رئيس «بي إم دبليو»: القيادة الذاتية لسائقي سياراتنا «مجرد خيار»
هارالد كروغر يرسم مستقبلها في القرن 21 الأربعاء – 13 شعبان 1438 هـ – 10 مايو 2017 مـ رقم العدد [14043] هارالد كروغر في سيارة المستقبل – الإضاءة… دور حيوي في سيارات «بي إم دبليو» – مواد جديدة لبناء سيارات المستقبل ميونيخ: «الشرق الأوسط» قال رئيس مجلس إدارة شركة «بي إم دبليو» هارالد كروغر، إنه يتوقع أن تتحول السيارات في المستقبل إلى «روبوتات» ذاتية القيادة. ومع ذلك فقد أكد للإعلام الدولي في لقاء بمدينة ميونيخ في الذكرى المئوية للشركة، أن سيارات «بي إم دبليو» سوف تستمر في الاعتماد على مبدأ الاستمتاع بالقيادة، بحيث يكون لقائد السيارة الخيار في أن يترك سيارته تقود نفسها أو أن يقودها بنفسه. وفي المدى المنظور، لا يتوقع كروغر أن تعتمد سيارات شركته على القيادة الذاتية وحدها؛ وإنما ستقدمها خيارا بديلا للسائق.
وأضاف كروغر: «في المستقبل، سوف يظل سائق (بي إم دبليو) متأهبا للجلوس خلف المقود وفي اتصال دائم بمحيطه، وتدعمه تقنيات وذكاء رقمي من الطراز الأول، ومهما تغير العالم سوف تبقى تجربة (بي إم دبليو) هي الاستمتاع بالقيادة». ووصف كروغر تجربة قيادة سيارات «بي إم دبليو» بأنها «تجربة عاطفية».
وكانت الشركة قد استعرضت خلال مئويتها ما أنجزته طوال القرن الماضي. وهي الآن تتطلع إلى المائة عام المقبلة بالكشف عن بعض النماذج المستقبلية التي تراها مناسبة لحاجات المستهلك.
ويستشرف كروغر مستقبلا تكون فيه السيارات متكاملة التواصل بتقنيات رقمية تكاد تتداخل من خلالها كل أوجه الحياة اليومية. وسوف تعتمد السيارات على الذكاء الاصطناعي وتتعلم من الإنسان وتتوقع رغباته وتعمل على تحقيق الوظائف الموكولة إليها. ويعني هذا استبدال شاشات التعامل بوسائل أخرى بحيث تكون التكنولوجية من خلالها «أكثر آدمية» على حد قوله.
وحول وسائل تصنيع السيارات في المستقبل، قال كروغر إن آلات تجميع أجسام السيارات الحالية سوف تحال إلى التقاعد، ويأتي بدلا منها وسائل تصنيع أحدث تتعامل مع مواد جديدة مثل خلائط الكربون. وسوف تستعين الصناعة بأساليب تصنيع جديدة، مثل الطباعة رباعية الأبعاد والتصنيع السريع. ولا تنتج هذه الوسائل أجزاء سيارات، بل مواد ذكية ومتواصلة تفتح آفاقا جديدة في التصميم والهندسة.
وركز كروغر على العلاقة العاطفية التي تربط بين السائق وسيارته الـ«بي إم دبليو»، التي وصف تجربة قيادتها، كمثل «توقع المنعطف القادم على الطريق، والشعور بقوة المحرك والتمتع بسلاسة الانطلاق». ووعد كروغر بألا تتغير هذه المعادلة في المستقبل؛ لأن التجربة العاطفية للقيادة راسخة في وجدان الشركة وفي تاريخها.
من جهة تصميم سيارات المستقبل، سوف تبدأ الشركة بالتصميم الداخلي أولا، حيث رفاهية السائق والركاب ستكتسب أهمية وأولوية، بحيث لا يكون الشعور هو ركوب سيارة ذاتية القيادة فقط؛ وإنما سيارة مصممة خصيصا من أجلهم. وستكون مقصورة الركاب أكبر حجما بالقياس إلى حجم السيارة نفسها، كما ستحافظ السيارة على شخصيتها الاعتبارية.
