أخبار عالمية

«حدائق للنساء في إيران».. محاولة للترفيه أم حيلة للعزل؟

«حدائق للنساء في إيران».. محاولة للترفيه أم حيلة للعزل؟

توصلت السلطات الإيرانية إلى حلول مبتكرة في ظل القيود الصارمة التي تفرضها على السيدات، من حيث المظهر، وإلزامهن بارتداء الحجاب، حتى وصل الأمر إلى المشاكل القضائية.

صحيفة "الجارديان" البريطانية، اليوم الأربعاء، نشرت تقريرًا عن الحدائق الإيرانية المخصصة للسيدات فقط، قالت فيه: إنها "أصبحت تطورا يلاقي نجاحًا شعبيًا في مختلف أنحاء البلاد"، وتعتبر أشهرها وأقدمها هي حديقة "جنة الأم" التي افتتحت في عام 2008.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد افتتاح حديقة "جنة الأم"، جاء بعدها ثلاث حدائق أخرى في أحياء مختلفة، ومن ثم انتشرت إلى مدن أخرى، وفي مدينة أصفهان السياحية الشهيرة، على سبيل المثال، هناك خمسة منتزهات من نفس النوع.

وفي حين أن الحدائق المخصصة للنساء فقط موجودة في بلدان إسلامية أخرى، بما في ذلك باكستان وأفغانستان والمملكة العربية السعودية، من أجل توفير أماكن ترفيهية آمنة للنساء من التحرش الجنسي، ففي إيران، على الأقل ظاهريًا، أنشئت لأسباب صحية أيضًا.

رضا أرجماند، وهو عالم اجتماع في جامعة لوند في السويد ونشر مؤخرًا كتابًا عن الحدائق، قال: إن "نقص فيتامين (د) مشكلة في المدن الإيرانية، حيث تضطر المرأة إلى تغطية نفسها في الأماكن العامة، وغالبًا ما تعيش في شقق ذات نوافذ صغيرة لا تسمح بدخول أشعة الشمس".

وكشفت دراسة أجريت في عام 2001 لوزارة الصحة، عن نمو مثير للقلق في عدد النساء اللواتي يصبن بهشاشة العظام، الأمر الذي اعتبره أرجماند سببًا في بناء هذا النوع من المتنزهات.

وأضاف "تقليديًا لم يكن من الملائم للمرأة الإيرانية أن تتجول في المتنزهات، وبعد الثورة الإسلامية عام 1979 اعتبرت الحكومة أن الحدائق النساء غير ضرورية، ولكن عندما اتضح أن الجيل القادم يواجه مخاطر طبية لأن أمهاتهم غير أصحاء، فإن السلطات أصبحت مهتمة بالأمر".

ووفقًا لعالم الاجتماع الإيراني، فإن المتنزهات توفر أيضًا للسلطات فرصة كبيرة للفصل بين النساء والرجال إلى مستوى آخر، ولهذا السبب فإن العديد من النساء الإيرانيات ينتقدنها بشدة.

"الجارديان" نقلت عن رويا، وهي كاتبة نسوية طلبت تغيير اسمها، القول: "هذه الحدائق هي إهانة وأنا لن أذهب إلى هناك أبدًا، وأرفض أن أكون منعزلة.. إذا وضعت النساء في حدائق منفصلة، فإن الرجال والنساء لن يتعلموا أبدًا كيفية التفاعل بطريقة طبيعية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى حالات خطيرة".

وجاء النقد أيضًا من الإيرانيين المحافظين، إذ قال عالم الاجتماع الموال للحكومة، علي انتزاهي: إن "المتنزهات التي يُسمح فيها للنساء بإزالة الحجاب سوف تؤدي إلى "حالة ارتباك" بينهن، لأنهن قد يبدأن التشكيك في ضرورة تغطية أنفسهن علنًا في جميع الأوقات.

وأشارت "الصحيفة البريطانية" إلى أن المنتزهات ليست صديقة للمرأة كما يوحي اسمها، فعلى الرغم من وجود عدد من ملاعب الأطفال، فإنه لا توجد مرافق تغيير للأطفال الرضع، ولا يسمح للفتيان فوق سن الخامسة بالدخول.

ووفقًا لـ"أرجامند"، فقد أُعلن في البداية أن المرأة سوف تشارك في تطوير هذه المنتزهات، ولكن في النهاية صممها الرجال فقط، مشيرة إلى أنه لدينا العديد من المهندسات المعماريات في إيران، لكنهم لم يطلبوا حتى رأيهن.

كما أن العثور على مواقع مناسبة لهن كالمتنزهات كان أيضًا مشكلة، بسبب ضرورة تجنب أي احتمال لوصول الرجال إليها من خلال أي نافذة أو شرفة من مبنى مجاور، ونتيجة لذلك، فإن العديد من المساحات الخضراء تقع في الضواحي، مما يجعل من الصعب الوصول إليها.

وأيضًا يتم إغلاق الحدائق في وقت مبكر، لمنع حدوث مواجهة بين النساء من دون حجاب والعمال الرجال الذين يقومون بري الحدائق وتنظيفها.

ويرى "أرجامند" أنه بالرغم من كل هذه المشاكل، فإنه على الأقل هناك مجموعة من النساء سوف تستفيد من هذه الحدائق، كما أنه بالنسبة للنساء من الأسر المتدينة، غالبًا ما يكون هذه هي الإمكانية الوحيدة لقضاء بعض الوقت في الخارج بدون غطاء للرأس، مضيفًا "صحيح أن هذه الحدائق تعزل النساء، ولكنها تقدم أيضًا لمجموعة منهن حرية لم تكن لديهن في السابق".

زر الذهاب إلى الأعلى