تناول السفير هشام بدر سفير مصر لدى إيطاليا خلال كلمته كمتحدث رئيسي بمنتدى المتوسط المنعقد أمس بمقر مجلس الشيوخ الإيطالي في روما، أركان الاستراتيجية المصرية الشاملة، على المستويين الداخلي والإقليمي لاسيما تجاه منطقة المتوسط، حيث استعرض الخطوات التي تبنتها مصر لتنفيذ الاستراتيجية، والتي تأتي إنطلاقًا من الرؤية التي أرستها القيادة المصرية نحو ترسيخ دور مصر في المتوسط والمشاركة الفعالة في جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وجاءت كلمة السفير المصري في إطار انعقاد الدورة الثانية من منتدى البحر المتوسط المنعقد هذا العام تحت شعار “تحالف جديد من أجل مواجهة التحديات الامنية وتحقيق النمو المستدام”، بمشاركة من صانعي القرار الإيطاليين والأوروبيين، وحضور نخبة من ممثلي مراكز البحث الدولية والاكاديميا، فضلاً عن السفراء المعتمدين لدى إيطاليا، كما شهد المنتدى تواجد ملحوظ من ممثلي كبرى الشركات الإيطالية العاملة بالمتوسط وعلى رأسها مجموعة إيني الإيطالية.
وأوضح بدر أن رؤية مصر 2030 التي أطلقتها القيادة المصرية عام 2015، تمثل الإطار العام وخارطة الطريق التي تعتني بالبعد التنموي لمصر وتستهدف إحداث نقلة نوعية بالاقتصاد المصري يقوم على المعرفة والابتكار مع إيلاء أهمية خاصة للمواطن المصري ومتطلباته، ومراعاة الأبعاد البيئية والمجتمعية، حيث استعراض الخطوات التنفيذية التى قامت بها مصر لتنفيذ رؤيتها التنموية في الفترة الوجيزة الماضية، بما شملته من عملية إصلاح هيكلي للاقتصاد المصري وإصلاح المنظومة التشريعية المصرية لتحسين المناخ الاستثماري في مصر، بالتوازي مع إرساء منظومة حماية اجتماعية للمواطن المصري؛ بالتوازي مع إطلاق سلسلة من المشروعات الكبرى كتطوير قناة السويس وبناء عاصمة إدارية جديدة والتطوير الشامل بالبنية التحتية المصرية فضلاً عن المشروعات الضخمة بمجالات الطاقة وتكنولوجيا الاتصالات.
وأشار بدر في كلمته إلى أن مصر تدرك حجم وطبيعة التحولات التي تنتاب المنطقة بما تشمله من تحديات وفرص، ولذا مثل البعد الخارجي في الاستراتيجية المصرية مرتكز رئيسي، مشيرًا أن مصر بحكم موقعها الاستراتيجي في منطقة المتوسط، فقد أولت عناية خاصة لتأثيرات التفاعلات الراهنة بالمنطقة، لاسيما بالمجالات ذات الأولوية المتمثلة في الطاقة والهجرة ومكافحة الارهاب وتعزيز التجارة الدولية، ومشيرًا إلى أن المبادئ التي ترتكز عليها الدبلوماسية المصرية بمنطقة المتوسط فيما بين الشمال والجنوب، تقوم على إعلاء قيم العدالة والاحترام المتبادل وبناء علاقات مع دول المنطقة على أسس شراكة استراتيجية بناءة، لتلبية التطلعات لتحويل المتوسط إلى منطقة استقرار وازدهار.
ونوه السفير المصري، إلى أن العلاقات المصرية الإيطالية تمتلك المقومات والعناصر اللازمة لتحقيق التنمية في المتوسط وتثبيت دعائم الاستقرار والأمن، مشيرًا إلى حجم التعاون الاقتصادي فيما بين البلدين، حيث تعد إيطاليا من كبرى الشركاء التجاريين لمصر بمعدل تجارة يصل إلى 5 مليار يورو، وبإجمالي استثمارات إيطالية في مصر تخطت حاجز الـ8 مليار يورو، فضلاً عن أوجه التعاون الأخرى التي تشمل مجالات الأمن ومكافحة الارهاب والتطرف والجرائم عابرة الحدود، وغيرها من المجالات الحيوية.
