«جارك يراك إرهابيا».. كيف يعيش مسلمو بريطانيا في عصر التجسس؟
تسسب الخوف من العمليات الإرهابية في وقوع البريطانيين بأعمال تجسس على المسلمين هناك، إذ تضاعفت البلاغات لوحدة مكافحة الإرهاب خلال الفترة الأخيرة.
وكشف المتحدث باسم مجلس قيادات الشرطة الوطنية المسؤول عن جهود مكافحة الإرهاب، سايمون كول، أن الشرطة تلقت نحو 200 بلاغ إلى وحدة تعرف باسم «بريفنت» منذ مارس الماضي.
وواجهت وحدة «بريفنت» انتقادات واسعة بتهم التجسس على المواطنين، مما دعا دين هايدون، قائد مكافحة الإرهاب في لندن، إلى استنكار الانتقادات ووصفها بأنها «ناتجة عن الجهل».
وفي نفس السياق قال كول للصحفيين اليوم الأربعاء: «رغم ارتفاع عدد بلاغات المواطنين مازلنا نحتاج أن يتحلى مزيد من الناس بالثقة لإبلاغ خبرائنا الأمنيين إذا ما استشعروا القلق من سلوك شخص ما».
نيران المتطرفين
وشهدت بريطانيا 3 هجمات في أقل من ثلاثة أشهر وتبناها تنظيم «داعش» المتطرف، إذ دهس خالد مسعود، وهو بريطانى مسلم، بسيارته عددا من المارة وطعن شرطيا حتى الموت على جسر ويستمنستر أمام مبنى البرلمان بلندن في 22 مارس 2017، قبل أن تطلق عليه الشرطة النار وتقتله.
ووقع انفجار إرهابي في 22 مايو 2017 أسفر عن مقتل أكثر من 25 شخصا، وإصابة نحو 50 آخرين بقاعة للحفلات الموسيقية فى مدينة مانشستر.
وهاجم 3 إرهابيين المارة على جسر لندن في 3 يونيو الماضي ما أودى بحياة 7 أشخاص وجرح العشرات.
من ناحيتها ناشدت الشرطة البريطانية أي شخص يمتلك صورا أو مقاطع فيديو تفيد التحقيقات أن يرسلها على الفور.
وزادت الأعمال الإرهابية مؤخرا من الضغط على الأجهزة الأمنية يوما بعد آخر بعدما تمكنت العناصر المتطرفة من الإفلات من شبكة الاستخبارات الداخلية «MI5» التي تمتلك قاعدة بيانات بعدد كبير من المتطرفين ينتشرون في البلاد.
الإسلاموفوبيا
وعززت سلسلة الهجمات الإهاربية من ظاهرة الخوف من المسلمين «الإسلاموفوبيا»، ما دفع عددا من الجمعيات الإسلامية هناك لنفي علاقتها بالمتطرفين وراء كل حادث، من أجل التقرب للمجتمع البريطاني.
وتمتد ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في بريطانيا إلى عام 2005 بعد عدد من الهجمات الإرهابية تبناها تنظيم القاعدة المتطرف.
وفي واقعة الدهس الأخيرة توجه مجموعة من الشبان والشابات المسلمين إلى جسر لندن للتعبير عن غضبهم من الجانة بشعارات ولافتات كتب على إحداها «داعش ستخسر وسيفوز الحب في النهاية».
ودهس مواطن بريطاني عددا من المصلين قرب مسجد بلندن في يونيو، مما أسفر عن سقوط عشرة مصابين، وأكد قائد شرطة لندن كريسيدا ديك، عقب الحادث، أن الأجهزة الأمنية ستحمى المسلمين، معتبرا إياه حادثا إرهابيا، ودعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى مواطنيها، عقب الهجوم، إلى نبذ الكراهية والشر.
تجسس بالقانون
وتفرض السلطات البريطانية مراقبة شديدة وفقا للقانون الذي يسمح لها بالتجسس على المواطنين في حال الاشتباه في الضلوع بعمليات إرهابية، ومرر مجلس اللوردات في عام 2015 قانونا وصف بالأكثر تطرفًا فيما يخص اختراق خصوصية مستخدمى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى.
وأضاف سلطات مراقبة للقانون المراقبة القديم «ريما» بما فى ذلك القواعد التى تجبر مزودى الإنترنت على الاحتفاظ بالسجلات الكاملة للمواقع التى يزورها عملاؤها، وهذه السجلات ستكون متاحة لمجموعة واسعة من الوكالات الأمنية، كما يعطى القانون صلاحيات واسعة لمراقبة مستخدمى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، وحل شفرات الرسائل النصية، ومراقبة المحادثات الصوتية المتبادلة بين المشتبه بضلوعهم فى نشاطات إرهابية.
ووقعت الحكومة البريطانية في عام 2009 فضيحة التجسس على مواطنين مسلمين، وكشفت صحيفة الجارديان حينها تخصيص وصفت صحيفة «الغارديان» البريطانية في عددها الصادر أمس البرنامج الاستخباراتي على المسلمين بالنظام التجسسي الأكبر من نوعه في تاريخ المملكة المتحدة.
ووقعت الحكومة البريطانية في فضيحة التجسس على المسلمين في عام 2009، وكشفت «صحيفة الجارديان» إنفاق نحو140 مليون جنيه إسترليني على مشاريع التجسس على المسلمين في البلاد، وأقرت الحكومة باستقائها المعلومات الاستخباراتية حول أبناء الجالية المسلمة، متذرعة بأنها تسعى إلى معرفة الخلفيات الفكرية للمسلمين الذين لم يشاركوا في أي نشاط إجرامي.
وقدمت الشرطة البريطانية اعتذارا بعد أن أعلنت نيتها عن وضعها كاميرات مراقبة بشوارع مدينة برمنجهام للتجسس على المجتمع الإسلامي «يقطن المنطقة غالبية سلفية».
إلا أن الحكومة البريطانية نفسها خصصت برامج لمحاربة «الإسلاموفوبيا»، وأطلقت مجموعات عمل مناهضة لجرائم الكراهية ضد المسلمين عام 2012، بالتعاون مع المجتمع المدني، وفي عام 2016 أطلقت وزارة الداخلية البريطانية خطة عمل تتعلق بمكافحة جرائم الكراهية ومنها جرائم الكراهية ضد المسلمين وكيفية مساعدة الضحايا، كما قدمت الحكومة 2.4 مليون جنيه إسترليني كدعم لأفراد الأمن في أماكن العبادة ومنها مساجد تعرضت أيضا لجرائم الكراهية.