أخبار فنية و ثقافية

جوليا قصّار: لا أنظر إلى الوراء ولا أغطس في الحنين بل أبحث عن التجدّد

جوليا قصّار: لا أنظر إلى الوراء ولا أغطس في الحنين بل أبحث عن التجدّد

قالت الممثلة جوليا قصّار إنها تحرص على أن تكون خياراتها في التمثيل لائقة ومنسجمة مع تطلّعاتها، آخذة بعين الاعتبار توليفة نصّ العمل والفريق المشارك فيه من ممثلين ومخرج ومنتج.
وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما درست خطواتي التمثيلية بدقّة إن في أعمال الدراما أو المسرح والسينما، كما أنني لا ألجأ إلى استشارة أحد في قراراتي الخاصة بعملي. فبرأيي أن اللقاء الذي يجري بيني وبين صاحب العرض يكفيني لأكوّن فكرة واضحة عما ينتظرني في العمل معه». وأوضحت: «أصف تلك اللقاءات بمثابة امتحان يخضع له الطرفان (الممثل وصاحب العمل) تلقائيا، فيسمح لهما في التعرّف إلى بعضهما البعض ليصبّ في خانة (الكاستينغ). وأعتقد أن هناك أمورا معيّنة دفعتني إلى رفض المشاركة في عمل ما وذلك لتمسّكي بالجديّة في أعمالي». ورأت الممثلة اللبنانية التي حازت مؤخرا على جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان دبي الدولي عن دورها في فيلم «ربيع» للبناني فاتشيه بولجورجيان، أن أول ما تبحث عنه في عمل يعرض عليها هو حبكة النصّ التي تشكّل الإطار العام له، والذي على أساسه تبنى الشخصية التي سيتقمّصها الممثل. «النص أولا ومن ثمّ الجهة التي سأتعامل معها وهما بنظري عنصران أساسيان في أي خطوة أنوي القيام بها».
وعن رأيها في الأعمال التلفزيونية اللبنانية أجابت: «لم نتوصّل بعد إلى تقديم قصص تشبهنا في هذا المجال، هناك محاولات خجولة من قبل بعض الكتّاب تدور في هذا الإطار لكنها لم تستطع إصابة الهدف بعد. فنحن في لبنان لدينا مخزون من القصص والروايات التي تشبهنا فلماذا لا نستعين بها؟ وبرأيي أنه يلزمنا جهد كبير في هذا الخصوص كي نرتقي بأعمالنا إلى المستوى المطلوب». وتابعت: «هذا الأمر لا نعاني منه في السينما إذ أن غالبية الأفلام التي تنفّذ اليوم، هي بمثابة مرآة لمجتمعنا وأصحابها يبذلون جهودا كبيرة في هذا الخصوص، وقد حصدوا ما زرعوه بعد أن نال لبنان مؤخرا أربع جوائز رفيعة المستوى في هذا المضمار مما وضعه على الخريطة العالمية للسينما فصار يحسب له حساب».
تمارس جوليا قصّار مهنة التعليم الجامعي منذ نحو عشرين عاما فهي أستاذة مادة التمثيل في كلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية. «هو عمل أحبه كثيرا ويضعني على تماس مباشر مع جيل اليوم، الذي يتمتّع بالوعي الكافي للتمييز ما بين الأعمال السيّئة وعكسها، وخاصة في مجال السينما». وتضيف: «لا أحب أبدا أن أقطع هذه الصلة بيني وبينهم وهو أمر يساهم في اكتشافي لأي جديد يتعلّق بهم». وعما إذا طلابها يزوّدونها بالطاقة ويحفّزنوها على الاستمرار ردّت: «هي بالتأكيد علاقة تواصل بين جيلين مختلفين تماما، فينقلون إلي نبض الشباب عن قرب. فأنا أنتمي إلى جيل فني قديم لديه خبرة واسعة في مجال السينما والتلفزيون والمسرح، إلا أنني لا أذيع سرّا إذا قلت بأن من يزوّدهم بالطاقة هو أنا وأحيانا كثيرة تكون أقوى من تلك التي يتمتّعون بها».
تعرّف جيل الشباب على جوليا قصّار من خلال إطلالاتها السينمائية الكثيرة في الآونة الأخيرة، فتعلّقوا بشخصيتها وفي أدائها الطبيعيين وراء الكاميرا مما دفعهم إلى متابعة غالبية أعمالها دون تردد في أفلام عدة كـ«يللا عاقبالكن» و«محبس» ومؤخرا «نور»، وهي أعمال تخاطبهم بشكل مباشر وتحاكي تطلّعاتهم المستقبلية. «أهتم كثيرا بهذا الجيل وتطلّعاته وأفكاره، أما معرفته بي فهي لا تقتصر على أيامنا الحالية، إذ سبق وتابعني في أعمال مسرحية كثيرة في الماضي، إنما اليوم ومع نهضة السينما اللبنانية التي نعيشها حاليا فتحت أبواب تفاعل واسعة بيننا، وأنا سعيدة بذلك».
