أخبار عربية و إقليمية

ترمب يطرح خطة للسلام الإقليمي على أساس المبادرة العربية

ترمب يطرح خطة للسلام الإقليمي على أساس المبادرة العربية

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً في قرية سرورة جنوب أريحا أمس (إ. ب. أ) أكدت مصادر سياسية في كل من تل أبيب ورام الله، أمس، أن مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، الذي وصل إلى المنطقة، يقوم بمحاولة لدفع الإسرائيليين والفلسطينيين نحو صيغة تتيح استئناف المفاوضات. وقالت مصادر إسرائيلية وفلسطينية، إن الاتجاه الأساسي للمشروع الأميركي، سيكون «خطة سلام إقليمي مبنية على أساس مبادرة السلام العربية».
وأضافت هذه المصادر أن الطرفين لا يدركان بعدُ، معنى التوجه الأميركي الجديد، وأن عليهما ألا يفتشا عن أخطاء الطرف الآخر، بل عن مبادرات ذاتية لدفع المفاوضات. وعلى هذا الأساس، فإن الإدارة الأميركية لا تكتفي بالخطوات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية في يوم الأحد الماضي لتيسير حياة الفلسطينيين الاقتصادية، وتطالب إسرائيل بتسليمهم مناطق واسعة، بغية توسيع أراضي السلطة في الضفة الغربية. وعرض المسؤولون الأميركيون على إسرائيل خرائط لهذه المناطق، التي تريد نقلها من إسرائيل إلى السلطة، وبينها قرية شعفاط ومخيمها، وبلدة كفر عقب القائمة في منطقة القدس والخاضعة إدارياً لبلدية الاحتلال، ودمجهما في إطار مجلس محلي خارج القدس، مع بقائهما خاضعتين للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويعيش في البلدة والمخيم أكثر من 140 ألف مقدسي، كما تتضمن مناطق في شمال الضفة الغربية وبعض مناطقها الجنوبية.
ومع أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نفى هذه الأنباء، فإن أوساط سياسية أكدتها استناداً إلى أكثر من مصدر. وقد صادق وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، على هذه الأنباء تلميحاً، عندما تكلم مع الصحافيين الذين يرافقون الرئيس ترمب في روما. فقال إن «الرئيس مارس خلال لقاءاته في القدس وبيت لحم، مع نتنياهو ومحمود عباس (الرئيس الفلسطيني)، كثيراً من الضغط عليهما، وكان متشدداً، وأوضح لهما أن عليهما التوصل إلى تسوية من أجل التقدم في العملية السلمية». وحسب أقواله، فقد قال الرئيس لنتنياهو وعباس، إنه يعتقد أنه إذا جرى حلّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، فسيتحقق السلام في كل الشرق الأوسط. وتابع: «لقد كان الرئيس حازماً عندما أكد أمام الطرفين أن عليهما إظهار الجدية في توجههما نحو المفاوضات المستقبلية، والاعتراف بأن عليهما تقديم تسويات. لقد مارَسَ الرئيس عليهما ضغطاً كبيراً، وقال لهما إنه حان الوقت للعودة إلى طاولة المفاوضات، وأكد هذه النقطة عدة مرات».
وفي تل أبيب ورام الله، صدرت تسريبات أخرى من لقاءات ترمب، جاء فيها أن الرئيس ترمب وعد رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، خلال اللقاء بينهما في بيت لحم، بالعمل على قيادة خطوة سياسية تعتمد في جوهرها على مبادرة السلام العربية. ويتضح من تصريحات مسؤول فلسطيني، أنه خلال اللقاء في بيت لحم، بشر الرئيس ترمب رئيس السلطة الفلسطينية عباس، أن الخطة السياسية التي يبلورها تعتمد على دفع خطة إقليمية شاملة، في إطار مبادرة السلام العربية