شهد الدولار خلال الفترة القليلة الماضية، تراجعًا لم يحدث من قبل، حيث كسر حاجز 16 جنيهًا لأول مرة منذ تحرير سعر الصرف.
وأرجع الخبراء هذا الانخفاض إلى عدة أسباب كان من بينها ثبات السياسة النقدية.
ويرى إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقـتصادي وعضو الجمعية المصرية لل اقتصاد السياسي، أن التحسن في قيمة الجنيه المصري، يرجع إلى العديد من الأسباب، منها أسباب خارجية خاصة بوضع الأسواق الناشئة عالميًا، لقد تسارعت التدفقات إلى صناديق المؤشرات المتخصصة في أسهم وسندات الأسواق الناشئة، والتي من بينها مصر، نتيجة للتطورات الإيجابية في الاتفاق التجاري بين الصين والولايات المتحدة.
حيث ساعد ذلك على زيادة رغبة المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين الحكومية، والتي أسهمت في تدفق أموال الصناديق الدولية بغزارة للأسواق العالمية، وكان نصيب السوق المصري منها أكثر من 490 مليون دولار.
وأكد أن مصر تعد من أهم الأسواق الناشئة الجاذبة للاستثمار في أدوات الدين الحكومي، وهو ما يفسر استمرار تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى مصر، وهو أحد أهم أسباب الارتفاع الحالي للجنيه أمام الدولار.
وأوضح شوقي، أن من أهم الأسباب الخارجية أيضًا إشادة جميع المؤسسات الدولية بتحسن المؤشرات ال اقتصاد ية لمصر، التي من بينها البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وكذلك مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية.
وتابع: أما فيما يخص العوامل المحلية، فهناك أسباب كثيرة أدت إلى تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والتي من بينها زيادة إيرادات الدولة من العملات الأجنبية عبر تحويلات المصريين العاملين بالخارج، التي يتوقع وصولها بنهاية 2019 وفقًا لبيانات البنك الدولي 26.4 مليار دولار.
حيث تأتي مصر في المركز الخامس عالميًا بعد الهند والصين والمكسيك والفلبين، وتمثل نسبة تحويلات المصريين في الخارج 8,8 % من الناتج المحلي الإجمالي في مصر.
كذلك ارتفاع إيرادات قناة السويس، وتحقيقها أرقامًا قياسية لم يسبق لها تحقيقها من قبل حيث وصلت إلى 5,9 مليار دولار في العام المالي 2018 – 2019.
وكذلك توفير النقد الأجنبي من السياحة نتيجة ارتفاع أعداد السائحين القادمين إلى مصر، حيث صرحت وزارة السياحة أن عائدات السياحة ارتفعت إلى أعلى مستوى في تاريخها عند 12.5 مليار دولار في عام 2019، مما سيؤدي لدفع ميزان المعاملات الجارية، وتحوله نحو تحقيق فائض في العام المالي 2019-2020، والذي من شأنه أن يقلل من الضغوط على سعر صرف الجنيه.
كما أن زيادة حجم الصادرات وتدفق الغاز الطبيعي من حقل ظُهر، وانخفاض سعر برميل البترول عالميًا أدى إلى توفير النقد الأجنبي الموجه لبند المواد البترولية خاصة في ظل إلغاء الدعم على المواد البترولية والمحاسبة بالسعر الحر.
كما يأتي عدم مواجهة مصر أية التزامات خارجية خلال الفترة القادمة، مما يقلل من الضغط على النقد الأجنبي، خاصةً بعد تجديد جميع الودائع الخليجية بالبنك المركزي في الشهور الأخيرة، هذا بالإضافة إلى قرار البنك المركزي خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه الأخير للمرة الثالثة منذ بداية العام.
وقال محمد عبدالعال، الخبير المصرفي، إن أسباب تراجع سعر الدولار يرجع إلى العديد من الأسباب، منها ارتفاع عائد قطاع السياحة واستقرار الاحيتاطي النقد الأجنبي، بالإضافة ارتفاع تحويلات المصريين من الخارج وكل ذلك يعتبر أسباب تقليدية كانت تعمل على تنمية ال اقتصاد خلال الفترة الماضية.
أما الجديد والمهم الذي كان له التأثير الكبير في تراجع الدولار، المبادرات الثلاث التي قام بها البنك المركزي لدعم الصناعات والتصدير والسياحة، كل ذلك كان له دورًا كبيرًا في تراجع سعر الدولار.
وأضاف عبدالعال، أن هناك عاملا مهما جدًا وهو العامل النفسي، الذي تجسد في تجديد الثقة لمحافظ البنك المركزي، مما كان له بالغ الأثر في خلق استقرارًا للسياسة النقدية، ونتوقع تراجع الدولار في آخر 2020 ليبلغ نحو 14 و13 جنيهًا.
وأكد عبدالعال، أنه خلال الفترة المقبلة، سيشعر المواطن بجني حصاد الصبر على تطبيق برنامج الإصلاح ال اقتصاد ي، الذي تحمله مع الدولة عن طيب خاطر، وذلك نابع من إيمانه بضرورة التنمية وأنها لن تتم إلا بالتضحية والصبر وتحمل الصعاب.
واتفق هشام إبراهيم، الخبير ال اقتصاد ي، مع الخبراء السابقين في الأسباب التي أدت إلى تراجع سعر الدولار، مؤكدًا أن الفترة القادمة سوف تشهد تحسن على كافة المستويات والمجالات المختلفة، وسوف يشعر المواطن بشكل خاص والوطن بشكل عام بنتائج الإصلاح ال اقتصاد ي، فقد حان الوقت لكي نستنشق هواءً نقيًا نابعًا من جهد وصبر وكفاح شعب بأكمله.