لماذا تجمع السعودية ترسانة ضخمة من الأسلحة؟
السعودية تعقد صفقات سلاح كبرى وتخطط لإنشاء ترسانة عسكرية محلية
النفوذ الإيراني يهددها.. وكاتب: قادرون على ردعها في أقل من يوم
رؤية «2030» تثير التكهنات حول المصير الإقليمي.. وعسكري لبناني: هدفها الدفاع
382 مليون جنيه إسترليني و110 ملايين دولار قيمة صفقات عسكرية في أقل من 6 أشهر
تصدرت المملكة العربية السعودية قائمة أكثر الدول استيرادا للسلاح عالميا مؤخرا بعد صفقة أمريكية ضخمة لتزويدها بترسانة من الصواريخ والمروحيات وأنظمة الدفاع، فيما زادت الرياض من شهيتها بصفقة أخرى إنجليزية كشفتها صحيفة الجارديان.
وذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، اليوم الاثنين، أن المملكة المتحدة وافقت على بيع أسلحة للسعودية بقيمة 382 مليون جنيه إسترليني، في نهاية 2016.
الصفقة الكبرى
ولم تسد الصفقة الإنجليزية الرمق العسكري للرياض فعقدت في مايو الماضي صفقة أخرى تاريخية مع الولايات المتحدة الأمريكية، في مايو الماضي بلغت 110 ملايين دولار.
وتحصل السعودية بموجب الصفقة على أنظمة دفاع صاروخية من طراز "ثاد"، وناقلات جند مصفحة، وصواريخ موجهة، فضلا عن القنابل والذخائر، طبقا لما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" عن مصادر عسكرية أمريكية، كما يتم التفاوض حول منظومة برامج كمبيوتر (سي2 بي. إم. سي) للقيادة والسيطرة أثناء المعارك والاتصالات وأيضًا على حزمة من قدرات الأقمار الصناعية، وكلاهما ستقدمه شركة لوكهيد الأمريكية.
وتشمل الصفقة 133 دبابة أبرامز من طراز «إم 1 إيه 1/ إيه2» على أن يتم إجراء تعديلات توافق المتطلبات الخاصة بالمملكة إضافة إلى 20 دبابة أخرى ستحل مكان دبابات قديمة معطلة لدى المملكة، وستحصل السعودية كذلك على 153 مدفعًا رشاشًا من عيار 50 (12.7 ملم) و266 مدفعًا رشاشًا من عيار 7.62 ملم طراز «إم 240» وقاذفات قنابل دخانية وعربات مصفحة بالذخيرة الخاصة بها.
وتستكمل أيضا المراحل الأخيرة من صفقة شراء أربع سفن حربية متعددة المهام مع خدمات المرافقة وقطع الغيار كانت وزارة الخارجية الأميركية وافقت عليها في عام 2015.
ترسانة متنوعة
وتعود المملكة من جديد إلى قائمة أكثر الدول استيرادا للسلاح والتي تقدمتها عام 2015 بنحو 9.3 مليار دولار مرتفعة بنسبة 50% عن العام السابق له، بحسب تقرير مؤسسة إي إتش إس الصادر في يونيو 2016.
وليست بريطانيا وأمريكا وحدهما وجهة السعودية للصفقات العسكرية، إذ تحاول الرياض تنويع مصادر تزويدها بالسلاح، إذ وقع ولي العهد ووزير الدفاع محمد بن سلمان عقدا مع فرنسا لتزويد حرس الحدود السعودي بعدد 23 طائرة هيلكوبتر من شركة إيرباص بقيمة 470 مليون دولار، في يونيو 2015.
وكانت وسائل إعلام ألمانية تناولت اهتمام السعودية بشراء 800 دبابة طراز ليوبارد 2 بقيمة 25 مليار دولار، ولكن لم تصدر تأكيدات بشأن ذلك نظرا لحساسية تناول معلومات عن صفقات السلاح الألمانية.
وكشف مسؤولون كنديون عن صفقة للمركبات المدرعة الكندية "lav" إلى السعودية تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار، بحسب تقارير صحفية نشرت في يونيو 2016.
وتحاول السعودبة منذ سنوات توسيع ترسانتها المسلحة، إذ أعلنت واشنطن نهاية عام 2011 عن صفقة بلغت نحو 30 مليار دولار لتسليح القوات السعودية بطائرات مقاتلة "إف 15" متقدمة والتي تدخل ضمن مبيعات أسلحة للسعودية بحوالي ستين مليار دولار.
