عذرًا يا حبيب الله، عفوًا يا رسول الله، تطاول عليك من تعاظم بطشهم، وختم الله على قلوبهم، وأساءوا إليك يا حبيب الله من بدت البغضاء من أفواههم، ونسينا وما تحرك فينا إلا من رحم ربه، وأنت البشير وأنت الحبيب، وأنت السراج المنير.
وأنت نور النور ومصباح القلوب والعقول البشرية، وأنت حامل سر “كن” ومبلغ سر “قم فانذر” أنت من بلغ عن رب البرية، أنت من أعطاه ربه الكوثر، كيف لمثلى أن يصف فحوى هذه العطية، إنها علم وعمل ومعنى، ومن تجليات معجزة العطية تدفق شلالات محبته على مدار القرون، فهي باقية ما بقيت نسمة تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، تجدد كلما صلت عليه الملائكة المسبحون وما بقى فى الأرض عابدين.
يا أحباب لكل قول دلالته إن كنا نحب رسول الله حقًا فلنحفظه فينا باتباع سنته فى جوهر أمور الحياة، بإزجاء المحبة والإيثار ونبذ الخلاف والفرقة، ونقرأ البلاغ القرآنى بعين الحبيب “إنما المؤمنون إخوة” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.
إن كنا نحب رسول الله فلنعكف على الدراسة ولنأخذ بأسباب العلم وسبل المعرفة وهو متاح للجميع فالعلم كامن فى الأشياء لا يحتاج إلا أن نعمل عقولنا كما فعل الأولون، وليس من الإنصاف لرسولنا الذى طالبنا بالعلم إلى درجة اعتباره فريضة أن نترك الأمر برمته لغيرنا وكأن عقولنا خلقت لتعطل وخلقوا هم للتدبر والاعتبار والنظر ونحن به أولى.
يا أحباب تظاهرنا دفاعًا عن النبى ثم نسينا الإساءة ولم نفعل شيئًا فإن أردنا الرد على الإساءة وكنا نحب رسول الله فلنتعلم فقه المهن على تنوعها فنرعى فيها حق الله بالإحسان، وحق المجتمع بالخدمة، ثم مدخرك فى الآخرة فقد قال الصادق المصدوق أربعة تجرى عليهم أجورهم بعد الموت رجل مات فى سبيل الله ورجل علم علمًا فأجره يجرى ما عمل به ورجل ترك ولدًا صالحًا يدعو له”.
إن كنا نحب رسول الله فليكن شعارنا مواجهة كل ما يسيء الينا بالبدائل الراقية المؤثرة والكلمات المتعقلة لا بفوضى التصريحات والأفعال والفتاوى.
إن كنا نحب رسول الله فلنواجه العجز الاقتصادى ولنرقى إلى مستوى الحدث ونتحرك نحو التقدم والنهضة فنحن أمة خير الأنام.
إن كنا نحب رسول الله فلنعرض الفكر الإسلامى الوسطى بعيدًا عن التعصب والتحزب إن كنا نحب رسول الله فلنجعل أعمالنا خالصة لوجه الله الذي حمل سراج النور لمعرفة الله.
إن كنا نحب رسول الله فلنؤسس صندوقًا عربيًا وإسلاميًا من مال الزكاة والركائز والأوقاف لننفق على المعوزين والعلماء والمصانع.
إن كنا نحب رسول الله فلنصنع إعلامًا اخضر رائد للإنسانية قاطبة كي يحفظ قيمها الأخلاقية، إعلامًا يدعو العالم لخير أمة أخرجت للناس وننتج أفلامًا تعرف الدنيا قدر هذا النبى العظيم.
إن كنا نحب رسول الله فلنتحد ونحقق وعد الله بأن يجمعنا الحب والسلام والخيرية وروابط النور والواقعية فى تقدير الأمور حتى لا تستوقفنا الصعاب المرحلية، فإن فعلنا سنستعيد احترامنا ومكانتنا ليرضى عنا الله ورسوله وليعرف العالم أننا دعاة سلام ولسنا دعاة بطش وانتقام.
يا أحباب.. رسول الله كهدأة النسيم المعطر، طيب الله به عيش البشر، ولا أملك إلا أن أقول استميحك عذرًا يا سيدى فما وفيتك قدرك ولكنى على قدرى أصوغ اعتذارى.