شهدت قارة إفريقيا خلال عام 2016 العديد من عمليات القتل الجماعي والصراعات والإرهاب ، كما أن الانتخابات الرئاسية كانت فيها تميل إلى الاضطراب بدلاً من الاستقرار ، بالإضافة إلى أن أدى تدافع القوى الغربية على القارة الأفريقية جعلها ساحة صراع .. وفيما يلي ما أهم صراعات قارة أفريقيا خلال 2016 :
أولاً : الصراع المستمر في السودان :
أبرز أحداث 2016 على صعيد الصراعات في القارة كان الصراع الدامي والمستمر في السودان ، حيث افتتحت السودان عام 2016 بهجمات مشتركة نفذتها قوات الجيش ضد بعض قرى دارفور ، ولم تكن مشكلة دارفور التي لم تنته بعد هي الوحيدة في السودان ، بل اشتدت المعارضة منذ بداية العام في محاولة للإطاحة بالرئيس ” البشير ” ، مما دفع قوى المعارضة لإعلان إضراب عام في نوفمبر الماضي للضغط على الحكومة بتنفيذ مطالب الشعب ، ولم تكتف السودان بمشكلاتها الداخلية بل مازال هناك صراع مع دولة جنوب السودان ، ورغم إبداء الجنوب الاستعداد للتطبيع الكامل مع الخرطوم وتفعيل اللجان المشتركة التي تم تشكيلها بعد انفصال بلاده خلال شهر يوليو 2011 ، لتصب في صالح تكامل العلاقات بين البلدين بشكل فعلي ، إلا أن المشكلات ظلت تتفاقم وظل رئيس جنوب السودان ” سلفاكير ” يتهم الرئيس السوداني بدعم المتمردين وأن خطوة المصالحة لن تنفع خاصة أن النفط الجنوبي يمر عبر أراضي السودان ، لذا ظل الطرفان متبنيان لسياسة المساومة بدلاً من المصالحة .
ثانياً : الصراع المسلح بين رئيس جنوب السودان ونائبه السابق :
من الأحداث التي احتلت عناوين الصحف العالمية الصراع الدامي بجنوب السودان بين الرئيس ” سلفاكير ” ونائبه ” مشار ” والذي أدي بالبلاد الى مجاعة وتشريد الآلاف وقتل المئات من المدنيين ، ورغم الجهود الدولية لإنهاء الصراع من خلال اتفاقية سلام إلا أن ” مشار ” انتهز ضعف ” سلفاكير ” ، وأيقن أن قراره بقبول السلام نابع من خوف وهشاشة موقف ، فقال ” مشار” أنه يريد خروج الجنود من العاصمة جوبا وإنهاء عسكرة المدينة ، قبل أن يعود إليها لتسلم منصبه كنائب للرئيس وفقًاً لاتفاق السلام ، وبذلك يكون قد وضع عقبة جديدة أمام جهود إنهاء الصراع ، ومنها استمر بالفعل الصراع الدامي والاشتباك يشتعل ما بين الحين والآخر ولم تفلح الضغوط الدولية والتهديدات بفرض عقوبات لإنهاء الصراع بل تم انتهاك وقف إطلاق النار بشكل متكرر حتى أصبحت جنوب السودان حالياً على شفى حرب إبادة جماعية رغم وجود قوات حفظ السلام الدولية .
ثالثاً : إفريقيا الوسطى ما بين الحرب والاستقرار:
عقدت أفريقيا الوسطى انتخابات الرئاسية في بداية العام كان من المفترض أن تنهي العنف الطائفي وتجلب الاستقرار للبلاد التي عانت من الصراع الدامي بين قوات سيليكا المسلمة وانتي بالاكا المسيحية منذ عام 2013 ، إلا أن الانتخابات والتدخل الدولي وقوات حفظ السلام لم تكن الحل لإنهاء الصراع الدموي بين الطائفي ( المسلمين / المسيحيين ) ، كما أن استمرار العنف كان أقوى من كل الجهود الدولية التي لم تستطع أن تسيطر عليه ، بل تفرع منه جماعة جديدة تدعى ( العودة ) تحت قيادة شخص يدعى ” صديقي عباس ” ، ونصبت نفسها لحماية سكان بوهل الأقليات في منطقة غرب إفريقيا الوسطى وقامت بقتل وتشريت المئات أيضاً .
احتجاجات الأورومو تهدد بتفكك إثيوبيا وتقسيمها:
اندلعت مع بداية 2016 احتجاجات واسعة للمزارعين بمناطق أورومو ، بسبب الخطة الرئيسة لتوسعة العاصمة أديس أبابا وتهجيرهم ، ومع مرور الوقت تصاعدت الاحتجاجات وتصاعدت أيضاً طرق القمع من قبل الدولة ، وأدان شعب الاورومو التجاهل الدولي لكل حركات الدولة لإبادتهم وقمعهم ومازال نضالهم مستمر بل ووصل لذروته في نهاية العام .
