سكان حدود غزة يواجهون محاولات التهجير بتحدي الموت
A A طفل فلسطيني يطل من شباك بيته الذي تعرض لوابل من طلقات القوات الإسرائيلية في غزة (إ.ب.أ) مع ساعات الصباح الباكر من كل يوم، يغلق الفلسطيني زهير أبو شاويش (52 عاما) جميع النوافذ والأبواب بقفل ثقيل، في محاولة لتجنب الرصاص الإسرائيلي، الذي عادة ما ينهمر على سكان شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة قرب الحدود، دون مقدمات.
وعندما يحتدم ذلك يضطر أبو شاويش لأن يحتمي مع زوجته واثنين من أبنائه في غرفة بالطرف الغربي للمنزل، الذي لا يبعد سوى 450 مترا عن الحدود، ويختبئ الجميع في محاولة تجنب الرصاص الذي ينهمر عليهم يوميا.
وعادة ما تتعرض المئات من منازل السكان، الذين يقطنون على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، لإطلاق نار بشكل يومي في ساعات الصباح الباكر، وكذلك في ساعات المساء المتأخر من قبل قوات الاحتلال المتمركزة على طول الحدود، دون أي أسباب، وفيما يبدو وكأنه محاولة «تسلية» إسرائيلية تهدف إلى تهجيرهم.
يقول أبو شاويش لـ«الشرق الأوسط» واصفا معاناته ومعاناة السكان مع هذا الوضع «يبدأ إطلاق النار من دون سبب وينتهي بلا سبب، ولطالما أوقع بيننا جرحى، وفي حال وجود تصعيد ما يقع أيضا شهداء من دون أن تكون لهم أي علاقة بالأحداث الميدانية».
وأضاف أبو شاويش، الذي أصيب مرتين خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بجروح متوسطة جراء استمرار إطلاق النار «الاحتلال يستهدف تهجيرنا، ويريد أن يبعدنا إلى الوراء أكثر في محاولة منه لتوسيع نطاق المنطقة العازلة التي يحاول فرضها على الحدود».
وبحسب أبو شاويش فإن قوات الاحتلال لا تكتفي بعمليات إطلاق النار العشوائي تجاه المنازل، بل تقوم أيضا بعمليات توغل مرتين على الأقل كل أسبوع، وسط إطلاق نار عشوائي ومتقطع يصيب في معظمه المنازل، كما تقوم باعتقال عدد من السكان الذين تصل إلى منازلهم، ثم تفرج عنهم بعد التحقيق معهم.
وتشير إحصائيات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مؤسسات حقوقية، إلى أن قوات الاحتلال نفذت 46 اعتداء على الفلسطينيين القاطنين على طول الحدود مع قطاع غزة خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، و51 اعتداء خلال شهر يوليو (تموز) المنصرم.
وبحسب الإحصائيات فإن الاحتلال نفذ أيضا 37 عملية إطلاق نار خلال الشهر الماضي تجاه منازل المواطنين قرب الحدود. كما نفذ منذ بداية الشهر الجاري ما لا يقل عن 9 عمليات إطلاق نار، استهدفت المنازل شرق رفح وخانيونس ووسط وشمال القطاع.
من جهته، يرى معتز أبو سعيد، وهو أحد سكان شرق مخيم المغازي وسط القطاع، أنهم يتعرضون لحرب خاصة، يهدف الاحتلال من خلالها إلى تهجير السكان من منازلهم وأراضيهم الزراعية قرب الحدود لمنع اقتراب المواطنين منها.
يقول أبو سعيد واصفا معاناة السكان مع قوات الاحتلال «نضطر في الصباح للالتزام بالبقاء داخل المنازل، خوفا من تعرضنا للإصابات، وندخل إلى منازلنا مع غروب الشمس باكرا ولا نخرج، بل نختار أكثر مكان آمن لنبقى فيه»، موضحا أن عددا من السكان تعرضوا خلال الأشهر الماضية لطلقات نارية من بنادق قنص لقوات الاحتلال أثناء تواجدهم أمام منازلهم ليلا، وأن إطلاق النار العشوائي والمتكرر لا يستهدف المنازل فقط، بل أصبح يمتد للمزارعين والأراضي الزراعية.
ونوه أبو سعيد بمحاولات سابقة قام بها الصليب الأحمر بهدف السماح للمزارعين بالوصول إلى المناطق الحدودية لتفقد أراضيهم وزراعتها، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل، وقال بهذا الخصوص «لا أحد يستطيع أن يكبح جماح قوات الاحتلال، فهم يتعمدون إطلاق النار لتهجيرنا من هنا».
من جانبه، قال مركز الميزان لحقوق الإنسان إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعمل على تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتفقدهم مصادر رزقهم على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة. وبحسب المركز فإن قوات الاحتلال تستهدف المدنيين الفلسطينيين في المناطق المحاذية لحدود الفصل مع القطاع، بشتى أسلحتها المتنوعة، وبشكل مباشر أو غير مباشر، فتقتلهم وتصيبهم وتعتقل من يقع تحت أيديها، وتدمر أراضيهم الزراعية وتجرفها، وتقيد وصولهم إلى أراضيهم، كما تهدد حياة العاملين في تلك المناطق، وتفرض عليهم ظروف عمل خطرة وغاية في الصعوبة، بما لا يسمح لهم بالاستمرار في ممارسة أعمالهم وتطويرها، وبالتالي تفقدهم مصادر الرزق التي يعيشون عليها، وتفرض عليهم اختبار أشكال جديدة من الفقر والعوز. فلسطين