يظل رشيقاً وسعيداً لاحتوائها على هرمون السيروتونين الذي يُعرف بهرمون السعادة.
أسباب كثيرة، حسب رأيهم، تجعلهم فخورين بهذا الطبق الإيطالي المميّز الذي استطاع منافسة جميع ما تنتجه إيطاليا، وما تشتهر به من السيارات، وتربعها على عرش الموضة، إلى كونها بلداً سياحياً بامتياز لما تتمتّع به مدنها وقراها من سحر وجمال، وتبقى «الباستا» من أهم عوامل التعريف بإيطاليا. يذكر أنّه ظهر في إيطاليا بأوائل القرن 19 نادٍ تخصص رواده في تبادل القوافي غزلاً في الباستا، بل كانوا ينتخبون بالتنافس أميراً لشعرائها. كما ظهرت لها أيضاً أكاديمية متخصصة.
لكن مع مطلع العام 1930، سئمها بعض المفكرين والفنانين فشنوا عليها حرباً، واتهموها بأوصاف مخالفة لما يصفها به عشاقها، ومما قالوه ضدها، إنّها تسبب التخمة وتزيد السموم في الجسم وتؤدّي إلى الخمول، موصين الشعب الإيطالي استبدالها بأكل الأرز. بيد أنّ دعوتهم تلك ماتت قبل أن ترى النور. وحسب آخر تقرير لـ«يورو مونتور» التي تعمل في مجال أبحاث الأسواق، فإنّ الإيطاليين يلتهمون سنوياً 13 مليون طن من «الباستا»، وقد أنفق العالم في العام الماضي نحو 23 مليار دولار على شراء الأنواع المختلفة لـ«الباستا»، وأنّ الولايات المتحدة تلي إيطاليا استهلاكاً لها، فيما تحتل روسيا المرتبة الثالثة، وقد تتفوق على أميركا مستقبلاً.
في يومنا هذا تنتج جميع المناطق الإيطالية الباستا، بما في ذلك البيوت والمطابخ الخاصة، وذلك وفق وصفات «الجدات»، وإبداعاتهن، حسب ما تسمح به قواعد صناعتها الصارمة.
إلى ذلك تفتخر مدينة نابولي بأنّها أفضل مناطق صنع الباستا، تحديداً في منطقة كامبانيا بجنوب إيطاليا، وذلك لمناخها المتميز الذي يعتبر عاملاً حاسماً في جودتها، حيث تساعد التربة الغنية والطقس الدافئ في نمو القمح قاسياً وجافاً على مدار العام، كما تساهم هبّات النسيم الباردة القادمة من البحر الأبيض المتوسط والرياح الحارة من جبل فيزوف، في توفير ظروف مثالية لتجفيفها ببطء، لا سيما وأنّ صانعيها يجففونها في العراء والهواء الطلق.
يبقى سؤال عن أفضل وسيلة لأكل أشهر أنواع الباستا عالمياً أو المعكرنة السباغتي؟
في سابق الزمان أكلها الإيطاليون أنفسهم بعود رفيع من الخشب يتألف من سن وحيدة يغرزونها في الطبق، ثم يدورونها لتلتف حولها السباغتي، ليكتشفوا بعد ذلك أنّ الشوكة بأسنانها الثلاثة مصحوبة بملعقة تسندها، هي الوسيلة الأفضل.
على الرغم من ارتباط عموم أشكال وأنواع «الباستا» بإيطاليا، إلّا أنّ بولندا ضمن استضافتها لمعسكر للفريق القومي الإيطالي لكرة القدم، فقد نجحت في تسجيل رقم قياسي لصنع أكبر لازانيا، استخدموا فيها 2500 طبقة من «الباستا» مسطحة الشكل التي يحضرون بها طبق اللازانيا، و800 كيلو لحم مفروم و500 كيلو طماطم و400 كيلو جبن. إيطاليا مذاقات