مدنيو مناطق «داعش» عالقون بين ممارسات التنظيم… ولهيب المعارك
نازحون من مناطق «داعش» شرق سوريا (حملة تحرير الرقة) بات المدنيون في المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» ضحية المعارك والضربات الجوية في أكثر من منطقة، حيث صاروا يعيشون بين سندان سيطرة التنظيم ومطرقة الخوف من أي قصف أو استهداف قد يجعل منهم في أي لحظة قتلى أو جرحى.
وفي وقت يعيش فيه أهالي الرقة حالة من القلق بانتظار المجهول على وقع المعركة التي تقترب يومياً من منطقتهم، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بـ«مقتل 80 مدنياً على الأقل بينهم 33 طفلاً، جميعهم من أفراد عائلات مقاتلي تنظيم داعش إثر تنفيذ قاذفات تابعة للتحالف غارات فجر الجمعة على المبنى البلدي في مدينة الميادين» في محافظة دير الزور، «وذلك بعد ساعات من مقتل 37 مدنياً غالبيتهم من عائلات عناصر التنظيم جراء غارات للتحالف أيضاً استهدفت المدينة ذاتها». ولفت «المرصد» إلى أنه من قتلى الخميس 26 مدنياً من عوائل عناصر التنظيم من جنسيات سورية ومغاربية والبقية من المدنيين، وهم 9 سوريين بينهم 5 أطفال و3 نساء».
ويقول أبو محمد الرقاوي، الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت»: «أهالي الرقة باتوا يعيشون بقلق من المجهول في ظل الضغط الذي يتعرضون إليه من قبل التنظيم في الداخل والخوف من أن يكونوا ضحية للمعارك التي تقترب يوماً بعد يوم من منطقتهم». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «(داعش) بات يمنع الأهالي من الخروج من الرقة قاطعاً أمامهم معظم الطرق، بحيث رفع بوابة حديدية كبيرة عند مخرج الرقة الشرقي وساتراً ترابياً عند منطقة باب بغداد مانعاً مرور الناس والسيارات، وكان قد أجبر عناصره نحو 200 شخص من العودة إلى الرقة بعدما كانوا يحاولون الهروب وتعرضوا للضرب والعنف».
وأشار إلى أن التنظيم الذي يعاني من نقص في عناصره «عمل على فتح ممرات بين المنازل التي باتت فارغة من أهلها كي يتنقلوا بسهولة وخوفاً من استهدافهم، كما يكثّف في هذه المرحلة حملاته لتوسيع دائرة المجندين لديه واستقطاب مزيد من الشباب في صفوفه عبر الجوامع أو المواكب السيارة التي تجوب الشوارع، كذلك عبر إجبار السجناء على مبايعته مقابل الإفراج عنهم». وتابع أن «التجنيد الإجباري» الذي يعتمده التنظيم بات سلاحاً ذا حدين بالنسبة إليه، فهو «في وقت يحتاج فيه إلى المقاتلين يخاف في الوقت عينه من أن ينقلب هؤلاء عليه بعد تسلّمهم السلاح، وهو الحديث الذي بات يتم تداوله في الرقة، لا سيما بعدما أعلن قبل أيام قليلة عن اغتيال أحد قيادييه، وهو ما قد يتحوّل إلى أسلوب وطريقة يعتمدهما شباب الرقة في مواجهة التنظيم من الداخل». وكانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عبرت عن قلقها إزاء تقارير موثوقة تفيد بأن «(داعش) يمنع المدنيين من مغادرة مناطق تحت سيطرته»، مشيرة إلى أن ذلك ينتهك القانون الدولي.
وفي ظل الإعلان شبه اليومي عن سقوط مدنيين في المناطق الخاضعة لـ«داعش»، كان آخرها في دير الزور يومي الخميس والجمعة، دعا الأمير زيد بن رعد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أمس، كل القوى الجوية العاملة في سوريا إلى إيلاء اهتمام أكبر بالتمييز بين الأهداف العسكرية المشروعة والمدنيين عند تصعيدها للضربات الجوية التي تستهدف تنظيم داعش.
وذكر متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويقاتل «داعش» في تصريحات لوكالة «رويترز» أن قوات التحالف نفذت ضربات قرب الميادين يومي 25 و26 مايو (أيار) وتجري تقييماً للنتائج.
وأحصى «المرصد» في الفترة الممتدة بين 23 أبريل (نيسان) حتى 23 مايو، مقتل 355 شخصاً؛ هم 225 مدنياً بينهم 44 طفلاً و36 امرأة. كما قتل 122 من مقاتلي التنظيم و8 مقاتلين موالين لقوات النظام جراء ضربات التحالف في الفترة ذاتها.
ويؤكد التحالف الدولي الذي بدأ تنفيذ ضربات ضد «داعش» في العراق في أغسطس (آب) 2014 قبل أن يوسع حملته إلى سوريا، أن التنظيم يستهدف المدنيين ويستخدمونهم دروعاً بشرية، مما يجعل من الصعب تجنب وقوع إصابات بين المدنيين.
وأعلن الجيش الأميركي مطلع الشهر الحالي أن ضربات التحالف في البلدين منذ عام 2014 أوقعت «بشكل غير متعمد» 352 قتيلاً مدنياً. لكن منظمات حقوقية تؤكد أن عدد القتلى أكبر بكثير.