قال إريك جوميز،الباحث بمعهد كاتو الأمريكي إن تنامي قوة الترسانة النووية لكوريا الشمالية تسبب في إثارة قلق صُناع السياسة والمحللين الأمريكيين إلى درجة معينة، لكن القلق بشأن الاختبار النووي السادس الأخير جدير بأن يُنظر إليه من منظور أوسع وأكثر إثارة للقلق.
ورأى جوميز، في مقال نشرته صحيفة الـ (فيلادلفيا إنكوايرر)، أن الوقت ليس في صالح الولايات المتحدة على افتراض أن واشنطن ترغب في التفاوض.مشيرا إلى أنه كلما تأخرت واشنطن في بدء المحادثات، باتت ترسانة بيونج يانج أكثر تحديثا وزاد بالتبيعة لذلك نفوذها عند التفاوض.
وأضاف:إن تطوير كوريا الشمالية لسلاح نووي حراري ليس مُغيّرًا حقيقيا لقواعد اللعبة لأنه لا يغير طبيعة مشكلة الولايات المتحدة..صحيح أن الأسلحة النووية الحرارية هي ذات آثار تفجيرية أكبر مما للأسلحة النووية أو الانشطارية، لكن كلا النوعين يمكن أن يتسبب في مستويات لا تُصدّق من الدمار.
وأشار إلى أن الغرض السياسي وراء برنامج أسلحة كوريا الشمالية النووي هو ردع أي عمل عسكري أمريكي عبر التهديد بثمن باهظ لا يمكن قبوله على الجانب الأمريكي..هذا الثمن يمكن تكبيده لأمريكا عبر السلاح النووي الحراري أو النووي، وإذا كانت كوريا الشمالية قد طورت أسلحتها الانشطارية بحيث صارت أصغر حجما من ذي قبل، إلا أنها بالأساس تمتلك هذا النوع من السلاح (قبل تصغير حجمه) منذ عام 2006.
وقال جوميز إن السلاح النووي الحراري الكوري الشمالي المختبر حديثا يمكن أن يُحدث أضرارا بالمدن الأمريكية أكثر مما تحدثه الأسلحة النووية الأخرى التي اختبرتها بيونج يانج من قبل..ثم جاء انضمامها إلى نادي القنبلة الهيدروجينة، في آخر حلقة من سلسلة إنجازاتها على صعيد التسلح – ليضفي مزيدا من التعقيد على موقف واشنطن حال التفاوض مع بيونج يانج.
واستنتج الباحث، أن إرجاء الولايات المتحدة للبدء في التفاوض تصحبه زيادة في عدد الموانع التي تتخطاها كوريا الشمالية؛ وهذا بدوره يُصّعب الأمر على واشنطن في التفاوض لصالح بيونج يانج التي كلما طورت أسلحة أحدث كلما زاد الموقف سوءًا على واشنطن في التفاوض.
ولفت جوميز إلى أن تشديد العقوبات الأمريكية والدولية على كوريا الشمالية قد يُبطئ وتيرة خطوات الأخيرة على صعيد تصميم وبناء واختبار قدرات تسّلحية جديدة. مستدركا بالقول :إن بيونج يانج اكتسبت خبرة في المراوغة، فضلا عن أن العديد من إنجازاتها التكنولوجية الأخيرة هي فيما يبدو محلية الصُنع، الأمر الذي يُقلص من أثر العقوبات ويحدّ من قدرتها على وقف هذا التقدم.
وذكر أن إدارة ترامب لم تُعطِ أية إشارة على استعدادها لفتح باب التفاوض مع كوريا الشمالية، فضلا عمّا يُوحي به مَيل الإدارة الأمريكية إلى زيادة الضغوط ردًا على اختبارات بيونج يانج الصاروخية من ترجيح احتمال فرْض المزيد من العقوبات والتهديد بعمل عسكري ردًا على الاختبار النووي السادس.
ورأى جوميز، أن التفاوض مع كوريا الشمالية قد يُمثّل تحديا على الصعيد الدبلوماسي وقد يثير النفور على الصعيد السياسي، ولكن الولايات المتحدة بحاجة إلى التفكير جديا في فتح باب المحادثات مع كوريا الشمالية عاجلا وليس آجلا.
ونبه إلى أن استراتيجية الولايات المتحدة المتمثلة في “ممارسة أقصى قدر من الضغط” قد فشلت في منع كوريا الشمالية من اختبار الصواريخ ولم تحُلْ دون حدوث الاختبار النووي السادس. متوقعا تصاعد وتيرة حرب الكلمات بين واشنطن وبيونج يانج ريثما تختبر الأخيرة صاروخا آخر بما يدفع صوب حلقة جديدة من العقوبات والتصريحات الملتهبة حتى تُكدّس بيونج يانج ترسانة من صواريخ هواسونج الباليستية والرؤوس النووية الحرارية المصغرة.
وخلص جوميز إلى القول إن المفاوضات قد لا تتمخض عن انتصار سياسي كبير للولايات المتحدة، لكن حلقة “الفعل وردّ الفعل” الراهنة دونما تفاوض لا تفعل الكثير لعرقلة التطور التقني الكوري الشمالي .. وكلما تأخرت واشنطن في بدء المحادثات، زاد موقفها سوءا.