وضعيات القيادة
وسيكون تشغيل سيارة المستقبل من «بي إم دبليو» بأكثر من وضعية، منها وضعية «بوست» (Boost) التي يتحكم السائق من خلالها في قيادة السيارة. أو وضعية «إيز» (Ease) التي تتولى فيها السيارة القيادة ذاتيا، وتتحول السيارة إلى صالون مريح من حيث المقاعد والإضاءة والمساحة. وفي المستقبل سوف تتعلم السيارة تدريجيا من أسلوب قيادة السائق، وتقدم له الدعم الذي يحتاجه في الوقت المناسب، بحيث يتحول إلى سائق متميز لا يخطئ.
من معالم سيارة المستقبل أيضا ما تطلق عليه الشركة اسم «الهندسة الحية»، وهي تتكون من نحو 800 مثلث متحرك داخل لوحة القيادة. وتعمل هذه المثلثات في أبعاد ثلاثية وتتواصل مع السائق من خلال الحركة التي تماثل أسراب الطيور في طيران منضبط. وتتفاعل هذه المثلثات مع نظام عرض المعلومات على زجاج النافذة الأمامية بأكمله ومع السائق.
وقد تكون هذه الفكرة «شبه خيالية»، ولكن كروغر يشرحها ببعض العوامل الظاهرة اليوم في عمليات التصنيع السريع التي سوف تكون سائدة في غضون 30 عاما من الآن. ويشبه هذا الأسلوب الطباعة رباعية الأبعاد التي يضاف إليها البعد الرابع، وهو يتضمن الوظائف التي تقوم بها الأجزاء والتي يتعين تصميمها وإنتاجها منفصلة في الوقت الحاضر قبل تركيبها.
وفي الوقت الحاضر، يتم عرض العالم الرقمي على الشاشات.. ولكن في المستقبل سوف يعتمد الأمر على إضاءة دايودية عضوية تتغير ألوانها وأشكالها باستمرار. وبدلا من وجود شاشة ملاحة وشاشة أخرى عليها مؤشرات السيارة، سوف تتحول النافذة الأمامية كلها إلى شاشة معلومات أمام السائق.
ومن خلال هذه النافذة، وعندما يكون السائق متحكما في القيادة في وضعية «بوست»، سوف ترسم له الهندسة الحية الخط المثالي لمسار السيارة على الطريق، وخصوصا على المنعطفات وعند دخول الطرق الجانبية، كما تحذره من السيارات المقبلة على الطريق. وهي نظم مصممة لكي يكون أسلوب القيادة أفضل وليس بالضرورة أسرع.
وتقول أبحاث الشركة إن توفير المعلومات بهذا الأسلوب البصري على النافذة الأمامية أكثر تأثيرا من الصوت البشري الصادر من أنظمة الملاحة الحالية. وفي وضعية «بوست» توجه كل أنظمة السيارة لخدمة السائق وتوفير المعلومات له لتعزيز تجربة القيادة. وتتحرك أجزاء المقعد الأمامي والكونسول الوسطي لتوفير الجلسة المثالية للسائق، ويتعامل السائق مع أنظمة السيارة بالإشارة والحركة.
وبالإضافة إلى المعلومات المتوافرة على النافذة الأمامية، سوف يستفيد سائق المستقبل من التواصل مع محيطه عبر أنظمة السيارة. ففي حالات الضباب مثلا يمكن أن تحذره أنظمة السيارة من عوائق على الطريق قبل أن تظهر أمامه.
وعندما يكتفي السائق من القيادة، يمكنه أن يحول السيارة إلى وضعية «إيز» التي تنسحب فيها عجلة القيادة والكونسول الوسطي لإتاحة مزيد من المساحة، وتتحول الجلسة الداخلية إلى ما يشبه الصالون بينما يوفر نظام المعلومات المحتويات لمن يفضل مشاهدتها.
وسوف تحمل كل سيارة «بي إم دبليو» في المستقبل رفيقا إلكترونيا يسمى «كومبانيون» (Companion) يأتي على شكل ماسة كبيرة متعددة الألوان. وعند تحويل السيارة إلى القيادة الذاتية يرتفع «كومبانيون» من لوحة القيادة تدريجيا ويتعامل مع معلومات النافذة الأمامية بالأضواء، ثم يؤكد للسائق تحويل الوضعية إلى القيادة الذاتية. ويتعرف السائقون الآخرون على وضعية السيارة من خلال رؤية أضواء «كومبانيون» فوق سطح لوحة القيادة، وأيضا من خلال ألوان الأضواء الخارجية. وفي كل الأحوال تشير أضواء السيارة الخارجية إلى وضعية القيادة سواء كانت يدوية أو ذاتية، لكي يتعرف عليها السائقون الآخرون على الطريق.