شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء أمس، نظيره القبرصي نيكوس انستسيادس، بافتتاح منتدى الأعمال المصري القبرصي، وذلك بحضور عدد من رؤساء الشركات ورجال الأعمال المصريين والقبارصة.
وصرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس القبرصي ألقى كلمة أكد فيها تطلع بلاده لتعزيز التعاون الاقتصادي مع مصر بما يتناسب مع العلاقات السياسية المتميزة التي تربط بين البلدين.
وأشار الرئيس القبرصي إلى حرص قبرص على زيادة معدلات التبادل التجاري والاستثمار المشترك في البلدين، منوهًا إلى الإمكانات الكبيرة التي يوفرها التعاون بين البلدين في مجالات متعددة، منها الطاقة والسياحة والصناعة والبنية التحتية.
كما ألقى السيد الرئيس كلمة أمام المنتدى فيما يلي نصها:
فخامة الرئيس ” نيكوس انستسيادس”، رئيس جمهورية قبرص
السيدات والسادة،
أود في البداية أن أتوجه لكم بالتحية، وأعرب عن سعادتي بالتواجد بينكم اليوم، في هذا المَحفل الذي يُعدُ مثالًا جديدًا لأطر التعاون المُتعددة بين مصر وقبرص، وأؤكد تطلعي لأن تساهم نتائج هذا الاجتماع في تحقيق نقلة حقيقية في التعاون الاقتصادي بين البلدين، بما يحقق مصالحهما المشتركة.
السيدات والسادة،
إن العلاقات السياسية المتميزة بين مصر وقبرص تمثل نموذجًا يُحتذى به للتعاون البناء والمثمر بين دول البحر المتوسط، حيث شهدت هذه العلاقات تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الماضية على مختلف الأصعدة. ونتطلع في هذا السياق الى توظيف الزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية لبناء شراكة استراتيجية، تشمل تحقيق تقدم كبير في التعاون الاقتصادي، والتبادل التجاري، والاستثمار، ونقل التكنولوجيا.
إننا ندرك أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به مجتمع الأعمال في تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات المشتركة في البلدين. وأود أن أشير في هذا الإطار إلى أن الحكومة المصرية تسعي جاهدةً إلى توفير البيئة الجاذبة والداعمة للأعمال والاستثمارات، من خلال تطوير البنية التشريعية المعنية بتيسير التجارة والاستثمار في مختلف المجالات، فضلًا عن إزالة كافة المعوقات البيروقراطية والإدارية أمام المستثمرين.
واسمحوا لي في هذا السياق أن أعرض باختصار أهم الخطوات التى اتخذتها مصر خلال الفترة الماضية على صعيد الإصلاح الاقتصادي وتيسير الأعمال.
فلا يخفى عليكم أن الاقتصاد المصري قد واجه عددًا من التحديات والمشكلات الهيكلية خلال السنوات الماضية التي شهدت تطورات سياسية متلاحقة في مصر، وفي هذا الإطار، كان واجبًا أن نشرع – منذ عام ٢٠١٤ – في إطلاق برنامج إصلاح اقتصادي جاد، يهدف إلى معالجة الاختلالات الهيكلية والمالية مع مراعاة العدالة الاجتماعية لضمان تمتع كافة فئات المجتمع بثمار التنمية. كما تم إطلاق خطة “مصر ٢٠٣٠” كاستراتيجية وطنية طموحة لتحقيق التنمية المستدامة.
وقد تحققت بعض النتائج الإيجابية الملموسة جراء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، على رأسها ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، وتحقيق قدر من الاستدامة في هذا المنحى، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي نسبة نمو تجاوزت ٤% خلال العامين الماضيين على التوالي، ونستهدف تحقيق معدل نمو بشكل مستدام بنسبة تتراوح بين ٥.٥ و٦% بنهاية البرنامج، فضلًا عن تحقيق الاستقرار النقدي ومعالجة اختلالات سوق الصرف الأجنبي ورفع الاحتياطي النقدي ليصل إلى ٣٦ مليار دولار، وتعزيز قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل جديدة للشباب بمتوسط نحو ٧٠٠ ألف فرصة عمل سنويًا، مع تحسّن أوضاع قطاع الصناعات التحويلية وتنفيذ المشروعات التنموية الكبرى. هذا بالإضافة إلى تحسن أداء الموازنة العامة، حيث انخفض عجز الموازنة بنسبة ١.١% خلال الفترة الأخيرة.