النفوذ الإيراني
التوجه العسكري السعودي فتح نيران الأسئلة عما تضمره الرياض من توسيع ترسانتها المسلحة ووزنها الإقليمي، لكن الكاتب ورئيس ورئيس مكتب العلاقات السعودية الأمريكية سلمان الأنصاري رأى أن المملكة دولة معتدلة وليس لها أطماع توسعية.
وقال سلمان في حوار مع قناة بي بي سي إن صفقات السلاح تستخدمها الدول العاقلة للحفاظ على الأمن الوطني للبلد والإقليم، مشيرا إلى وجود تحديات حالية خطيرة من النفوذ الإيراني في المنطقة ومليشياتها في اليمن وسوريا والعراق، ومن حق المملكة امتلاك ترسانة عسكرية لمواجهة كافة التحديات، مردفا: أعتقد أن القوات المسلحة السعودية بما تمتلك حاليا من عتاد قادرة على ردع التهديدات الإيرانية في يوم واحد.
وأضاف أن صفقات السلاح التي تعقدها المملكة تأتي ضمن سياق مشروع توطين الصناعة العسكرية في السعودية والتي تولاها ولي العهد محمد بن سلمان، للوصول إلى 50% من الاكتفاء الذاتي بالاحتياجات العسكرية، وهو ما يوفر 70 ألف وظيفة للمواطنين السعوديين.
الاكتفاء الذاتي
وتحتل المملكة السعودية مكانة متقدمة في العالم من حيث الإنفاق على التسلح دون امتلاك صناعة عسكرية قوية، وهو مما يدفعا للتراجع في ترتيب قوة الجيوش.
وأنشأت حكومة الرياض شركة صناعات عسكرية وطنية جديدة تحمل اسم الشركة السعودية للصناعات العسكرية، للوصول إلى مصاف أكبر 25 شركة صناعات عسكرية عالمية مع حلول عام 2030.
وكشفت "رؤية السعودية 2030" التي أقرها مجلس الوزراء تطوير "الصناعات العسكرية" من خلال توطين الصناعات العسكرية بنسبة 50% مقارنة بـ2% حاليا، وتوسيع دائرة الصناعات المتقدمة مثل صناعة الطيران العسكري، وإقامة المجمعات الصناعية المتخصصة في المجال العسكري، وتدريب المواطنين وتأهيلهم للعمل في مجال القطاعات العسكرية.
وأشار أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور خالد الدخيل إلى أن هناك توجها لدى حكومة الرياض لدعم منظومة دول الخليج من هذه المصانع لتطوير منظوماتها الدفاعية والعسكرية خلال السنوات المقبلة وللحد من الاعتماد على الشركات الخارجية.
ولفت الدخيل في حديث صحفي سابق إلى أن المملكة لن تستطيع الاستغناء عن الدعم الخارجي على المستوى القريب، لكن برنامج "التحول الوطني" في الاقتصاد والأمن والتجارة والاستثمار والطاقة والصناعات الدفاعية، الذي تسير الرياض ضمن خططه للاستفادة من القطاعين الخاص والعام وتحقيق أهداف المملكة، سيمكنها بالنهاية من التأثير أكثر في الملفات الإقليمية، وتعزيز دورها إقليميًا ودوليا.
طموح دفاعي
وفتحت الصفقات الكبرى شهية أسئلة المحللين عن أبعاد الطموح العسكري السعودي، والذي قلل منه العميد إلياس فرحات القيادي السابق بالجيش اللبناني، قائلا إن السعودية تحاول تكوين ترسانة قوية لكنها ليست الأقوى في المنطقة فتركيا قوة إقليمية أقوى بكثير وتقف بوجه عدد من القوى الدولية.
وعن فرضية محاولة السعودية تكثيف جهودها العسكرية لقيادة زمام المنطقة، قال إلياس في حديث لـ«بي بي سي» إن الرياض لا تمتلك قيادة زمام دول الخليج، فلديها توترات مع قطر وسلطنة عمان، خاصة أن الحليف الأوروربي والأمريكي للسعودية لا يريد أن يحارب إيران بل يمد يد الصفقات معها وعلى رأسهم فرنسا والولايات المتحدة.
وعن خيارات من تتوجه إليه الأسلحة السعودية اليمن أم ما هو أبعد بحرب شاملة مع إيران، أكد الضابط اللبناني السابق أن الرياض لها الحق في مواجهة ما تراه مهددًا لها، مستدركا: «الأسلحة والصفقات بمجملها دفاعية ولا أعتقد وجود طموح توسعي للسعودية حاليا أو نية لغزو دول أخرى».