لم يتوقف الحديث منذ الأمس عن تعيين عدد كبير من الشباب نوابا للمحافظين، فى تدعيم صريح لدور الشباب، وضخ دماء جديدة فى عروق الأجهزة التنفيذية للدولة والمحليات، بما يمكنها من العطاء والتفاعل مع قضايا ومشكلات المواطن، وعلى الرغم من أن تمكين الشباب وتعيينهم نوابا للمحافظين والوزراء أحد أهم ملامح التغيير الحكومى الراهن، إلا أن هناك العديد من العقبات يجب تذليلها وإزاحتها عن الطريق قبل تصعيد هذه الكوادر.
إذا كنا نريد النجاح لتجربة نواب المحافظين والوزراء فعلينا تهيئة الفرصة لهم بما يدعم دورهم ويسمح بمساحة حقيقية للتحرك واتخاذ القرار والتعامل مع المشكلات، دون أن يقعوا فريسة للروتين المترسخ فى أجهزة الحكم المحلى، ودولة الموظفين ونموذج “عويجة أفندى” البيروقراطى، الذى يهتم بإحالة المشكلة لا حل المشكلة.
يجب أن نوفر الفرصة لنواب المحافظين والوزراء الجدد، بحيث يستطيعوا ممارسة أدوراهم ورقابتهم على كل المواقع التى يعملون بها بصلاحيات كاملة غير منقوصة، ودون أن يتنازعوا مع أحد، أو يدخلوا فى معارك هامشية وجانبية مع السكرتارية أو مديرى المكاتب أو الموظفين الذين يجيدون “الهمس” فى الأذن وإفشال كل الخطط والنماذج الناجحة.
يجب أن نحفز هؤلاء الشباب على العمل واتخاذ القرار والتحرك فى الشوارع والسعى نحو حل مشكلات الناس، والسماع لمختلف الأراء وتقبل النقد بصدر رحب، حتى يمكنهم خلق تجربة ناجحة مكتملة، قادرة على تقديم دور حقيقى فى المحليات كنا نفتقده خلال الفترة الماضية، وعلى أجهزة الدولة أن تدعم تحركاتهم بقوة وتعاونهم فى إنجاز مهامهم، خاصة أن هذه التجربة رهان حقيقى على دور الشباب فى هذا البلد ومدى قدرتهم على تغيير الواقع للأفضل.
الدعم للقيادات الشبابية الجديدة يجب ألا يتوقف عند الحد المعنوى فقط، لكن يجب أن يمتد إلى الدعم المباشر، بأن يكون لهؤلاء الشباب إمكانيات على الأرض، مكاتب مجهزة، ومجموعات شباب للعمل معهم، ووسائل للتنقل والحركة، بالإضافة إلى حافز مادى يليق بما يقدمونه، إن كنا نستهدف تجربة حقيقية يُكتب لها البقاء، فلن ينجح هؤلاء فى إنجاز أعمالهم دون توفير كل الاحتياجات اللازمة، حتى يتفرغوا لخدمة المواطن، وتؤتى هذه التجربة ثمارها كما نأمل، فالشباب بدأ يجد طريقه الحقيقى نحو القيادة، وعلينا أن ندعم هذا الطريق بقوة، وندفع بهم إلى مزيد من التميز والنجاح خلال الفترة المقبلة.