لماذا يلعب ماكرون دور الوسيط بين الليبيين؟
"لماذا يلعب الرئيس الفرنسي دور الوسيط بين الليبيين؟ وهل يمكن لمحادثات ماكرون إحراز أي تقدم أو أنها لالتقاط بعض الصور فقط؟".. هكذا بدأت وكالة "فرانس برس" الفرنسية، تقريرها، مشيرة إلى الاجتماع الذي عقده الرئيس الفرنسي بين السراج وحفتر لتسوية الأزمة الليبية.
والتقى رئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا فايز السراج، والمشير خليفة حفتر أمس الثلاثاء، في إحدى ضواحي باريس، بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفق ما أعلنت الرئاسة في بيان، مشيرة إلى أنها تسعى للتوصل إلى تفاهم سياسي بين أبرز طرفين في النزاع الليبي.
ووقع السراج وخصمه المشير خليفة حفتر، بيانا مشتركا يلتزمان فيه بوقف مشروط لإطلاق النار وتنظيم انتخابات رئاسية ونيابية في أقرب وقت ممكن.
«داعش».. كلمة السر
وقالت الوكالة الفرنسية، إن أجهزة المخابرات الغربية تخشى من أن يستفيد الجهاديون في تنظيم داعش من تلك الفوضى لإقامة قواعد في ليبيا وهم يطاردون من معاقلهم السابقة في العراق وسوريا، وقد أثار هذا الخوف تحولا في السياسة الفرنسية، ففي مايو الماضي، قالت إدارة ماكرون إنها تستعرض موقفها بشأن النزاع الليبي، ودعت إلى تشكيل جيش وطني موحد -بما في ذلك حفتر- لمحاربة المسلحين الجهاديين.
وذكرت أن "ماكرون كان قد وعد خلال حملته الانتخابية بإعطاء الأولوية لمحاربة المسلحين الجهاديين، وفي الأسبوع الأول، سافر إلى مالي لزيارة القوات الفرنسية التي تشكل قوة عملية (برخان) لمكافحة الإرهاب، التي أنشئت لمواجهة التهديد عبر الساحل، وقال ماكرون في ذلك الوقت إن ليبيا تعد إحدى أولوياته".
وفي سياق متصل صرح مسؤول في قصر الإليزيه قائلا إن "الوضع في ليبيا يبعث على القلق الشديد للمنطقة، لأنها تقع على عتبة أوروبا، وبالتالي فرنسا"، مضيفا "بسبب الاستقرار الإقليمى ومكافحة الإرهاب ومحاربة الهجرة غير الشرعية فإن رئيس الجمهورية يريد اتخاذ مبادرات فورية في ليبيا".
بينما قال ماتيا توالدو، الباحث السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن "هناك سببا آخر جعل الرئيس الفرنسي اغتنم هذه الفرصة لترتيب محادثات بين السراج وحفتر، وهو أنها أسهل قضية على طاولة أولوياته للتصدي لها".
وأضاف توالدو: "إذا تمت مقارنة تلك القضية مع الملفات الأخرى مثل سوريا أو موسكو، فسنجد أن تسهيل تنظيم الانتخابات في ليبيا لا يبدو أصعب مهمة".
القضية الأسهل لماكرون
وتابع: "هناك سبب آخر جعل قضية ليبيا الأسهل لماكرون، ففي 22 يونيو عين غسان سلامة مبعوثا خاصا للأمم المتحدة في ليبيا، ويعتبر سلامة مواطنا لبنانيا، يقيم في باريس ويعمل أستاذا محاضرا في معاهد ومراكز للبحوث السياسية في العاصمة الفرنسية، وله علاقات مع عدة أطراف عربية ودولية".
وأضاف: "لذلك أعتبر موطن سلامة الفرنسي، أحد العوامل الأخرى التي أسهمت في عقد هذا الاجتماع بشكل أسرع بكثير من المحادثات التي حاولت بلدان أخرى ترتيبها، ومن الممكن القول إن هذا يعتبر بمثابة انتصار لماكرون".
وأوضح توالدو أن ماكرون ليس الوحيد الذى سيستفيد برأس مال سياسى خلال هذا الاجتماع، إذ قال "إن أحد الأمور التي جعلت حفتر يتوجه على الفور إلى باريس هو إمكانية الحصول على صورة لمدة خمس دقائق مع ماكرون"، مضيفا "أنها ستعزز من مكانته الدولية بشكل كبير".