قال الإمام الأكبر: “أن الأديان السماوية الثلاثة لها تاريخ فى مدينة القدس، لكن التاريخ الإسلامى يختلف عما سبقه فى المدينة بأنه تاريخ ناصع البياض، فتاريخ القدس قبل الإسلام كان تاريخ صراع ودماء، فبمجرد أن فتح المسلمون القدس أصبحت مدينة مستقرة آمنة يعامل فيها الجميع معاملة كريمة، وظلت كذلك حتى قبل دخول الاستعمار الصهيونى.
وأضاف فى حديثه الأسبوعى على الفضائية المصرية أن تاريخ القدس يبدأ باليبوسيين العرب وهم عرب، لأنهم كنعانيون، والكنعانيون عرب، وهناك دراسات غريبة تريد أن تثبت فى الأذهان أن الكنعانيين ساميون وليسوا عرب، بل بالعكس هم أصل العرب، وهم الفلسطينيون الآن، فقد بدأ تاريخ القدس بداية عربية منذ 5 آلاف سنة، ومنذ ذلك الحين كل ما حدث من غزوات كان أصحابها إما يطردون أو يذوبون فى المجتمع المقدسى العربى، وهذه سنة الله فى المستعمرين، ولم تغير هذه الموجات صفة العروبة فى الشعب الفلسطينى أو المقدسى منذ 5 آلاف حتى الآن.
وأوضح الإمام الأكبر أنه يجب التفرقة بين كون القدس عربية وكونها إسلامية، فالقدس عربية منذ القدم وستظل كذلك، ولا يعنى ذلك أنها بالضرورة كانت إسلامية، فالمقدسيون وُجدوا قبل الإسلام بل وقبل المسيحية واليهودية، فقد دخل الإسلام إلى المدينة سنة 635 ميلادية الموافق 15 هجرية، أى أن عمر الوجود الإسلام 1383 سنة، وسبقه وجود مسيحى ووجود وثنى متمثل فى الدولة الرومانية التى كانت وثنية، وترفض الأديان سواء اليهودية أو المسيحية، فالدولة الرومانية لم تدخل إلى المسيحية إلا فى وقت متأخر على يد الإمبراطور قسطنطين.
وبين أن الإمبراطورية الرومانية كانت دولة غربية وكانت تتبعها مصر وشمال أفريقيا وشمال الجزيرة العربية التى كانت تعد حدود التماس بين الدولة الرومانية والدولة الفارسية، إلى أن دخل الإمبراطور قسطنطين فى الدين المسيحى سنة 323 ميلادية، وبهذا دخلت القدس العهد المسيحى، حيث فرض الديانة المسيحية على الإمبراطورية كلها شرقًا وغربًا وليس على الرومان فقط، ونقل العاصمة من روما فى الغرب إلى القسطنطينية فى الشرق، وبعد أن اعتنق قسطنطين المسيحية لم يؤمن بحرية الأديان، واضطهد من لم يعتنق المسيحية ومن بينهم اليهود، ومن بعده جاء الإمبراطور جوستيان الذى أمعن فى قتل اليهود حتى يقال أنه قتل منهم 20 ألف يهودى، وبالتالى فاليهود لم يأمنوا لا فى العهد الوثنى ولا فى العهد المسيحى.
وأشار الإمام الأكبر إلى أن المسيحيين الشرقيين المقدسيين أو الفلسطينيين الكنعانيين الذين دخلوا فى المسيحية لم ينعموا بالراحة أيضًا بسبب أنه كان هناك عقيدتين، عقيدة الطبيعة الواحدة فى السيد المسيح عليه السلام، وعقيدة الطبيعتين، فالإمبراطور قسطنطين أراد فرض مذهبه فى الاعتقاد على المسيحيين الشرقيين الذين تمسكوا بمذهبهم الذى يخالفه فتعرضوا أيضًا للاضطهاد، وبالتالى لم يسلم أحد من الاضطهاد لا الوثنى ولا اليهودى ولا حتى المسيحى الشرقى، ومن بين المسيحيين الشرقيين الذين اضطهدوا أيضًا المسيحيون المصريون الأقباط، وهذا يوضح كيف أن القدس لم تستقر قبل الإسلام، وأن كل العصور السابقة للإسلام فيها كانت عصور صراع.