وعلى صعيد الإصلاحات والتشريعات التى اقترحتها الحكومة وأقرها مجلس النواب لتحسين بيئة الاستثمار، فقد صدر قانون الاستثمار الذي تضمن مجموعة من الإصلاحات، وحدد الحوافز المالية الجديدة للمستثمرين من خلال تبسيط الإجراءات وإقامة مراكز خدمة للمستثمرين بنظام محطة واحدة لإصدار جميع التراخيص، وإدخال نظام التسجيل الإلكتروني.
كما أصدرت الحكومة قانون تيسير إجراءات منح التراخيص الصناعية، بهدف تبسيط الإجراءات والتسهيل على المستثمرين، وأصدرت كذلك قانون الخدمة المدنية الذي يهدف إلى إيجاد منظومة عمل محفزة على الإنتاج وضبط نظام الأجور، بالإضافة إلى قانون القيمة المضافة لتوسيع القاعدة الضريبية وحماية الفئات المستهدفة، وقانون تسوية المنازعات الضريبية، فضلًا عن إصلاح منظومة دعم الطاقة.
وتعكف الحكومة حاليًا على الانتهاء من وضع خريطة مصر الاستثمارية لتكون بمثابة دليل للفرص الاستثمارية المتاحة وعرض لأهم الحوافز المقدمة في هذه المشروعات.
واتصالًا بما تقدم، فقد شهدت مصر خلال العامين الماضيين تطورات سريعة في تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى، منها مشروع تنمية محور قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، وعدد من المدن الجديدة في جميع أنحاء مصر. وتقدم هذه المشروعات فرصًا استثمارية واعدة في العديد من المجالات مثل البنية التحتية والإنشاءات، والتعدين، وتكنولوجيا المعلومات، والصناعة والنقل، والطاقة والطاقة المتجددة.
ومن المتوقع أيضًا أن تشهد الفترة القادمة مزيدًا من التحسن في الأداء الاقتصادي مع بدء إنتاج الغاز الطبيعي في عدد من الحقول الجديدة، من أبرزها حقل “ظُهر” وحقل “نـورس”، حيـث يُتوقع أن يرتفع إنتاج الغاز الطبيعي بنحو ٣٠% من نحو ٤٢-٤٣ مليار متر مكعب خلال عام ٢٠١٧ إلى نحو ٥٥ مليار متر مكعب فى عام ٢٠١٨، وهو ما يشير إلى توفير كافة الاحتياجات من الطاقة الكهربائية اللازمة للمشروعات الاستثمارية المختلفة عقب دخول المحطات الجديدة للخدمـة خـلال عـام ٢٠١٨، ويضيف إلى قطاع الكهرباء نحو٥٠% مـن طاقتـه الإنتاجية.
فخامة الرئيس،
لسيدات والسادة،
إن مصر، بحجم سكانها واقتصادها الذي زاد حجمه عام ٢٠١٦ على ٣٣٠ مليار دولار، تعد بحق سوقًا كبيرًا واعدًا، فضلًا عن كونها البوابة الرئيسية لسوق إقليمي ضخم في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية. وفى هذا السياق، فإننا نُعِّولُ على اجتماعكم اليوم ليضع حجر الأساس لمجالات جديدة من التعاون الاقتصادي بين البلدين سواء في المجال التجاري أو التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا، فضلًا عن استفادة الشركات القبرصية من الميزة النسبية التي يُمَثِّلُها توافر العمالة المصرية. كما نتطلع إلى مساهمة الشركات والمستثمرين القبارصة في المشروعات التنموية الكبرى في مصر، إلى جانب إقامة شراكات اقتصادية كبرى في المجالات الإنتاجية والخدمية، وتعزيز التعاون القائم في مجالات السياحة والطاقة والنقل والتعليم والثقافة.
وبقدر اهتمامنا بتعزيز التعاون الثنائي فيما بيننا، فإن منصة التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان تقدم لنا فرصًا كبيرة للاستثمار والإنتاج في العديد من المجالات بينها الزراعة والاستزراع السمكي، والسياحة، والطاقة وإعادة تدوير المخلفات والإدارة البيئية، وهي مجالات واعدة سواء على صعيد الاستثمار أو توفير فرص العمل للشباب.
السيدات والسادة،
لست في حاجة لأن أؤكد لكم أنكم ستجدون من الحكومتين، ومنى شخصيًا وصديقي العزيز فخامة الرئيس “أنستسيادس”، كل الدعم والمساندة لأية جهود من شأنها تعزيز التعاون الاقتصادى المشترك.
وختامًا، فإنني أتمنى لكم التوفيق والنجاح في أعمال منتداكم المهم، مؤكدًا أنكم ستجدون من الحكومة المصرية الالتزام الكامل بتذليل أية عقبات يُمكن أن تطرأ على عملكم بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين.