فاجأ برج بيزا المائل الجميع، فـبعد أن حافظ على كونه برجا مائلا لأكثر من 600 عام، أصبح في طريقه إلى الاستقامة، حيث استقام بمقدار 4 سم، رغم أن ميله وشكله غير المألوف كان عامل جذب هاما طوال هذه السنوات، ولم يتأثر بالزلازل أو الحروب العالمية.
ويرجع قصة إنشائه إلى القرن الحادي عشر، عندما ازداد ثراء الإيطاليون في مدينة بيزا، ونفوذهم أيضا، وأصبحت المدينة واحدة من أهم الجمهوريات البحرية، حتى أنها سيطرت على كورسيكا وجزر البليار.
لم تكتف بيزا بكونها مدينة سياحية، فقد شاركت في عام 1063 في الهجوم على منطقة باليرمو، لطرد المسلمين منها إلى جزيرة صقلية، وبعد انتهاء الحرب عادت جيوش بيزا إلى المدينة مرة أخرى محملة بالغنائم، ونقل الجيش معه خلال رحلته “الفن المعماري البيزنطي والإسلامي”.
كان هذا الانتصار غير مألوف، فأرادوا تخليد هذا الانتصار العسكري، في الوقت نفسه التي اتجهت فيه جمهورية البندقية البحرية في بناء كاتدرائية القديس مرقس، فبدأت مدينة بيزا في تحويل ميدان المعجزة “بيازا داي ميراكولي” إلى منطقة دينية متكاملة من خلال بناء كاتدرائية ومكان مخصص للتعميد، وبرج جرس “بيزا المائل حاليا” ومقبرة.
بدأ العمل في بناء البرج سنة 1173، باستخدام أككثر من 14 ألف طن من الرخام الأبيض، ولكن بسبب وجود كميات هائلة من المياه تحت الأرض في هذه المنطقة، قام المهندس المسئول بوضع أساسات في الأرض تمتد إلى عشرات المترات.
عندما انتهوا من بناء الطابق الأول، بدأ الجزء الجنوبي في الغرق بسبب الأرض الرطبة، فقام العاملون بجعل الأعمدة في الجزء الجنوبي من البرج أعلى بحوالي 2.5 سم من نظيرتها في الجهة اليسرى، ثم ازداد ميل البرج خلال بناءالطابق الثالث وازداد طول الأعمدة الجنوبية 5 سم أخرى.
بسبب الحروب المستمرة للمدينة الإيطالية ضد فلورنسا، تم التوقف عن بناء البرج في عام 1178، ثم استأنف بناءه المهندس المعماري جيوفاني دي سيموني في عام 1272، ثم توقفت مرة أخرى في عام 1284 بسبب هزيمة مدينة البيزا خلال معركة ميلوريا.
في عام 1372، أنهى المهندس المعماري توماسو بيسانو العمل على غرفة الأجراس، وبسبب خوض المدينة أكثر من حرب وانشغالها بها، استغرق بناء البرج أكثر من قرنين من الزمن، ومع بناء كل طابق كان البرج يزداد ميلا حتى شاع عنه البرج المائل وتحول اسمه من برج الجرس إلى “برج بيزا المائل”.