واستشهد بالتعاون القائم في مجال الغاز بين مصر وإيطاليا والذي أرسى نموذجًا يحتذى به في المنطقة، موضحًا أن الدور المصري وسعيه للتحول إلى مركز إقليمي لتصدير الغاز في جنوب المتوسط إلى أوروبا، يأتي مكملاً للسعي الإيطالي للتحول إلى مركز إقليمي لاستقبال الغاز بشمال المتوسط، نظرًا لأن مصر تمتلك مصادر الغاز الهائلة ولديها أكبر منشآتين لتسييل الغاز في الجنوب، فيما تمتلك إيطاليا ثلاث محطات لاستقبال الغاز المسال، فضلاً عن امتلاكها للشركات الرائدة بمجال الغاز والتي تعمل بالفعل في مصر.
واستعرض السفير المصري الرؤية المصرية تجاه مجالات الطاقة والهجرة وتعزيز التجارة، حيث أشار إلى أنه فيما يتعلق بالطاقة فإن مصر تسير بخطوات ثابتة نحو التحول إلى مركز لتجارة وتداول الطاقة بمفهومها الشامل في المتوسط، بما تضمه من غاز طبيعي وطاقة متجددة وكهرباء، مستفيدة بموقعها الذي يمثل جسرًا بين الثلاث قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا، وما تمتلكه من منشآت التسييل الوحيدة بالمنطقة، ومخزونات هائلة من الغاز الطبيعي وكذلك بنية تحتية متطورة لنقل وتداول الغاز، فضلاً عن منظومة السياسات والقواعد التنظيمية الملائمة للتحول إلى مركز إقليمي فيما بين دول المنطقة.
وفيما يتعلق بالهجرة، أوضح أن مصر تتبنى مقاربة شاملة توائم بين البعد الانساني للهجرة إثر الأزمات التي تتلاحق بالمنطقة، وبين البعد الأمني وحماية الامن القومي المصري بالإضافة إلى الحد من التهديدات التي تواجه المنطقة إثر استخدام المنظمات الإرهابية والاتجار بالبشر لتلك الظاهرة في تنفيذ أهدافها، مشيرًا إلى أن تلك الجهود الحثيثة آلت إلى أنه لم يخرج من مصر منذ سبتمبر 2016 سفينة هجرة شرعية واحدة تم تسجيلها، وأن مصر نجحت في إيقاف عمليات هجرة غير شرعية جاءت من ليبيا والسودان.
وفيما يتعلق بالتجارة الدولية، أشار السفير بدر أن مصر لديها شبكة فريدة من نوعها تتألف من الاتفاقات التجارية الحرة بين أكبر الاقتصادات الدولية، تتيح تعظيم المردود الاقتصادي للشركات العاملة في مصر حيث يمكن لتلك الشركات أن تمتع سلعها بإعفاءات جمركية بالاسواق الدولية ذات الطلب العالي، هذا فضلاً عن ما الاسهام الجلي لقناة السويس في تعزيز حجم التجارة الدولية، خاصة بعد عملية التوسيع والتطوير التي اجرتها بها مؤخرًا.
وفي ختام كلمته، اكد السفير المصري على أن التعاون الفعال بين مصر والدول الاوروبية أصبح ضرورة لا غنى عنها، سواء لمواجهة التحديات المشتركة أو لتعظيم الاستفادة من الفرص الهائلة بالمنطقة، وأن مصر ستواصل بذلها للجهود الحثيثة لاجتثاث الارهاب والتطرف، ولتكون بوابة الرخاء والرفاهية.