استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الثلاثاء، بمشيخة الأزهر، فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، والوفد المرافق له، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين المجر والأزهر الشريف.
وفي بداية اللقاء، رحب فضيلة الإمام الأكبر برئيس وزراء المجر والوفد المرافق له في رحاب الأزهر الشريف، تلك المؤسسة العلمية والثقافية التي تضرب بجذورها في عبق التاريخ، وهي مقصد لطلاب العلم من حول العالم، وقبلة العلماء والباحثين في مختلف العلوم الإسلامية والعربية والتطبيقية، مؤكدا أن جوهر رسالة الأزهر هو البحث عن السلام ونشره انطلاقا من فلسفة الإسلام، وهو ما جعل الأزهر صامدا لأكثر من 1000 عام، ومصدر ثقة لكل المسلمين حول العالم، يوفدون إليه أبناءهم للدراسة فيه والنهل من منابعه الوسطية، ليكونوا بعد ذلك سفراء للأزهر في بلادهم.
وأكد الإمام الأكبر أن الأزهر تبنى استراتيجية لمجابهة التطرف داخليا وخارجيا، فعلى المستوى الداخلي، أنشأ الأزهر بيت العائلة المصرية، بالتعاون مع الكنائس المصرية، لمكافحة التطرف والتشدد الديني، تلك الظاهرة التي أصبحت أحد أبرز سمات التطرف الحديث، كما انشأ مرصدا لمكافحة التطرف ب 13 لغة، يقوم بتفنيد روايات الجماعات المتطرفة والرد عليها، وعلى المستوى الخارجي انفتح الأزهر إيجابيا على مختلف المؤسسات الدينية حول العالم، وعقد المؤتمرات والندوات مع مجلس الكنائس العالمي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، كما عقد ملتقى “شباب صناع السلام” بالتعاون مع كنيسة كانتربري في إنجلترا، وتوجت هذه الجهود بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع البابا فرنسيس، في عام 2019.
وأعرب شيخ الأزهر عن تقديره لموقف المجر من التمسك بقيم الدين والأخلاق، ورفض الأمراض والسلوكيات المجتمعية التي يحاول البعض ترويجها لهدم كيان الأسرة ونشر العلاقات الجنسية خارج منظومة الزواج، وتطبيع الشذوذ الجنسي في المجتمعات تحت لافتة الحقوق والحريات، وهو ما يأتي متسقا مع موقف الأزهر من هذه الأمراض والسلوكيات الخبيثة التي لا تستهدف سوى إقصاء الدين، وتنحية الأخلاق، وتشويه المجتمعات، وتدمير الإنسان بتأليه شهواته، والسعي المطلق وراء إشباعها.
وأضاف فضيلة الإمام الأكبر أن تجار هذه الأمراض لم يكتفوا بترويجها داخل بلادهم ومجتمعاتهم، ولكنهم يحاولون فرضها على مختلف المجتمعات بغض النظر عن تمسك هذه المجتمعات بقيم الدين والأخلاق، ويستغلون في ذلك التأثير القوي للإعلام وبخاصة الإعلام الإلكتروني العابر للحدود ومواقع التواصل الاجتماعي، ويحاولون تطبيعها بشتى الطرق، وفرضها على الأفراد والمجتمعات والشباب والنشء حتى أصبحنا اليوم مضطرين للحديث عن أن منظومة الزواج تقوم على أساس العلاقة بين الرجل والمرأة وليس رجلا ورجل أو امرأة وامرأة! معربا عن تقديره للمجر التي أدرجت في مواد دستورها وقوانينها نصوصا تحافظ على كيان الأسرة، وترفض الشذوذ الجنسي.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء المجري عن تقديره واحترامه لشيخ الازهر وما يقوم به شيخ الأزهر من جهود لنشر السلام في ظل عالم ملئ بالمخاطر، وما يتحمله من أعباء في سبيل نشر التفاهم والأخوة وترسيخ ثقافة التعايش والاندماج الإيجابي، مؤكدا أن المجر يعتز بعلاقاته مع الأزهر الشريف، وتبادل الزيارات مع قادة وعلماء تلك المؤسسة الدينية الأهم في العالم الإسلامي.
وأكد رئيس الوزراء المجري أن المجر تحاول مقاومة توجهات العالم المدمرة والتي لا تتسق مع القيم الدينية والأخلاقية، خاصة في ظل ترويج هذه السلوكيات في العالم الغربي كالشذوذ وهدم قيم الأسرة والترويج للعلاقات خارج إطار الزواج، ونتابع ما تقومون به في هذا الشأن، والتوعية بخطورة هذه السلوكيات، وهي المهمة التي نتشارك فيها معا، مؤكدا أن الخطأ في تسمية هذه السلوكيات بأسمائها الحقيقية وبيان خطرها على المجتمع تحت لافتة حرية التعبير؛ سوف يقود في النهاية للانخداع بها وترويجها بين فئات الشباب والنشء، ولذلك يتضاعف دورنا في التصدي لهذه الأمراض التي تستهدف تشويه المجتمع.
رافق رئيس وزراء المجر خلال لقائه شيخ الأزهر، وفد رفيع المستوى، ضم كلا من؛ السيد بيتر زيجارتو، وزير الشؤون الخارجية والتجاري المجري، والسيد مارتون ناجي، وزير التنمية الاقتصادية، السيد أندراس كوفاكس، سفير المجر لدى القاهرة، والسيد بالاز أوربان، مدير الشؤون السياسية لرئيس الوزراء المجري، والسيد جوزيف كوفاكس، وزير الدولة للإعلام الوطني، والسيد ميكولس ماروث، مبعوث رئيس الوزراء المجري.
كما حضر اللقاء وفد أزهري رفيع المستوى، ضم كلا من؛ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، و الدكتورسلامة داود، رئيس جامعة الأزهر.