نشر موقع سكاي نيوز تقرير بعنوان ( تركيا.. حملة التطهير تضرب أبحاث التاريخ ) وتناول التقرير أنه لنحو عقدين من الزمن، عملت الأكاديمية التركية، آيس غول إلتيني، عبر كتابتها وأبحاثها على تقديم تحليل معمق لتداعيات العنف في بلادها.
وأوضحت بشكل جلي كيفية انتقال الصراعات العنيفة عبر الأجيال، وبدأت العمل على وضع مخطط يحاول كسر هذه الدوامة.
لكن في مايو الماضي، قضت محكمة تركية بسجن إلتيني، وهي أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة سابانجي بإسطنبول، لمدة 25 شهرا.
وكانت التهمة الموجهة إليها مساعدة منظمة إرهابية “عبر التوقيع على عريضة عام 2016 تدعم الوصول إلى حل سلمي للنزاع مع حزب العمال الكردستاني”، الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية.
وإلتيني واحدة بين نحو 2000 أكاديمي تركي وقعوا على العريضة، خضع 700 منهم للمحاكمة، وعزل 450 من وظائفهم، بحسب تقرير موسع لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، الاثنين.
حملة ضد الأكاديميين
وأشار التقرير إلى أن الحملة التي استهدفت “أكاديميين من أجل السلام” ليست سوى جزء بسيط من حملة “التطهير” الأضخم، التي شنها الرئيس رجب طيب أردوغان في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في صيف 2016.
وأوضح أن هذه الحملة خلقت فراغا كبيرا في لحظة محورية من تاريخ تركيا الحديث، خاصة أنها بدأت علنا في مواجهة بعض تاريخها المؤلم، وكان دور الأكاديميين فيها حاسما.
ورأت “نيويورك تايمز” أن حملة القمع المستمرة التي يقودها أردوغان ستلحق الضرر بمعرفة الاجيال الجديدة، وهي ضرورية ليس من أجل التغلب على صدمات الماضي، بل من أجل تحفيف حدة الصراعات.
ومن أكثر القضايا إثارة للاستقطاب في تاريخ تاركيا الحديث، حملة الترحيل والقتل الجماعي التي تعرض لها الأرمن على يد العثمانيين خلال الحرب العالمية الثانية، والقمع المستمر منذ عقود ضد الأكراد.
مفارقة حزب أردوغان
وبعد صعود حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان إلى السلطة عام 2002، تتابعت سلسلة إصلاحات وخفت القبضة على العالم الأكاديمي، وشعر المؤرخون بحرية أكبر لمتابعة موضوعاتهم المثيرة للجدل، ووصل الأمر حد عقد مؤتمر أكاديمي في تركيا يناقش مسألة الإبادة الجماعية للأرمن، الأمر الذي كان محظورا في السابق، ونشر عقب ذلك العديد من الكتب التي ناقشت المسألة.
لكن، وللمفارقة، فإن الحزب الذي فتح هذا المجال هو الذي عاد فأغلقه لاحقا، تقول “نيويورك تايمز”، إذ بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، انقلب النشاط الأكاديمي في هذه الملفات الحساسة، من إشارة على التقدم الاجتماعي إلى “الخيانة العظمى”.
وأصدرت الحكومة التركية قرارات أدت إلى فصل 5800 أكاديمي وأغلقت نحو مئة جامعة ومعهد، بعد محاولة الانقلاب، كما تم إغلاق أقسام القانون والعلوم السياسية في جامعة أنقرة، وأثر ذلك كثيرا على إنتاج الأكاديميين الذين باتوا محاصرين بالخوف، وترك بعضهم العمل الأكاديمي، والأهم التخلي عن الكتابة والتأريخ.