وجوليا قصّار التي عاصرت روّاد المسرح اللبناني أمثال ريمون جبارة وشكيب خوري وروجيه عساف وجلال خوري وغيرهم، لا تحبّ بأن يعرّفوا عنها بالممثلة المخضرمة وتوضح: «تضحكني هذه الصفة، فالممثل لا يستطيع أن يكون مخضرما بل متجددا بشكل دائم. فرغم تلك الخبرة الواسعة التي عشتها وما زلت فأنا لا أنظر إلى الوراء ولا أغطس في الحنين، حتى عندما تطالعني صورة ما من أرشيف عملي فأصبح على يقين أكبر بأن تلك الحقبة أصبحت من الماضي فأنا أفكر في المستقبل بشكل مستمرّ».
وتتحدّث قصّار عن فيلم «نور» الذي بدأ عرضه في صالات السينما اللبنانية مؤخرا، من إخراج خليل زعرور. «هو عمل يشبهنا إلى حدّ كبير ويتناول مشكلة نعاني منها ليس فقط في لبنان. ويمكنني وصفها بالـ(حدّوتة) الجميلة التي تحمل صورا حلوة تذكّرنا بطفولتنا. وقد استطاع مخرج الفيلم أن يتعاطى مع هذا الموضوع بعيدا عن الشعارات و(الكليشهات) المستهلكة مبرزا الجانب الاجتماعي الظالم في موضوع القاصرات وإجبارهن على الزواج». وعن فيلمها الجديد «ربيع» والذي سيشاهده اللبنانيون قريبا في صالات السينما قالت: «دوري في هذا الفيلم مناقض تماما للشخصية التي أديتها في (نور) أي الأم المحدودة التفكير، فهي تعيش هاجس افتراقها عن ابنها بالتبني محاولة ردعه عن القيام بعملية البحث عن أهله البيولوجيين عن طريق الكذب والخداع».
وعن الأدوات التي ترافقها في أدائها التمثيلي تقول: «ليس هناك من أدوات محددة على قدر ما أحاول باستمرار أن أعيش اللحظة. فمهما حاولنا أن نستعدّ ونتحضّر لدور ما إلا أن التلقائية والعفوية اللتين تطالعاننا أثناء التصوير تشكّلان لبّ الأدوات التي ترافق الممثل في أدائه الطبيعي فيقدّم ما هو غير متوقّع منه، وأحيانا عدة يكون أفضل مما كان ينوي القيام به. فلطالما كان ينتابني القلق قبيل قيامي بأي دور وهو أمر ما زال يرافقني حتى اليوم وبشكل أكبر».
تتأثّر جوليا قصّار بأي تفاصيل تواكب عملية تصويرها لدور معين وتشرح: «قد تكون برودة الطقس أو جمال الطبيعة أو أشخاص عاديون نلتقي بهم أثناء وجودنا على موقع التصوير بمثابة عناصر تساعد الممثل على استنباط أجواء معينة منها فتلمّع أداءه. فأنا أرصد أي تفصيل صغير يحيط بي أثناء التمثيل وأستفيد منه».
أما العنوان العريض الذي لا تنفكّ تكرّره لطلابها هواة التمثيل فهو ضرورة تحلّيهم بشغف المهنة، الذي يجب أن يرافقهم، حسب رأيها، منذ اللحظة الأولى وإلا فعليهم البحث عن مهنة أخرى. «ممارسة هذه المهنة ليس بالأمر السهل ولا يمكننا الاستخفاف بها لأنها متعبة إلى حدّ يشبه التجنيد الإجباري والأعمال الشاقة فلا يمكننا تحمّل وتيرتها إلا إذا كنا شغوفين بها».
وعن رأيها بالساحة التمثيلية اليوم تقول: «هي بألف خير وفيها مواهب كثيرة، فلا يعتقدنّ أحدهم أنه الوحيد على الساحة متسلّحا بمقولة (أنا أو لا أحد). فالحياة تستمر معنا أو من دوننا. وهي تحمل الجديد دائما وتطالعنا كلّ يوم بأعمال رائعة لممثلين رائعين». ومن بين المسرحيين الشباب الذين يعجبونها كما ذكرت لنا، ندى بو فرحات وكارلوس شاهين وسحر عساف وحنان الحاج علي، وكذلك الأمر بالنسبة لبرناديت حديب وطلال الجردي وجاك مارون وغيرهم.

زر الذهاب إلى الأعلى