منذ أن قررت زراعة بعض الأشجار الصغيرة أمام منزلنا البسيط، وزوجتي تشكو من النمل الذي هاجم الشرفات، حيث تعتبر زوجتي أن الأشجار الصغيرة، هي السبب المباشر عن وجود النمل، وتريد التخلص منها وإزالتها، رغم أنها منحتنا “نسمة هواء” نقية تشبه النسيم، تساعدنا على التنفس الصحي، لكن زوجتي لا ترى سوى جانبا واحدا، ألا وهو النمل.
حاولت إقناع زوجتي أن النمل ليس بسبب الأشجار الصغيرة، فقد تكون هناك مستعمرات كبيرة من النمل تستوطن الشقوق والأماكن الرطبة، لذلك اقترحت عليها دهان المنزل، وترميم ما يظهر لنا في حوائط البيت سواء من الداخل أو الخارج.
اقترحت على زوجتي أن نقضي ما تبقى لنا من عمر في قرية لا تبعد كثيرا عن مكان إقامتنا، حيث أمارس هوايتي في الزراعة وتربية الحيوانات، لكنها اعترضت، فهي لا تطيق أن تكون وسط الخضرة والأشجار، كما تشعر أنها وحيدة وهي بعيدة عن العمران، لا أخفي سعادتي حينما أزور قريتي وأمكث فيها بضع أيام، أشعر أن شبابي يتجدد وأعود لممارسة حياتي وعملي بهمة ونشاط.
حين وصلت لسن المعاش، حزمت أمري وحقائبي للحياة والاستقرار في قريتي، بينما زوجتي ما زالت تتشبث بالمدينة الخانقة، بحجة أنها لا تريد ترك أولادنا الكبار الذين أوشكوا على التخرج من الجامعة، العجيب أن ابنتي الكبرى تعشق الزراعة مثلي، وتشجعني على فعل ما يحلو لي، بل اتفقت هي وخطيبها على شراء أرض واستصلاحها وبناء بيت يخصهم، بينما زوجتي تتميز غيظا من تلك الأفكار التي تراها غريبة.