أولاً. وحسب أقوال المسؤول الفلسطيني، فقد أكد ترمب أمام أبو مازن، أن الحديث لا يجري عن التنازل عن حل الدولتين كأساس لاتفاق مستقبلي بين إسرائيل والسلطة، بل أن يتم في إطاره إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وأضاف المسؤول أن الرئيس الأميركي معني بفحص إمكانيات أخرى «خارج الإطار»، أهمها دفع خطة السلام العربية أولاً، وبعد ذلك التوصل إلى اتفاق مرحلي تناقش الأطراف في إطاره، طرق التوصل إلى اتفاق يسمح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة والإعلان عن انتهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
وحسبما قال المسؤول الفلسطيني، فقد وصف الرئيس ترمب، أمام أبو مازن، جوهر الخطة التي يبلورها بشكل عام ولم يَخُض في التفاصيل، لكنه حسب أقواله، فإن الأميركيين يسعون إلى دفع خطة السلام العربية، بحيث يتم أولا طرح تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية السنية المعتدلة.
وفي وقت لاحق، وبناء على التقدم في مبادرة السلام العربية، يعمل الجانب الأميركي على دفع المفاوضات المباشرة والمكثفة بين إسرائيل والفلسطينيين، وفقا لجدول زمني يجري تحديده مسبقاً، وتعمل الأطراف في إطاره على التوصل إلى حل للمسائل الجوهرية، وفي مقدمتها ترسيم حدود الدولة الفلسطينية، مكانة القدس والأماكن المقدسة، مصير المستوطنات الواقعة خارج الكتل الكبرى، حق العودة وغيرها.
يُذكَر أن الحكومة الإسرائيلية تواصل احتفالاتها بمرور 50 سنة على احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية، وما تسميه «توحيد القدس عاصمة أبدية لإسرائيل». وقد نشرت معطيات جديدة في تل أبيب، أمس، تؤكد أن «توحيد القدس» كذبة، وأن القدس الغربية والقدس الشرقية هما مدينتان منفصلتان، والمعيشة فيهما تختلف بشكل جوهري. وقد أثارت أقوال نتنياهو في هذا الشأن سخرية بالغة، أمس، فكتب محرر صحيفة «هآرتس» يقول: «الصورة في القدس تعكس فشلاً مدوِّياً. هذه هي العاصمة الوحيدة في العالم الغربي التي لا يعتبر 40 في المائة من سكانها مواطنين في الدولة. في القدس الشرقية يعيش نحو 80 في المائة من السكان تحت خط الفقر، و80 في المائة من البيوت مقامة بشكل غير قانوني، وأكثر من 90 في المائة من الطلاب في القدس الشرقية يقدمون امتحانات التوجيهي الفلسطيني، وفقط 10 في المائة حسب التوجيهي الإسرائيلي. في القدس توجد منظومتان للمواصلات العامة، شركتان للكهرباء، نوعان من المكانة المدنية، ومنظومتا قوانين منفصلة. هذه أيضاً العاصمة الوحيدة في العالم التي لا تعترف بها أي دولة أو أي تنظيم دولي، ولا توجد فيها حتى سفارة واحدة. حتى الرئيس دونالد ترمب لم ينقذ القدس من عدم الاعتراف بها. يوم أمس، وكما في كل «يوم القدس»، سارت في الحي الإسلامي مسيرة الإعلام المتطرفة والمشبعة بالعنصرية والعنف من قبل شبيبة الصهيونية الدينية. وهذا العام سمحوا للمسيرة بالالتفاف حول أسوار البلدة القديمة، حتى باب المغاربة، وعبر مسار يمر في الشوارع الرئيسية للقدس الشرقية. وجرى هذا كله لتوضيح من يسيطر على المدينة. لكن مظاهرات السيطرة والقوة لن تنجح بتمويه حقيقة أن القدس هي مدينة مقسمة. ولا حقيقة أنه آن الأوان لصياغة حل سياسي يعكس واقع القدس، وليس الكليشيهات والشعارات التي تلفها».

زر الذهاب إلى الأعلى