أزمة أفريقيا مع المحكمة الجنائية الدولية :
شهد عام 2016 خروج (3) دول إفريقية من المحكمة الجنائية الدولية ، وهم ( جنوب إفريقيا / بوروندي / جامبيا ) ، من نظام روما الأساسي ، تلك المعاهدة التي أنشئت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية ، وأعتبر ترك المحكمة أمراً غير مسبوق في تاريخ العدالة الجنائية الدولية ، والذي هدد بانسحاب دول أخرى من المحكمة ، والذي تسبب في تدابير انتقامية مثل تخفيض ( الاتحاد الأوروبي / الولايات المتحدة ) ، لمساعدات التنمية للدول المنسحبة .
التنافس الدولي في القارة الإفريقية:
تناولت غالبية وسائل الإعلام في عام 2016 ، الأهمية الكبرى لقارة أفريقيا والأنظار التي أصبحت تتركز على قيمة القارة ومواردها وما تحمله من كنوز بشرية ومعدنية حتى أصبحت ميداناً للتنافس بين القوى الكبرى ، واحتلت الصين خلال عام 2016 الرقم الأول ، حيث تبلورت العلاقات بين الجانبين ، وتوالت خلال العام الزيارات رفيعة المستوى من الجانب الصيني إلى الدول الإفريقية ، والتي أتت في إطار وعي وإدراك الصين لأهمية القارة الكبيرة وتصميمها على الوفاء بوعودها ، وشهد عام 2016 علاقة مبنية على أساس من التعاون المتبادل والمنفعة ، وأجرى وزير الخارجية الصيني ” وانج يي” ، خلال الفترة من ( 30 يناير : 6 فبراير ) زيارات لدول ( ملاوي / موريشيوس / موزمبيق / ناميبيا ) ، تم خلالها بحث سبل تعزيز علاقات التعاون بين الصين وهذه الدول .
العلميات الارهابية في قارة أفريقيا خلال عام 2016 :
لم تنته معاناة القارة من المشكلات الأمنية في عام 2016 بل احتلت صدارة الأزمات ، كما كان النصف الأول من عام 2016 هو ذروة أحداث الإرهاب والذي جعل القارة غير قادرة على توفير الاحتياجات الأساسية التي تشمل الحرية والعدالة لشعوبها ، وعدم تمكنها من ممارسة الحرية والديمقراطية بشكل كامل ، كما شهد عام 2016 تمدد تنظيم داعش ومحاولة السيطرة على الجماعات الإرهابية سواء ( بوكو حرام ) في نيجيريا أو حركة ( شباب المجاهدين ) الصومالية وغيرهم ، إلا أن انشقاق بعض قيادات التنظيمات الإرهابية بإفريقيا وتكوينها لجماعات منفصلة لا تؤمن بالولاء لتنظيم ” داعش ” ، جعل تلك الجماعات تحمل بذور ضعفها ، وفعلياً الشهور الأخيرة من عام 2016 شهد تحجيم لتلك الجماعات عن سابقه بفضل اختلافهم وليس بفضل الجهود الدولية ، حيث خسر مقاتلو داعش التنظيم في شهر أكتوبر 2016 ، سيطرتهم على بلدة ( قاندالا ) الواقعة في شمال الصومال .
العمليات الانتخابية التي شهدتها قارة أفريقيا:
شهدت القارة الإفريقية العديد من الانتخابات هذا العام اتسم أغلبها بالصراعات والمشكلات جاءت كالتالي :
جامبيا :
شهدت انتخابات جامبيا خسارة الرئيس المنتهية ولايته ” يحيي جامع ” ، وعلى الرغم من سير الانتخابات بالسيطرة والقمع لصالحه ، إلا أن منافسه ” أداما بارو ” استطاع الإطاحة به من خلال صناديق الاقتراع .
الصومال :
تم تأجيل الانتخابات الرئاسية في الصومال أكثر من مرة ، حيث كان من المقرر لها أن تبدأ في نوفمبر الماضي ، ولكن تم تأجيلها للمرة الثالثة ، والرئيس الحالي ” حسن الشيخ محمود ” من بين عشرات المرشحين الذين يتنافسون على منصب الرئيس ، ونتج عن هذا التأجيل تصاعد الاحتجاجات من قبل المعارضة .
الكونغو الديمقراطية :
لأسباب لوجستية أعلن أيضاً الرئيس ” جوزيف كابيلا ” في سبتمبر أن التصويت على الانتخابات سيتم تأجيلها ، إلا أن معظم المواطنين رأوا أن النضال مازال مستمرًّا من أجل الديمقراطية ، ونزل العديد من المواطنين إلى شوارع البلاد ، احتجاجاً على هذه الخطوة ، لكن قمعت مظاهراتهم بعنف من قِبَل قوات الشرطة .